بعد فوز اليسار في الانتخابات التشريعية.. الرباط تنتظر موقفا فرنسيا متقدما حول الصحراء
أفرزت نتائج الدور الثاني من الانتخابات التشريعية الفرنسية التي جرت يوم أمس الأحد تصدر تحالف اليسار تحت لواء “الجبهة الشعبية الفرنسية” بـ182 مقعدا، متبوعا بالمعسكر الرئاسي، تحت راية “أونسومبل” بـ 168 مقعدا، في مفاجأة كبيرة جعلت تحالف اليمين المتطرف بقيادة حزب التجمع يتراجع إلى المرتبة الثالثة بـ 143 مقعدا، بعدما تصدر نتائج الدور الأول من هذه الانتخابات بعدما حصد أكثر من 34 في المئة من الأصوات.
وقد أرخت ملفات السياسة الخارجية الفرنسية بظلالها على مخرجات هذه الانتخابات، خاصة الموقف الفرنسي من الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، وحرب أوكرانيا، والعلاقات الفرنسية مع عدد من الدول الإفريقية، من بينها المغرب الذي يعتبر حليفا تقليديا للجمهورية الفرنسية بالنظر للملفات الاستراتيجية والقضايا المشتركة بين البلدين.
وفي تعليقه على نتائج هذه الانتخابات وتأثيرها على مستقبل العلاقات الثنائية بين الرباط وباريس، قال المحلل والخبير في العلاقات المغربية الفرنسية عمر المرابط، “إنه في جميع الحالات سيكون هناك تغير في الموقف الفرنسي من علاقته مع المغرب، وأعتقد أنه قبل حل الرئيس إيمانويل ماكرون الجمعية الوطنية، كانت هناك زيارة مرتقبة للوزير الأول غابريال أتال للمغرب يوم 04 يوليوز الجاري، لكنها تأخرت ولن تتم لأنه الآن ستتشكل حكومة جديدة”.
وأضاف قائلا: “إن هناك رغبة للرئيس ماكرون في تحسين العلاقة مع المغرب، وإذا كانت هذه الرغبة متوافقة مع رغبة الحكومة المقبلة وأعتقد أنها ستكون كذلك، سيكون العمل على إعادة العلاقات إلى ما كانت عليه خاصة فيما يخص قضية الصحراء المغربية”.
وفي سياق متصل، كان جون لوك ميلونشون زعيم الحزب اليساري “فرنسا الأبيّة”، قد وجه انتقادات لاذعة للرئاسة الفرنسية، على هامش الزيارة التي قام بها إلى المغرب في أكتوبر الماضي، داعيا إياها إلى طي صفحة الغطرسة، والطريقة التي تنظر بها فرنسا إلى المغرب، مع استحضار الواقعية في تعاملها مع قضية الصحراء المغربية.
وأضاف ميلونشون حينها في تصريحات صحافية، عقب زيارة قام بها إلى منطقة أمزميز نواحي مراكش، التي ضربها الزلزال 08 شتنبر 2023، “أنا أشعر بالأسف أيضا لهذه الغطرسة التي رأيتها أحيانا في فرنسا، وهذه الطريقة في النظر إلى المغرب والتي لا تطاق بالنسبة لي”.
وفي هذا الصدد قال عمر المرابط، “إن ميلونشون واليسار قريبون من المغرب، لكن يجب أن ننتظر كي نعرف من سيُعيّن وزيرا للخارجية الفرنسية، فضلا عن طبيعية الشخصية التي ستتحمل هذه المسؤولية، لأن هناك شخصيات تميل إلى التقارب مع الجزائر كما فعل الرئيس ماكرون وهناك من تقترب أكثر من المغرب”، موضحا أن هناك بعض النواب البرلمانيين داخل اليسار “لهم مواقف شخصية قريبة من الموقف الجزائري أو لنقل مواقف مقربة من موقف البوليساريو”.
وخلص الخبير في العلاقات المغربية الفرنسية إلى أن الرئيس الفرنسي، دستوريا، “هو الذي يشرف على العلاقات الخارجية وهذا غالبا ما يقع عندما يكون هناك توافق بين الحكومة والرئيس يعني حينما يكونا ينتميان لنفس الأغلبية”، علما بأن الكلمة الأولى “هي للرئيس لكن وزير الخارجية تكون له صلاحيات خاصة في تعيين السفراء إلى غير ذلك، طبعا بموافقة مع الرئيس”.
وبالرغم من هذه النتائج التي أفرزتها الانتخابات التشريعية الفرنسية الأخيرة، فإنه لا تستطيع أي من هذه التشكيلات السياسية الوصول بمفردها إلى الأغلبية المطلقة، وهو ما سيدفع اليساريين إلى الدخول في مفاوضات مع باقي الأطراف من أجل الحصول على الأغلبية المطلقة البالغة 289 نائبا.
وفي السياق، طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الاثنين 08 يوليوز 2024، من رئيس الوزراء غابريال أتال، الذي أتى لتقديم استقالته، “البقاء في منصبه في الوقت الراهن لضمان استقرار البلاد”، وفق ما أعلن قصر الإيليزي.
وأضافت الرئاسة الفرنسية، غداة الانتخابات التشريعية التي شهدت فوز تحالف اليسار أمام المعكسر الرئاسي ومن بعده اليمين المتطرف، أن “ماكرون شكر أتال على قيادته حملتَي الانتخابات الأوروبية والتشريعية”.