قوة كروية جديدة
الطريقة التي يبرز بها المنتخب الإسباني خلال كأس أمم أوربا الحالية المقامة بألمانيا، وكيف اكتسح المنتخب الجورجي أمس في دور ثمن النهاية بالطول والعرض وسجل في مرماه أربعة أهداف بعدما كان منهزما بهدف لصفر، تشير إلى أن إسبانيا أصبحت القوة الكروية الأولى في العالم وتجاوزت كل المدارس التقليدية في أوربا وأمريكا اللاتينية.
منتخب بمعدل أعمار صغير جدا، جمعه لويس دي لافوينتي وكان مضطرا لأن يقصي عشرات آخرين من النجوم الإسبانية الصغيرة لها أيضا المستوى الذي يؤهلها لحمل قميص “لاروخا” ولكن لم تجد في النهاية مكانا في لائحة منتخب بلادها على الرغم من أنها تمارس في أكبر وأعتد الأندية الأوربية.
تألق المنتخب الإسباني الأول والقوة التي أصبح عليها، يضاف إليها الحضور البارز للمنتخبات السنية الإسبانية للذكور والإناث في مختلف البطولات والكؤوس الأممية القارية والعالمية، وعدد اللاعبين والمدربين من مستوى عالي جدا الذين أصبحت تصدرهم أكاديميات البلاد إلى مختلف البطولات والدوريات، والتأثير الإيجابي الذي أصبح لهؤلاء في كل الوجهات التي يقصدونها، كل ذلك يعطي الإشارات أن إسبانيا أصبحت لها قيمة كروية كاسحة ستسيطر كثيرا لسنوات قادمة.
هذا التألق الكروي الإسباني لم يأت صدفة أو هو فقط طفرة حدثت من العلي القدير وأفرزت كل هذه النتائج، فللأمر جذور تعود إلى السياسة الرياضية العامة للدولة والتي انطلقت في بداية الألفية الحالية مع مخططٍ للمجلس الأعلى للرياضة وأنتج تفوق إسبانيا في جل الرياضات عالميا، ثم نجاعة سياسة تكوين اللاعبين والمدربين في كرة القدم الإحترافية داخل الأكاديميات، وتوسيع قاعدة الممارسة الكروية الشعبية في مختلف مدن وقرى البلاد، بالإضافة إلى الوفاء للهوية التقنية الموحدة التي يتربى داخل نسقها الجميع.
المنتخب الإسباني أصبح مرشحا فوق العادة للظفر بكأس أمم أوربا الحالية، وتنتظره مواجهة حارقة في دور الربع أمام البلد المنظم ألمانيا، وقد ينجح في تجاوزه، كما قد لا تلعب التفاصيل الصغيرة لصالحه ويخرج من المنافسة.. لكن معايير القوة الكروية الصاعدة لا ترتبط بالفوز ببطولة أو كأس واحدة، بل بالحضور المتواصل مع نخبة المرشحين للألقاب لسنوات طويلة وفي مناسبات مختلفة، وكذلك قيمة اللاعبين والمدربين الذين تنتجهم السياسة الكروية للبلاد على مختلف الأصعدة.. وهذا ما يتوفر في إسبانيا حاليا.
