مع رفع سعر “البوطة”..ما ضمانات الحكومة لتوجيه الدعم نحو مستحقيه؟
ابتداء من صباح اليوم شرعت الحكومة رسميا في الرفع التدريجي لدعمها عن غاز البوتان ليصل السعر الحالي إلى 50 درهما بعد أن كان إلى حدود يوم أمس عند 40 درهم، وتعد هذه الزيادة هي الأولى من أصل ثلاث زيادات من المنتظر أن تقفز بسعر قنينة الغاز إلى 70 درهما بحلول 2026.
ونظرا لارتباط هذه المادة بالعديد من القطاعات الحيوية، فمن المنتظر أن يرافق هذه الزيادة، ارتفاع في أسعار العديد من السلع والخدمات، وهو ما قد يضع المواطنين أمام موجة تضخمية جديدة بعد أن كان المعدل قد تراجع إلى 0.9 بالمائة خلال شهر مارس الماضي حسب آخر أرقام المندوبية السامية للتخطيط ليصل إلى أدنى مستوياته.
وترى الحكومة في هذا الإجراء خطوة ضرورية لتوجيه الدعم نحو مستحقيه بدل أن يشمل الجميع بمن فيهم كبار المستثمرين في الفلاحة والسياحة والصناعة الذين يتجاوز استهلاكهم من هذه المادة مجموع ما تستهلكه الأسر المغربية.
ويقترن هذا الاستهداف بالمؤشر الاجتماعي والاقتصادي والذي يربط حصول أي أسرة بالدعم من عدمه برقم يُمنح لكل لها في السجل الاجتماعي الموحد بناء على مجموعة من المعطيات الدقيقة التي تتعلق بوضعيتهم الاجتماعية والاقتصادية.
في المقابل تشتكي العديد من الأسر إقصائها من الدعم بسبب هذا المؤشر الذي تعتبره غير منصف ولا يعكس بالضرورة الحالة الاجتماعية الهشة لبعض الأسر، وهو ما يطرح أسئلة عديدة حول مدى ملائمة الظرفية الحالية للشروع في توجيه دعم البوتان نحو الأسر المحتاجة.
في هذا السياق يرى عمر الحياني منسق فريق فيدرالية اليسار بمجلس العاصمة أن الوضعية غير ملائمة للمرور نحو الرفع التدريجي لسعر البوطان نظرا للمشاكل التي تشوب عملية الاستهداف بسبب المؤشر الاقتصادي والاجتماعي.
وأوضح الحياني أن تطبيق المؤشر الاقتصادي والاجتماعي لا زالت تشوبه العديد من المشاكل التي حرمت العديد من الأسر المغربية من الاستفادة من الدعم رغم حاجتها إليه في مقابل استفادة عائلات هي في غنى عن هذا الدعم.
وتابع أن هناك العديد من الأسر التي تَغير مؤشرها في ظرف شهر أو شهرين، وهو أمر يبقى غير منطقي، مشددا على أن الأجدر كان محاولة إيجاد حلول لمشاكل الاستهداف وجعله منصفا وعادلا للجميع قبل المرور إلى الرفع التدريجي عن دعم غاز البوتان والمواد لأخرى.
ورغم كل هذا، أردف الحياني أن هذا الإجراء تأخرا كثيرا حيث كان من المفترض أن يتم الشروع فيه منذ 12 سنة في عهد الحكومات السابقة، على أن يقترن هذا الرفع بالاستهادف المباشر للأسر المعوزة في إطار برنامج الدعم الاجتماعي المباشر.
وأضاف أن العديد من الدراسات المنجزة في هذا الجانب تعتبر الدعم الموجه لغاز البوتان دعما عشوائيا، وأن المستفيد الأكبر هم كبار المستثمرين في الفلاحة والسياحة والصناعة الذين يتجاوز استهلاكهم من هذه المادة، مجموع ما تستهلكه الأسر المغربية والتي رفعت من هوامشها ربحها بشكل كبير نتيجة لهذا الدعم.
في المقابل أردف الحياني أن الإشكال الأكبر الذي سيطرحه الرفع التدرجي لغاز البوتان سيقع على عاتق الطبقات المتوسطة التي لا تستفيد من اي دعم
من جانبه نفى الخبير الاقتصادي، إدريس الفينة، أن يكون لهذه الخطوة تأثير على أسعار العديد من المنتوجات مبرزا أن التأثير سيشمل بالدرجة الأولى هوامش ربح القطاعات التي تستعمل غاز بالبوتان في صناعتها، خصوصا في ظل تراجع الطلب بشكل كبير في الفترة الأخيرة.
وأضاف الفينة أن هذا الإصلاح عرف تأخرا كبيرا خصوصا في ظل الضغط الذي يطبقه دعم العديد من المواد الأساسية على خزينة الدولة، رغم الإعانات الموجهة للأسر الهشة في إطار برامج الحماية الاجتماعية
وكان والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري قد أبد تأييده لقرار الحكومة برفع الدعم عن غاز البوتان، مشددا على أن الرفع التدريجي لثمن الغاز بمعدل عشر دراهم كل سنة، بدل رفعه دفعة واحدة، كان من الأسباب الأساسية التي جعلت البنك يخفض توقع معدل التضخم برسم السنة الجارية