أوراز: من الشعبوية اعتبار الفوسفاط وحده قادرا على جعل المغرب غنيا
س: اتجه المغرب في السنوات الأخيرة نحو تثمين الفوسفاط واستخراج مشتقاته بدل تصديره خاما، إلى أي حد كانت هذه السياسة مثمرة اقتصاديا؟
ج: تظهر النتائج المالية للمكتب نجاح هذه الاستراتيجية، وهي استراتيجية كانت في حاجة لاستثمارات ضخمة ولإيجاد الأسواق الخارجية المناسبة لتسويق المنتجات، ويعني ذلك شركاء موثوق فيهم.
ولكي نعطي فكرة عن استثمارات المكتب، فخلال سنة 2023 بلغت النفقات الاستثمارية 26,825 مليار درهم. كما يخطط المكتب لاستثمار 130 مليار درهم على المستوى العالمي خلال السنوات الخمس المقبلة (2023-2027) لزيادة طاقته الإنتاجية من 12 مليون طن إلى مستوى قياسي يبلغ 20 مليون طن من الأسمدة. إنها إذن مشاريع في حاجة لمصادر أموال ضخمة، ولتدبير جيد. لكن سوق الفوسفاط ككل الأسواق، معرض لاضطرابات قد تؤثر على النتائج المالية للقطاع، وهنا يجب الحذر.
س: قام المكتب الشريف للفوسفاط بخروج كبير مؤخرا نحو السوق المالية الدولية، ما دلالة ذلك؟
ج: هذا ما قلته، المشاريع الاستثمارية التي يقوم بها لتطوير مشاريعه تكلف ملايير الدراهم، والمكتب يعي جيدا أن الاستمرار في تسويق الفوسفاط الخام استراتيجية عقيمة وغير مجدية لتطوره، لكن تطور نشاطه في حاجة إلى رساميل ضخمة، ولهذا يتجه إلى الأسواق المالية لطلب قروض توجه حصرا للقطاع الاستثماري.
بعد ذلك يجب أن نتعلم من دروس الماضي، أية أزمة عالمية في سياق دولي مضطرب قد يؤثر على الأسواق وعلى نمو الاقتصاد العالمي، وقد يؤثر بالتالي على النتائج المالية للمجموعة، وعلى عوائد الاستثمارات التي يقوم بها، وهذا حذر يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار. لأن أي سيناريو مثل هذا سيترك المجموعة غارقة في مديونية ستؤثر على أدائها مستقبلا.
س: هل يساهم المكتب في الاقتصاد المغربي بالشكل الذي يتلاءم مع حجم الثروة الفوسفاتية؟
ج: لست مؤهلا للجواب على الجوانب التقنية لهذا السؤال، لكن المكتب يساهم بشكل كبير الموارد المالية للدولة، ويعتمد عليه في هذا الباب. لكن هل ما يقوم به المكتب هو أفضل ما يمكن القيام به في استثمار هذا المورد الطبيعي وفي تسويقه وفي تدبير الموارد المالية والبشرية والاستثمارات والتسويق؟ لا أدري، وربما هناك دائما طريقة أفضل للقيام بتسيير مؤسسة عمومية مثل المكتب الشريف للفوسفاط.
أما ما نلاحظه من تعلقيات بين الفينة والأخرى على أن الثروة الفوسفاطية لوحدها قادر على جعل المغرب بلدا غنيا، أو بلدا من دون فقراء أظن أن فيها شعبوية. هناك بلدان في المنطقة تجني ملايير الدولارات سنويات من قطاعات مثل النفط والغاز وهي أكبر من حيث عائداتها وتكبر العائدات أوقات الأزمات، ولكن ما تزال تعيش أوضاعا اقتصادية كارثية، وتعرف درجات فقر مرتفعة.
الخلاصة هي أن هذه الموارد مهمة، لكن ليست كل شيء، في غياب حكم القانون ومؤسسات اقتصادية تحمي حقوق الملكية وتشجع الاستثمار الخاص والمبادرة المقاولاتية الخاصة وجذب المواهب واحترام الحقوق والحريات، في غياب هذه العناصر فالموارد الطبيعية وحدها لا تكفي.
لقراءة الملف كاملا، يمكنكم اقتناء مجلة “لسان المغرب” بالضغط على الرابط
*باحث رئيسي في المعهد المغربي لتحليل السياسات