“لا يحمي المرأة”.. جمعية حقوقية تعدد اختلالات مشروع المسطرة الجنائية في قضايا العنف
يتواصل استياء مكونات المجتمع المدني بشأن التعديل الجديد الذي جاء به قانون المسطرة الجنائية، وصادقت عليه الحكومة الخميس 29 غشت 2024، ليشمل هذه المرة موقع حماية المرأة المغربية في قضايا العنف من نص التعديلات الجديدة المحال على المسطرة التشريعية لمجلس النواب.
وأعلنت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة اليوم الإثنين 2 شتنبر 2024، في بلاغ توصلت صحيفة “صوت المغرب” بنسخة منه، رفضها تعديل قانون المسطرة الجنائية بدون الأخذ بعين الاعتبار مقاربة النوع الاجتماعي، “بما يعزز من فرص حماية النساء وإنهاء معاناتهن و بالتالي اضطلاعهن بالأدوار المنوطة بهن داخل المجتمع المغربي”.
ولفتت الجمعية الحقوقية إلى أن مشروع قانون المسطرة الجنائية “لا يترجم أي حماية قانونية لفائدة المرأة المغربية في قضايا العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي”، مشيرة إلى أن إطلاق ورش تعديل نص من هذا المستوى بدون إعمال مقاربة النوع الاجتماعي، في صياغة مجموع التعديلات الواردة عليه يبين أنه “نص لا يترجم الحماية القانونية المرجوة لفائدة المرأة المغربية”.
وذلك باعتبار، تضيف الجمعية أن “إعادة النظر في قانون مسطري أساسي يرتبط بشكل مباشر بالحقوق والحريات العامة والخاصة، التي يكفلها الدستور المغربي وعدد من الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، لم تعد تسمح بأي شكل من الأشكال أن يحال مشروع قانون يحدد الآليات المسطرية الأساسية، والضمانات القانونية للمحاكمة العادلة، ومن تم سبل وآليات تحقيق العدالة”، بدون الأخذ بعين الاعتبار التوجه الاستراتيجي للدولة الهادف “لتمكين المرأة من مختلف حقوقها إسوة بنظيرها الرجل”.
وسجلت عدة ملاحظات على نص قانون المسطرة الجنائية بينها عدم إخضاع قضايا العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي إلى مقتضيات خاصة على مستوى آجال تقادم الجرائم، تستحضر خصوصية هذه الأفعال التي تجعل الضحايا تتأخر في التبليغ عنها مما يترتب عنه الإفلات من العقاب، وعدم التنصيص على حظر الوساطة والصلح في جرائم العنف الجنسي و الجسدي ضد المرأة، وعلى إحداث صندوق لجبر ضرر الضحايا في حالة تعذر تنفيذ التعويضات المحكوم بها، إضافة إلى غدم التنصيص على أي شكل من أشكال مراعاة مركز الضحية في المنظومة الجنائية ما يتسبب في ضعف ضمانات المحاكمة العادلة، حسب المصدر ذاته.
كما لم يتم التنصيص على إمكانية استفادة الناجيات من العنف من المساعدة القضائية بقوة القانون، وكذلك على اعتماد أي قواعد اختصاص محلي ونوعي تتصف بالمرونة لتشجيع المواطنين للتبليغ عن العنف الممارس ضد النساء، وعلى منع منح أي ظروف للتخفيف في جرائم الاعتداء الجنسي، فضلاً عن انعدام أي أجهزة لإنفاذ القانون أو أجهزة قضائية متخصصة لمعالجة قضايا العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، مع عدم التنصيص على جهاز للشرطة القضائية متخصص في قضايا العنف ضد النساء بصلاحيات واضحة، على غرار ضباط الشرطة المتخصصين في قضايا الأحداث.
ومنذ المصادقة عليه في المجلس الحكومي الخميس الماضي، أثارت تعديلات مشروع قانون المسطرة الجنائية نقاشاً واسعاً بشأن مضمونه بين الحقوقيين والمحامين، وفي قراءته لهذا المشروع اعتبر عبد الإله بنعبد السلام المنسق العام للائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، الجمعة 31 غشت الماضي، أنه لا يستجيب لتطلعات الحركة الحقوقية ومختلف مكونات العدالة، مشيراً إلى أنه لم يتضمن إجراءات من شأنها ضمان المحاكمة العادلة، إضافة إلى عدم تنصيصه على الزامية حضور المحامي خلال مرحلة البحث التمهيدي.
ومن جهتها، عدت الجمعية المغربية لحماية المال العام التعديل تجريداً للمجتمع أفراداً وجماعات من كل الأدوات والإمكانيات القانونية والمسطرية والحقوقية للتصدي للفساد وللصوص المال العام، والمطالبة بربط المسؤولية بالمحاسبة “بعدما اتضح للمستفيدين من واقع الفساد أن الظرفية الحالية تسمح بتمرير هكذا قوانين تشكل في عمقها ردة حقوقية ودستورية”.
كما اعتبرت فيدرالية اليسار الديمقراطي “منع المجتمع المدني من محاربة الفساد” بواسطة قانون المسطرة الجنائية الجديد “خرقاً للدستور وإجراءاً احترازياً” يهدف إلى حماية الفاسدين، مشيرة إلى أن ذلك بسبب وجود سياسيين متورطين في مراكمة الثروات ونهب المال العام و الرشوة والتهرب الضريبي.