إلى اللقاء في لوس أنجليس!
كان منتظرا بعد أولمبياد باريس، وبعد كل الضجة التي أحدثتها النتائج الهزيلة للرياضة المغربية، أن تخفت الأصوات المطالبة بمحاسبة رؤساء الجامعات الملكية وإقالتهم من مناصبهم “الخالدة”، وأن يبتلع الجميع، إعلاميين ونقاد وجمهور، حصيلة الأصفار تلك ب”جغيمة” ماء، وأن يمارسوا رياضتهم القديمة في نسيان ما جرى، والعودة إلى حالة اللااهتمام بما يجري في تلك الجامعات، وعدم تقييم مستوى رياضاتها ومنافساتها وممارسيها وما تحتاجه.
الأمر مرتبط بسخط “افتراضي” ومناسباتي سرعان ما سيحول أنظاره إلى قضايا أخرى، ليس بمقدوره أن يغير من الواقع شيئا، ورؤساء جامعاتنا ومسؤولو الرياضة في هذه البلاد، يعرفون جيدا كيف يتصرفون في الفترات العاصفة التي يجتاحها هذا السخط الشعبي، ويدركون جيدا أن أفضل رد فعل تجاه هذا “التسونامي” من الانتقادات، هو الصمت المطبق والانحناء حتى تمر الموجة بسلام، مقتنعين بالقاعدة التي تحكم العقلية السلطوية في بلادنا، وهي.. “دابا ينساو”.
هناك حالة إذا حدثت يمكننا الحديث بعدها عن “تنقية” الجامعات الرياضية، والإقلاع الرياضي، والاستراتيجية الرياضية، والمخطط الوطني الرياضي، هو عندما تظهر إرادة قوية للدولة في تحويل الرياضة إلى رافعة أخرى من رافعات التنمية، والاستثمار فيها كمساهم في تحسين صورة البلاد في الخارج، وفي ضمان الحق الدستوري للمواطن العادي في ممارسة الرياضة، وأيضا في دعم الجامعات ماليا وفق عقد أهداف متجددة.
سيصبح الحديث عن مشروع وطني لصناعة رياضيي النخبة الذين ينافسون الأبطال العالميين والذين يجلبون الميداليات من الألعاب الأولمبية، يوم يتأسس المجلس الأعلى للرياضة ويتم منحه صفة المؤسسة السيادية التي تجمع أفضل ما لدى المغرب من الخبراء والتقنيين والنجوم السابقين في مختلف الأنواع الرياضية، ويمتلك الترسانة القانونية اللازمة للمحاسبة والتنسيق والدعم المالي للجامعات الرياضية، وفي وضع مخططات وطنية للتركيز على الرياضات التي يتفوق المغاربة “جينيا ” فيها، والتي يمكن للبيئة الاجتماعية المغربية أن تصنع داخلها أبطالا عالميين.
سننتظر أن يتغير شيء في رياضتنا الوطنية وفي كيفية صناعة أبطالها القادرين على “تحمير” وجه البلاد، يوم سيتم ربط المنتوج الرياضي بالقطاع الخاص، وتشجيع الشركات والمقاولات على الاستثمار في الأنشطة الرياضية، وتحويلها إلى فضاء مثالي للإشهار والتسويق، واستغلال المتابعة الجماهيرية في الملاعب وعبر النقل التلفزيوني، وفسح المجال لرؤوس الأموال الخاصة لاحتضان الرياضيين ومواكبة مسارهم بالدعم المالي والمعنوي والتقني واللوجيستيكي.
أما غير كل هذا، فليس في مقدورنا سوى أن نحتفظ في الدولاب بخُطبنا العصماء الغاضبة من رؤساء الجامعات، التي ألقيناها عليهم للتو بعد “بهدلة” باريس، فأكيد سنحتاجها بعد مرور أربع سنوات من اليوم، لنلقيها عليهم بعد نهاية أولمبياد لوس أنجليس وهم يعودون بحصيلة الأصفار من جديد.