سطوة الماتادور !
المنتخب الإسباني الذي شاهدناه بالأمس وهو يطيح ببراعة بمنتخب فرنسا المدجج بالنجوم ويتأهل لنهاية كأس أمم أوربا عن جدارة واستحقاق، يدربه إسم مغمور في عالم كرة القدم وهو لويس ديلافوينتي، الذي تقتصر تجاربه في الإشراف على بعض أندية الظل في الأقسام الشرفية الإسبانية بالإضافة لشهرته كمؤطر في الفئات الصغرى داخل العديد من الأندية المحلية والمنتخبات الوطنية في إسبانيا.
عندما استقال لويس إنريكي من تدريب منتخب لاروخا عقب الخروج غير المتوقع أمام المغرب من الدور الثاني لمونديال قطر، كان يكفي اجتماع صغير وقصير جمع مسؤولي الجامعة الإسبانية برئاسة اللاعب السابق ألبير لوكي مدير المنتخبات الوطنية, ليهتدوا إلى الإسم المناسب بسرعة، كان بروفايل دي لا فوينتي يطرح نفسه بإلحاح لتولي المنصب، خصوصا وأنه يراكم تجربة خمس سنوات مع الجامعة الإسبانية كمدرب لفئات ما تحت 23 و20 و18 سنة ومر لديه جميع عناصر المنتخب الوطني الأول الحالي ويعرفهم ويعرفونه جيدا، لذلك لم يترددوا في إسناد المهمة إليه لبداية مرحلة جديدة.
في المنظومات الكروية الإحترافية التي تتوفر على سياسة تكوين واضحة، يتم فيها التخطيط لتعاقب الأجيال على المنتخبات الوطنية، يبقى إسم مدرب المنتخب الأول لا يهم كثيرا، ولا يشترط أن يكون إسما بارزا في عالم التدريب، لأنه ببساطة لن يصنع شيئا خارقا، عليه فقط أن يقود العناصر التي لديه والتي تخرجت من نفس المدرسة ورضعت من نفس الهوية ولعبت مع بعضها في جل الفئات السابقة ، وأغلبهم مروا لديه مجتمعين في أحد الفئات السنية للمنتخبات الوطنية، لذلك لا يجب البحث كثيرا أو إهدار ميزانية كبيرة في راتب مدرب شهير سيأتي ليدرب منتخبا منسجما هو نتاج لمخطط طويل من العمل القاعدي.
هذا هو الفرق بين منظومات كروية حقيقية وذات هوية وتضمن سلاسة في تصعيد الأجيال، ووضوحا في التعاقدات مع الأطر المشرفة على المنتخبات الوطنية.. وبين منظومات تريد أن تصنع منتخبا أولا ب “الزز”، عبر استقطاب لاعبين من بيئات كروية وثقافية مختلفة ومحاولة صهرها في “قالب” محلي لا يستقيم أبدا.
الهوية الكروية هي أساس النجاح والإستمرارية، وتوحيد مناهج التكوين داخل البلاد هو السبيل للتوفر على منتخبات وطنية تتحدث لغة موحدة، وبإنسجام الاجيال ومعرفة بعضهم البعض تتحقق النتائج، والاستراتيجيات الفعالة لا تجد صعوبة في إيجاد المدرب المناسب لفئات يعرفها جيدا ومرت على يديه في الفئات السابقة.
هكذا يشتغلون.. وهكذا يفوزون ويحققون الألقاب والبطولات.