الفيفا والألعاب الأولمبية
ما جرى لمنتخبات كرة القدم المتأهلة للألعاب الأولمبية المقامة حاليا بباريس من صعوبات في استدعاء أفضل لاعبيها بسبب عدم ترخيص أنديتهم لأي كان بمرافقة منتخب بلاده إلى باريس، يطرح علامات استفهام كبيرة حول عدم إدراج الفيفا لأرقى منافسة رياضية في العالم ضمن مسابقاتها الرسمية وإجبار هذه الأندية على تسريح لاعبيها لخوض الأولمبياد.
تاريخيا أدرجت كرة القدم ضمن الرياضات الأولمبية بداية من الدورة الثانية التي أقيمت عام 1900، وعلى مدار تاريخ الدورات الأولمبية، نجح عدد من أبرز نجوم الساحرة المستديرة في خطف الميدالية الذهبية للعبة بأكثر من دورة أولمبية مثل المجري فيرنك بوشكاش في أولمبياد 1952 وليف ياشين حارس مرمى الاتحاد السوفياتي السابق في أولمبياد 1956، وأخيرا المهاجم الأرجنتيني ليونيل ميسي في أولمبياد بكين 2008.
ويرى المؤرخ والروائي الأولمبي الشهير ديفيد والتشينسكي، أن هناك سببا واحدا يمنع الفيفا من إدراج الألعاب الأولمبية كمسابقة رسمية في لوائحها: “في الوقت الحالي، ما زالت كرة القدم إحدى رياضتين فقط لا تفتحان الطريق للمشاركة في الدورة الأولمبية أمام أفضل ممارسيها. الرياضة الأخرى هي الملاكمة. لدينا نوع من التهجين في كرة القدم حيث تسمح اللوائح بمشاركة ثلاثة لاعبين من أي سن في كل منتخب بينما يشترط أن يكون باقي اللاعبين تحت 23 عاما”.
وأضاف “كان هذا لأن الفيفا لا يرغب في خسارة كرة القدم بالدورات الأولمبية وفي نفس الوقت لا يرغب في أن تنافس مسابقة كرة القدم الأولمبية بطولات كأس العالم”.
واضح أن إمبراطورية جياني إنفانتينو تتعامل مع الألعاب الأولمبية فقط بمنطق “الصواب”، طالما أنها ترى فيها منافسا قويا على “همزة” الإيرادات المالية، ورمزية الجوائز أيضا، وهذا ما يؤكده لاعب التنس الإنجليزي السابق غريغ روسيدسكي في تصريح صحفي حيث قال: “إن المسابقة الأولمبية ليست الأبرز حتى الآن في هذه الرياضة. يجب أن تكون هي الأهم وأن تكون ميداليتها الذهبية هي الجائزة الأبرز في عالم كرة القدم، أكثر من كأس العالم”.
تغييرات كثيرة عرفتها شروط مشاركة منتخبات كرة القدم في الألعاب الأولمبية، بداية من اقتصارها فقط على اللاعبين الهواة وفي وقت لاحق تم إشراك المحترفين قبل أن يتم تحديد السن في 23 سنة مع إضافة ثلاثة لاعبين بأعمار فوقه، وكل ذلك يشير إلى شيء واحد هو محاولة الفيفا إفراغ المنافسات الأولمبية لكرة القدم من أي مستوى قد يجلب اهتمام الجمهور ووسائل الإعلام بنفس القدر الذي يفعله كأس العالم أو الكؤوس القارية.