story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

مأزق البارصا

ص ص

هذا الذي يحدث لنادي برشلونة الإسباني يبدو أنه لن ينتهي قريبا.. ومسلسل الأزمات في التدبير المالي والتقني الذي انطلق منذ سنوات يعطي الدليل على أن النادي الكطالوني يدور في حلقة مفرغة لا مخرج منها رغم تغيير الرؤساء والمدربين واللاعبين.

تشافي هيرنانديس الذي كان قد تراجع عن قراره بترك تدريب “البارصا” في يونيو المقبل والإستمرار لموسم آخر، برغبة من جناح داخل إدارة النادي رغم معارضة جناح آخر، مهدد بالإقالة بعد تصريحاته الأخيرة التي تحدث فيها بوضوح عن وضعية النادي المالية المتدهورة التي لا تسمح بتعاقدات وازنة، ولمح فيها إلى أنه في الموسم المقبل سيكون من الصعب المراهنة على الألقاب.

طبعا مثل هذه التصريحات أثارت غضب الرئيس جوان لابورطا الذي اعتلى كرسي الرئاسة من جديد بفضل وعود طويلة وعريضة داخل الجمعية العمومية للنادي بإعادة البارصا إلى سابق توهجها، لكن عندما شعر ب”ورطته” استعان بقدراته الكلامية في خلق الزوابع الهامشية والأعداء الخارجيين لصرف الأنظار عن حقيقة الوضع المالي المتأزم للنادي، ومبرر غضبه من تشافي أن الأخير لم يسايره في أكاذيبه، وتحدث عن المشكل الحقيقي الذي يسبب كل هذا الفشل.

من خلال تتبعي الدقيق واليومي لما يجري داخل نادي برشلونة خلال السنوات الأخيرة، يمكن أن ألخص أزمته في ثلاثة نقاط:

أولها يتعلق بمشكل الرمزية القومية للنادي، حيث يسيطر عليه منذ ذهاب نونييز تيار قومي يعتبر البارصا هي “الفريق الوطني” لكطالونيا، وبالتالي فتسييره خصوصا على مستوى الرئيس فيجب أن يكون كطلانيا بالجذور والإسم، وهذا ما يحول دون دخول مستثمرين غير كطلان لإمتلاك النادي والإستثمار فيه، لأنهم سيواجهون بالرفض من خلال تصويت الجمعية العمومية التي يسيطر عليها الأغلبية القومية الكطلانية.

ثانيها هي أن العقلية الكطلانية عقلية متحفظة جدا في التدبير المالي، ولها جذور تمتد إلى ثقافة الإقليم وطباع سكانه الأصليين الذين يوصفون من طرف بقية الإسبان بالبخل والإقتصاد في الإنفاق والإستثمار الجبان، وهذا ما يتعارض جذريا مع التوجه المالي العام للأندية الكبيرة في أوربا التي ترفع نسب المخاطرة في الإستثمار في كرة القدم عبر التعاقدات بالمبالغ الفلكية مع المدربين واللاعبين وفي التعاملات المالية المختلفة.

ثالثها يتعلق بهوية النادي الكروية التي بُنيت منذ سبعينيات القرن الماضي على المدرسة الهولندية وطريقة الكرة الشاملة، إذ أصبحت عقيدة تعتنقها جل فئات أكاديمية النادي “لاماسيا” واعتنقتها الإدارة التقنية بشكل بنيوي طيلة عقود، وكانت تؤتي أكلها على مستوى النتائج والفوز بالألقاب ولو لفترات متباعدة آخرها ما حققه الجيل الذهبي الأخير من إبهار ومن إنجازات.. لكن التطورات التكتيكية في كرة القدم المعاصرة أصبحت تذهب إلى البحث عن النتيجة واعتماد الخطط التكتيكية الدفاعية واللعب المباشر، وتحولت معه الكرة الشاملة المغرقة في اللعب المفتوح وفلسفة الإستحواذ إلى طريقة تتطلب امتلاك لاعبين خارقين بمواصفات معينة لم تعد البارصا قادرة على إنجابهم في “مزرعتها” ولا استقطابهم من أندية أخرى بالنظر إلى وضعيتها المالية المتأزمة.

أزمة البارصا ستستمر لسنوات أخرى طالما يتشبت مدبروها بعقيدتهم القومية الكطلانية وعدم توجيه مسار النادي إلى الإنفتاح على شخصيات ومستثمرين من خارج الإقليم ومن خارج إسبانيا أيضا، فالدخول إلى كوكبة الأندية القوية ماليا في أوربا لن يتم بمثل هذه العقليات المنغلقة على نفسها وعلى هويتها العرقية في عالم لم يعد يعترف بالحدود في أي شيء.