story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رياضة |

أيوب الكعبي.. من حي مديونة إلى العالمية

ص ص

حصد أولمبياكوس اليوناني مع الكعبي أول ألقابه الأوروبية في تاريخه، بالفوز على فيورنتينا الإيطالي بنتيجة 1-0 في نهائي دوري المؤتمر الأوروبي في نسختها الثالثة بمباراة أقيمت في ملعب أيك أُثينا باليونان.
ظلت المباراة معقدة حتى جاءت الدقيقة 115، ليسجّل أيوب الكعبي هدفا قاتلا برأسية، بعدما حوّل عرضية سانتياجو هييزي في الشباك.
احتفل اليونانيون لثوان، لكن سرعان ما عمّ الصمت اليونان بأكملها لمدة 4 دقائق في انتظار تأكيد صحة الهدف عبر تقنية الفيديو، وأعلن الحكم صحة الهدف لتعم الأفراح اليونان بلقب انتظروه لعقود طويلة.

لم يكن أيوب الكعبي وهو ينتقل من نادي السد القطري إلى أولمبياكوس اليوناني، يظن أن هذا الانتقال الجديد من الدوحة إلى أثينا، سينسيه قليلا رحيله “الاضطراري” من نادي هاتاي سبور بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا، وسيفتح له أبواب تألق كبير عانى من أجل تحقيقه سنوات طويلة في حله وترحاله بين الأندية في المغرب وخارجه.
حتى مسؤولي النادي العريق في بلاد الإغريق، وهم يوقعون معه عقدا قصير الأمد، كانوا يفعلون ذلك من منطلق حاجتهم إلى مهاجم إضافي يعزز تشكيلة الفريق، ولم يكن في حسبانهم على الإطلاق أن الولد المغربي المكافح سيحقق ما عجزت عنه جميع الأندية اليونانية مجتمعة، وهو منح البلاد أول لقب أوربي في تاريخها الطويل.

طفولة قاسية في “مديونة”
في 26 من شهر يونيو من عام 1993 رأى أيوب الكعبي النور داخل أسرة فقيرة متعددة الأفراد تقطن في حي مديونة الشعبي بالدار البيضاء، وهو ما فرض عليه في سن مبكرة، أن يشتغل مساعدا في حرف النجارة والبناء وأي شيء يجلب له مصروفا بسيطا يعيل به نفسه، ويستطيع أن يوازي به بين هوايته في ممارسة كرة القدم داخل الحي، وبين سنوات دراسته الأولى.
ولعه بكرة القدم وإجادته اللعب بالرجل اليسرى، جلب له شهرة صغيرة بين فرق الأحياء المجاورة، واهتمام الأندية التي تمارس في الأقسام الشرفية لعصبة الدار البيضاء.. فوقّع لأحد فرق القسم الثالث في سن 20 سنة، وتم إشراكه في مركز الظهير الأيسر ثم إلى وسط ميدان دفاعي، ولعب مواسمه الأولى في هذين المركزين وسط الملاعب المتربة وغياب أدنى شروط الممارسة السليمة، لكن الولد الخلوق، أيوب، كان يعرف أنها مرحلة يجب أن يتحلى فيها بالصبر ويداوم على تداريبه واجتهاده، وانتظار فرصته للالتحاق بأحد أندية الدار البيضاء التي قد تضمن له شروطا أفضل لإبراز موهبته وإمكانياته.

الـ”راك”.. بداية حقيقية
في صيف سنة 2017 وعن سن 24 عاما، نجح أيوب في اجتياز اختبار للانضمام إلى نادي الراسينغ البيضاوي، فالتحق بفريقه الأول، وتم إشراكه لأول مرة في مركز قلب الهجوم بعدما كان يلعب كظهير أيسر، محققا 25 هدفا خلال موسم 2016-2017، إذ تم تتويجه هدافا لدوري الدرجة الثانية المغربي.
كانت نقطة التحول الكبيرة في مساره الكروي التي ستمكنه من قليل من الأضواء، هي مناداة الناخب الوطني للمحليين آنذاك، جمال السلامي، عليه لقيادة هجوم المنتخب في بطولة أمم أفريقيا للمحليين 2018، إذ كان يتابعه منذ ممارسته في القسم الثاني، حيث لم يكلّ من مدحه مرات عديدة من خلال عدة تصريحات له، من أهمها تصريح للسلامي من خلال “فرانس فوتبول” الذي كان عقب نهاية مباراة الراسينغ البيضاوي أمام الرجاء الرياضي عندما سدد أيوب الكعبي ضربة جزاء ترجمت لهدف.. وقال: “أبهرتني طريقته في تسجيل ضربات الجزاء خاصة أنه كان في مواجهة حارس مختص في صد هذه الضربات”.
كانت حصيلة مشاركته في كأس إفريقيا للمحللين أن توّج هدّافا للدورة بتسعة أهداف، وهو التتويج الذي فرض على الناخب الوطني للمنتخب الأول آنذاك، هيرفي رونار، ضمّه للائحة الفريق الوطني المتوجه إلى كأس العالم بروسيا سنة 2018، ويشترك كأساسي في المباراة الأولى أمام إيران، ويقدم أداء طيبا رغم الهزيمة في آخر دقائق المباراة.

التنقل بين الأندية
في مسار أيوب الكعبي الكثير من المحطات التي تعرض فيها للتهميش وعدم اقتناع المدربين والمسيرين وحتى فئات من الجمهور بإمكانياته، لكن صبره ودماثة خلقه وقوته الذهنية في التركيز على تطوير مستواه، كان يدفعه إلى تخطي المطبات التي كانت تصيبه بين الفينة والأخرى.
فبعد تجربة نهضة بركان، انتقل “ولد مديونة” إلى الدوري الصيني ليقع اختياره على فريق هيبي فورتشن. إلا أن تجربته تلك كانت غير موفقة بسبب صعوبة الاندماج في أجواء مختلفة تماما عن بلد النشأة، ليعود إلى المغرب ويلعب على سبيل الإعارة لنادي الوداد الرياضي في موسم أول، ثم الانضمام إليه في الموسم الثاني بصفة رسمية، قبل أن يشدّ الرحال مجددا إلى خارج أرض الوطن، وهذه المرة إلى الدوري التركي حيث وقّع لنادي هاتاي سبور ولعب في صفوفه موسمين انتهيا بتوقف الفريق عن نشاطه الكروي بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وتضررت بسببه الكثير من منشآت النادي، أكبرها مقره الذي انهار بالكامل.
رأى الكعبي في الدوري القطري مكانا ملائما لتجديد نشاطه الكروي بعد توقف قصير، بعد عرض من نادي السد.. حيث لعب في صفوفه موسما واحدا انتهى به في كرسي الاحتياط، لعدم اقتناع مدرب الفريق بمستواه، وبالتالي قررت إدارة النادي القطري عدم تجديد عقده، تلقى على إثره العديد من العروض في المغرب، لكنه فضل الاستمرار خارج أرض الوطن، بعد عرض نادي أولمبياكوس اليوناني الذي كان يبحث عن تعزيز صفوفه بمهاجم إضافي.. لكن أيوب ستكون له كلمة أخرى بعد التحاقه بعاصمة بلاد الإغريق أثينا.

أولمبياكوس.. موعد مع العالمية
مع بداية الموسم 2023/2024، انتقل الكعبي إلى أولمبياكوس اليوناني ليخوض تجربته الثانية في أوروبا التي فجّر فيها “ولد مديونة” المكافح الخلوق، كل إمكانياته الخارقة في التهديف، وكتب معه التاريخ ليصبح علامة فارقة في النادي الأكثر شعبية في بلاد الإغريق.
ما بين وقوع زالزال تركيا ومباراة نهائي بطولة المؤتمر الأوروبي بين أولمبياكوس وفيورنتينا الإيطالي، فترة حوّلت مسار حياة أيوب الكعبي من ناج من موت محقق إلى بطل قومي في اليونان، ساهم مع فريقه في المجد الأوروبي.
حصد أولمبياكوس اليوناني مع الكعبي أول ألقابه الأوروبية في تاريخه، بالفوز على فيورنتينا الإيطالي بنتيجة 1-0 في نهائي دوري المؤتمر الأوروبي في نسختها الثالثة بمباراة أقيمت في ملعب أيك أُثينا باليونان.
ظلت المباراة معقدة حتى جاءت الدقيقة 115، ليسجّل أيوب الكعبي هدفا قاتلا برأسية، بعدما حوّل عرضية سانتياجو هييزي في الشباك.
احتفل اليونانيون لثوان، لكن سرعان ما عمّ الصمت اليونان بأكملها لمدة 4 دقائق في انتظار تأكيد صحة الهدف عبر تقنية الفيديو، وأعلن الحكم صحة الهدف لتعم الأفراح اليونان بلقب انتظروه لعقود طويلة.
لم يكن اللقب الأوربي إنجاز أيوب الكعبي الوحيد، فقد توّج هدّافا لكأس المؤتمر الأوربي برصيد 11 هدفا.
وأصبح الكعبي أكثر لاعب عربي يسجل أهدافا أمام نفس الخصم (أستون فيلا) في دور إقصائي من مسابقة أوروبية برصيد 5 أهداف.
كما أصبح أكثر لاعب عربي تسجيلا للأهداف في نسخة واحدة من المسابقات الأوروبية برصيد 16 هدفا (5 في الدوري الأوروبي و11 في دوري المؤتمر)، محطما رقم محمد صلاح في موسم 2017-2018 مع ليفربول برصيد 10 أهداف.
وعادل رقم راداميل فالكاو، هدّاف بورتو في 2011-2012 بالدوري الأوروبي، بتسجيل 5 أهداف في نصف نهائي مسابقة أوروبية.
أولمبياكوس الذي سيحتفل في شهر مارس 2025 بالذكرى المئوية لتأسيسه، سيحفر تاريخ 29 مايو 2024 في تاريخه بالذهب، كما سيسجل أن الفضل الكبير في إنجازه الأوربي يعود إلى بطل مغربي اسمه أيوب الكعبي.