تقرير: الشركات الصينية تلجأ للمغرب للالتفاف على القيود الأمريكية
تطرق تقرير حديث لوكالة “اسوشيتد بريس” إلى الأسباب الحقيقية الكامنة وراء التدفق الكبير الذي شهدته بيئة الأعمال بالمغرب من طرف العديد من الشركات الصينية التي تنوي بناء وحدات تابعة لها مختصة في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، مبرزا أن الالتفاف على الضغوطات الأمريكية للحد من هيمنتها على هذا المجال كان أهم هذه الأسباب.
وأوضح التقرير أنه منذ توقيع الرئيس الامريكي جو بايدن على قانون خفض التضخم لعام 2022، بهدف تعزيز إنتاج السيارات الكهربائية المحلية وتقليص هيمنة سلسلة التوريد الصينية، حَوَّلت الشركات الصينية بوصلتها نحو العديد من الدولة التي لديها اتفاقيات تجارة حرة مع الولايات المتحدة، بما في ذلك كوريا الجنوبية والمكسيك، مشددا على أن المغرب هو أكثر هذه الدول التي شهدت طفرة على مستوى الاستثمارات في هذا المجال.
وأشار المصدر إلى أنه من خلال نقل العمليات إلى شركاء تجاريين للولايات المتحدة مثل المغرب، يسعى الفاعلون الصينيون الذين سيطروا منذ فترة طويلة على سلسلة توريد البطاريات إلى إيجاد طريق للاستفادة من الطلب المتزايد من شركات السيارات الأمريكية مثل “تسلا” و”جنرال موتورز”، مضيفا أن ما لا يقل عن ثمانية من مصنعي البطاريات الصينيين أعلنوا عن استثمارات جديدة في المغرب.
وكانت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي قد فرضت منذ ماي المنصرم تعريفات جمركية مرتفعة على واردات السيارات الصينية، كما قامت الولايات المتحدة بتقديم إعانات جديدة تصل إلى 7500 دولار عن كل سيارة كهربائية لم يتم صناعة بطاريتها بمعادن قادمة من الشركات التي تسيطر عليها الصين و “الكيانات الأجنبية المثيرة للقلق” بأكثر من 25 بالمائة من أسهمها.
وبالاعتماد على البنية التحتية للمغرب، تسعى الشركات الصينية في تلبية الطلب المتزايد والتغلب على القواعد المصممة لاستبعادهم من الحوافز التي يقدمها قانون خفض التضخم للسوق الأمريكية، ثاني أكبر سوق في العالم للسيارات بعد الصين.
وكانت شركة ”CNGR Advanced Material Co” الصينية، أحد أكبر منتجي كاثود البطاريات في الصين، قد أعلنت في شتنبر الماضي عن خطة بقيمة 2 مليار دولار لبناء ما أسمته “قاعدة في العالم ومنطقة الأطلسي” في مشروع مشترك مع مجموعة الاستثمار “المدى”.
وأضاف تقرير الوكالة الأمريكية أنه على الرغم من أن “CNGR” تملك حصة تزيد قليلاً عن 50 بالمائة في المشروع، أوضح “تورستن لارز”، الرئيس التنفيذي لقسم أوروبا، إنه “واثق من أن كاثوداتها يمكن أن تتأهل للحصول على الإعفاءات الضريبية، حتى لو تطلب الأمر تغيير تكوين مجلس الإدارة”، مشيرا إلى أنه إذا لم يحدث ذلك، ستتوجه الشركة إلى أسواق أخرى، بما في ذلك أوروبا التي رفعت التعريفات على السيارات الكهربائية المستوردة من الصين.
ويبقى أكبر الاستثمارات في المغرب هو استثمار شركة “جوتيون هاي-تك” الصينية الألمانية لصناعة البطاريات، التي وقعت صفقة مع الحكومة المغربية العام الماضي بقيمة 6.4 مليار دولار لإنشاء أول مصنع للبطاريات الكهربائية في أفريقيا.
ومع بداية الشهر الماضي، وقعت ذات الشركة اتفاقا مع الحكومة للبدأ في الشطر الأول من هذا الاستثمار، والذي سيمكن من تطوير مشروع مندمج لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية بسعة تصل إلى 20 جيجاوات في الساعة وبكلفة استثمار تبلغ 12.8 مليار درهم.
على الجانب المقابل، يزداد قلق الأمريكين من محاولات الشركات الصينية الوصول إلى الإعانات الأمريكية، حيث صرح عضو الكونغرس الأمريكي “جيسون سميثس” منتقدا الإعانات التي جاء بها الرئيس الأمريكي جو بايدن “سيتعين على الأسر العاملة في أمريكا مشاهدة ضرائبهم التي كسبوها بصعوبة تذهب لملئ جيوب المليارديرات الصينيين والشركات المرتبطة بالحزب الشيوعي الصيني”.
وفي ظل الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية والتي زادت حدتها خلال السنوات الأخيرة، يبرز المغرب كواحد من الدول القلائل التي لا زالت تحافظ على علاقات تجارية ودبلوماسية جيدة مع الطرفين، وهو ما جعل وكالة “بلومبرغ” الأمريكية تصنف المغرب إلى جانب كل من إندونيسا وبولندا والمكسيك وفيتنام على أنها الدول الوحيدة التي لازالت قادرة على فتح اقتصادها على مختلف دول العالم، معتبرة هذه الدول بمثابة “الرابط” الذي يجمع بين اقتصاد العالم خصوصا في ظل كل هذه الإنقسامات