الجواهري يدعو إلى تكامل اقتصادي إفريقي شامل
أكد والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، اليوم الأربعاء 22 ماي 2024 بالداخلة، على أهمية إرساء تكامل اقتصادي شامل في إفريقيا من أجل تحقيق الازدهار المنشود.
وأوضح الجواهري، في كلمة خلال افتتاح أشغال الدورة الخامسة لـ “الأيام الدولية للاقتصاد الكلي والمالية”، المنظمة على مدى ثلاثة أيام تحت شعار “التكامل الاقتصادي في إفريقيا: الطريق إلى مستقبل أكثر ازدهارا”، أن هذا التكامل الاقتصادي ينبغي أن يكون مفيدا للطرفين وألا يكون على حساب البلدان والسكان الأكثر هشاشة.
وقال إن البلدان الإفريقية على وعي تام بمنافع الاندماج، مشيرا إلى أنه تم إطلاق العديد من المبادرات في هذا الصدد، والتي ساهمت على وجه الخصوص في إنشاء مجموعة من التكتلات الاقتصادية الإقليمية.
وفي هذا السياق، سجل الجواهري أن البلدان الإفريقية أطلقت، في الآونة الأخيرة، منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، التي تشكل بارقة أمل بالنظر إلى منافعها المحتملة. وفي هذا الصدد، وبالرغم من كونها تقريبية، فإن مختلف التقييمات المنجزة بخصوص تأثيراتها تشير إلى مكاسب هامة.
وأشار إلى أن عمليات المحاكاة التي أجراها صندوق النقد الدولي تبين أن إنشاء هذه المنطقة، إذا ما صاحبته إصلاحات لتسهيل المبادلات، يمكن أن يرفع متوسط المبادلات التجارية لإفريقيا مع بقية العالم بنسبة 15 في المئة ومع البلدان الإفريقية بنسبة 53 في المئة، مما سيساهم في زيادة الناتج الداخلي الخام الوسيط للفرد الواحد بأكثر من 10 في المئة.
واعتبر، من جهة أخرى، أنه ما يزال أمام إفريقيا طريق طويل، بالنظر إلى أنها بحاجة إلى تثمين رأسمالها البشري للاستفادة من عائدها الديمغرافي، وتنفيذ إصلاح عميق لاقتصاداتها من أجل استغلال ثرواتها على نحو أفضل، وسد العجز الكبير في بنيتها التحتية.
وأوضح أن ذلك يتطلب موارد هامة في سياق يتسم بتقلص هوامش الميزانية وتشديد شروط التمويل، مشيرا إلى أن الاحتياجات التمويلية غير الملباة في مجال البنية التحتية تتراوح، حسب البنك الإفريقي للتنمية، ما بين 68 مليار و108 مليار دولار سنويا.
وإلى جانب الموارد المالية، يضيف الجواهري، يتطلب إنجاح تنفيذ هذه الإصلاحات في المقام الأول توفير بيئة من الاستقرار السياسي والأمني، وهو ما تفتقر إليه اليوم بعض مناطق القارة الإفريقية.
وأشار إلى أن إفريقيا تتمتع، مع ذلك، بإمكانات تنموية هائلة، مبرزا أن ثروتها الأولى ليست سوى ساكنتها الشابة وسريعة النمو.
وسجل أنه، بالرغم من السياق الدولي الصعب، فإن إفريقيا مطالبة بالنهوض والظفر بمكانها داخل الساحة الدولية، مضيفا أن حصول الاتحاد الإفريقي على صفة العضو الدائم في مجموعة العشرين في سنة 2023، وكذا القرار الأخير بمنح مقعد ثالث للقارة في مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، ماهي إلا مؤشرات أولية تبشر بأن إفريقيا ستحظى لامحالة بالمكانة اللائقة بها على المستوى الدولي.
وبعدما أكد أن القارة الإفريقية لطالما تبوأت مكانة مركزية في التوجهات الاستراتيجية للمملكة، أبرز الجواهري أن “الملك محمد السادس دعا، غير ما مرة، إلى تنمية مشتركة على أساس رابح-رابح، وأطلق مشاريع كبرى مثل خط أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا الذي من شأنه أن يساهم في تنويع الإمدادات الطاقية للعديد من البلدان، والمساهمة في ضمان الأمن الغذائي بالقارة، وكذا المبادرة الأطلسية الرامية إلى تسهيل الاندماج التجاري للعديد من البلدان غير الساحلية”.
وأضاف أن السياسات العمومية المتعلقة بالمبادلات التجارية والاستثمار تحظى عموما بمكانة متفردة مع باقي بلدان القارة، مما يسهل استقرار العديد من المجموعات المغربية التي تعمل في مجال الخدمات المالية، وقطاعات التعدين، والاتصالات اللاسلكية، والعقار، وغيرها.
وأشار الجواهري إلى أن بنك المغرب، انخرط، طبقا للرؤية الملكية، في تحفيز ومواكبة القطاع البنكي في نموه الخارجي في إفريقيا، مضيفا أن البنوك المغربية حاضرة اليوم في أكثر من ثلاثين بلدا في القارة، حيث تحقق حوالي 23 في المئة من نشاطها.
وتابع “بصفتنا بنكا مركزيا، فقد طورنا علاقات وثيقة لتبادل التجارب والخبرات مع العديد من الهيئات التنظيمية في القارة، سواء على المستوى الثنائي أو في إطار منتديات مثل جمعية البنوك المركزية الإفريقية أو اللجنة الاقتصادية لإفريقيا أو الاتحاد الإفريقي”.
وتندرج النسخة الخامسة من هذا الملتقى الاقتصادي، المنظم من طرف بنك المغرب ومختبر الأبحاث حول الابتكار والمسؤوليات والتنمية المستدامة بجامعة القاضي عياض بمراكش، ومركز برنولي للعلوم الاقتصادية في جامعة بازل (سويسرا)، بتعاون مع مجلس جهة الداخلة – الذهب، في إطار المبادرات الرامية إلى تعزيز التبادل البنّاء بين الباحثين والأكاديميين وصناع القرار، بهدف تقديم توصيات بشأن القضايا الأساسية في مجال السياسات الاقتصادية.