سنة بعد رسالة نتانياهو واعترافه بمغربية الصحراء .. ماذا تبقى من التطبيع؟
أكملت رسالة الاعتراف الإسرائيلي بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية عامها الأول، في أجواء مطبوعة بالتوتر والتجميد القسري للعلاقات الرسمية الإسرائيلية المغربية، في ظل الغليان المتواصل للشارع المغربي رفضا للتطبيع وتنديدا بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
الاعتراف الذي كان قد جاء في رسالة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو للملك محمد السادس، في 17 يوليوز 2023، يكمل اليوم عامه الأول دون احتفال ولا احتفاء ولا تصريح من المسؤولين المغاربة كما جرت العادة في الاحتفال بذكرى توقيع الاتفاق الثلاثي، بإحيائه في حفلات رسمية في المغرب وأمريكا وإسرائيل.
وتأتي هذه الذكرى، في وقت تواجه فيه العلاقات المغربية الإسرائيلية مسارين، مسار رفض شعبي يتوسع وتغذيه مشاهد الحرب الإسرائيلية الوحشية في قطاع غزة، ومسار رسمي، يبدو أكثر ثباتا، تغذيه الاتفاقيات التي يستمر الجانيان في إبرامها، رغم توقف الزيارات الرسمية المعلنة بين مسؤولي البلدين منذ السابع من أكتوبر الماضي مع اندلاع “طوفان الأقصى”.
اعتراف بعد ضبابية
على الرغم من توقيع المغرب على الاتفاق الثلاثي في دجنبر 2020 مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، والذي بموجبه تعترف أمريكا بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية ويعيد المغرب بمقتضاه علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل، إلا أن هذه الأخيرة حافظت على موقف غامض من الوحدة الترابية للمغرب.
وبعد الاتفاق الثلاثي، زار عدد كبير من الوزراء والمسؤولين الإسرائيليين المغرب في الأشهر الأولى التي تلته، وأبرموا اتفاقيات مهمة مع نظرائهم المغاربة، إلا أن تصريحاتهم كانت بعيدة من قضية الوحدة الترابية للمغرب.
ولم تخرج إسرائيل من هذه المنطقة الرمادية في تعاطيها مع قضية الوحدة الترابية للمغرب، إلا في شهر يوليوز 2023، عندما أعلن الديوان الملكي، عن تلقي الملك محمد السادس لرسالة من نتنياهو، يعلن فيها عن قرار الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
وفي هذا الصدد، أكد نتنياهو أن موقف إسرائيل هذا سيتجسد في كافة أعمال ووثائق الحكومة الإسرائيلية ذات الصلة. وشدد، أيضا، على أنه سيتم “إخبار الأمم المتحدة، والمنظمات الإقليمية والدولية التي تعتبر إسرائيل عضوا فيها، وكذا جميع البلدان التي تربطها بإسرائيل علاقات دبلوماسية” بهذا القرار، وذهب أبعد بالحديث عن دراسة تل أبيب لـ”فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة”، وذلك في إطار تكريس “قرار الدولة هذا”.
وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، كان قد وصف هذه الخطوة بالتاريخية، وقال إنها “ستعزز العلاقات بين الدولتين وبين الشعبين وستساهم في الجهود المبذولة لتوسيع التعاون وتعميق السلام والاستقرار في منطقتنا”.
الاستفزازات بالصحراء
وعلى الرغم من هذا “الاعتراف” في رسالة رسمية، رفع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو الخميس 30 ماي 2024، صورة للعالم العربي، تظهر خريطة مبتورة للمغرب من صحرائه، ما استفز المغاربة.
نتنياهو، وخلال حلوله ضيفا في برنامج حواري خاص على القناة الفرنسية “LCI”، للرد على الاتهامات الموجهة إليه بارتكاب إبادة جماعية في حق أهل غزة، في الحرب التي يشنها جيشه على القطاع المحاصر منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وتحدث نتنياهو عن “سلام” قال إنه عقده مع عدد من الدول العربية من بينها المغرب، ورفع خريطته مبتورة، وهو يتحدث عن دور قال إن إسرائيل تلعبه، للجم الخطر الإيراني على المنطقة العربية.
وليست المرة الأولى التي يستفز فيها نتنياهو المغاربة بخريطة مبتورة لبلدهم، حيث ظهرت خريطة للمغرب مبتورة من الصحراء بمكتبه خلال استقباله نظيرته الإيطالية جورجا ميلوني في شهر أكتوبر الماضي، ما استدعى خروج مسؤولين من وزارة خارجيته.
مكتب نتانياهو، حاول بعد ذالك إطفاء غضب المغاربة من بتر خريطة بلدهم، وقال إن الامر كان “خطأ تقني”، إلا أن حملة التنديد في المغرب كانت واسعة.
رفض شعبي و”صمود” التطبيع الرسمي
وفي ذكرى مرور سنة على الاعتراف الإسرائيلي بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، يعود خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة وجدة، لتقييم واقع العلاقات المغربية الإسرائيلية، والتي يخلص إلى أنها تأخذ مسارين مختلفين.
وفي السياق ذاته، يقول الشيات إن المسار الرسمي “يبدو أنه صلب ويمكن القول إنه يتطور بشكل إيجابي عدا الحدث المرتبط بالحرب على غزة، والذي كان محورا لتصريحات أو إجراءات أو تلميحات”.
ويقول الشيات إنه باستثناء الموقف المغربي من الحرب على غزة والتي وصفها بالوحشية، وحادث استفزاز نتانياهو للمغاربة ببتر خريطتهم، فإن مسار التقارب المغربي الإسرائيلي على المستوى الرسمي والاستراتيجي متصاعد، خصوصا على المستوى العسكري والأمني.
أما على المستوى الشعبي، فيقول الشيات إن العلاقات أكثر تدهورا، حيث سجل انهيار كل المنظومات التي حاولت بناء علاقات اجتماعية وحاضنة شعبية لتمتين العلاقات بين الجانبين، حيث أن الحرب على غزة والأعمال الوحشية الإسرائيلية ضد المواطنين العزل أثارت حفيظة جل المغاربة، وأصبحوا يرون في هذه العلاقات ثقلا أخلاقيا على المغرب.