فينيسيوس والعنصرية
يبدو أن لاعب ريال مدريد البرازيلي فينيسيوس جونيور قد استحلى موضوع العنصرية، وأَلِف تعاطف الكثير من الناس معه بعد هتافات بعض جماهير كرة القدم في الملاعب الإسبانية ضده، وشتمه بسبب لون لون بشرته ووصفه بأوصاف مقززة، وبدأ شعور البطل المناضل يدفعه في كثير من خرجاته الإعلامية إلى “غير جيب أفمي وقول” .
حوار صحفي مع قناة سي إن إن الأمريكية يثير جدلا كبيرا حاليا في كل وسائل الإعلام العالمية، وصف فينيسيوس المرشح لنيل الكرة الذهبية، المجتمع الإسباني بالعنصري، داعيا إلى انتزاع تنظيم كاس العالم 2030 من إسبانيا إذا “استمر الحال على ماهو عليه و لم تختف منها العنصرية”.حسب رأيه.
فينيسيوس بكل هذا الإندفاع، وسخونة الرأس، لا يعرف أن تلك الملايين من الناس الذين وقفوا بجانبه وساندوه ضد الكمشة القليلة من الجمهور الذين هتفوا في حقه بعبارات مقززة، فعلوا ذلك تعبيرا عن مبدئهم في رفض كل أشكال العنصرية في المجتمع ، ولم يفعلوا ذلك لكون الضحية هو لاعب في ريال مدريد. ولم يدخلوا في الكثير من تفاصيل سلوكات فينيسيوس الإستفزازية داخل المباريات لكي لا يتم تفسير الأمر ب”حتى هو يستاهل” أو إعطاء تبرير للجمهور الذي يهاجمه.
لكن الواضح أن فينيسيوس “عيق” بلعب دور الضحية، وتكرار بكائياته حول العنصرية والتمييز و” الحݣرة” التي يتعرض لها أصحاب البشرة السوداء في إسبانيا، لدرجة أن الكثير ممن ساندوه فيما قبل، أصبحوا ينصحونه بإغلاق فمه قليلا، والتزام الهدوء في المباريات مع جماهير الخصوم ومع الحكام، وأن يتفرغ لواجبه الكروي تجاه ناديه الذي لن يصبر على “صداعه” طويلا إذا ما استمر في إطلاق الكلام على عواهنه.
المجتمع الإسباني ليس مجتمعا عنصريا، رغم بعض الفئات القليلة المتضايقة من وجود المهاجرين بأعداد كبيرة أو ما يمكن وصفه بالعنصرية الطارئة لأسباب إقتصادية، بالإضافة إلى بعض “الباسلين” الذين يروقهم استخدام تعابير عنصرية في السخرية والتفكه، والإسبان على العموم شعبٌ بسيط ومرِح ومتقبل للآخر، وثقافيا لا يحمل العنصرية في جيناته القديمة، ببساطة لأنه أيضا شعب جرب الهجرة واللجوء والمنافي طوال فترات كبيرة من التاريخ، والإسبان حاليا من أقل شعوب أوربا عنصرية ورفضا للآخر.
أتوقع أن ريال مدريد ورئيسه فلورينتينو بيريز، بعد تصريحات فينيسيوس جونيور الأخيرة التي تجاوز فيها الخطوط الحمراء إلى الإضرار بصورة إسبانيا، سيأخذ الولد البرازيلي المثير للجدل من أذنه وسيحذره من تكرار الحديث عن موضوع العنصرية، وإلا فإدارة النادي المعروف ألا قلب لها على النجوم مهما علا شأنهم، ستقول له : الباب أوسع من حماقاتك.