الرميد: الدستور لم يمنع رئاسة وزير العدل للنيابة العامة
أحيا وزير العدل والحريات السابق المصطفى الرميد، نقاش استقلالية النيابة العامة وفصلها القائم حاليا عن وزارة العدل، معتبرا أن الدستور لم ينص على جعل الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيسا لها، وأن الوضع الحالي هو مجرد اختيار تشريعي.
هل تحققت استقلالية القضاء؟
في خطوة هي الأولى من نوعها، نظمت هيئة المحامين في الرباط زوال الخميس 16 ماي 2024، ندوة داخل إحدى القاعات المحتضنة لفعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب، لمناقشة موضوع تقييم مرور سبع سنوات على استقلالية كل من السلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة.
الندوة عرفت إحياء نقاش صاخب حول استقلال القضاء واستقلال النيابة العامة، يعود إلى فترة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، والذي أفضى إلى إنتاج وثيقة مرجعية في شكل ميثاق، وأرضية انبثقت منها النصوص القانونية المؤسسة للسلطة القضائية في شكلها الحالي، بمشاركة كل من وزير العدل والحريات السابق، المصطفى الرميد، والمحامي العضو في مكتب جمعية هيئات المحامين في المغرب، عبد الكبير طبيح، وعبد اللطيف الحاتمي عن الجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء، والمحامي العضو في مجلس هيئة المحامين في الرباط، منير البلغيتي.
وحرص روبيح على توضيح سياق عقد هذه الندوة، معتبرا أنه وبعد سبع سنوات مضت على تفعيل المنظومة المؤسساتية الجديدة للسلطة القضائية، “من حقنا أن نتساءل هل وصلنا اليوم في تجسيدنا لمفهوم استقلال السلطة القضائية والنيابة العامة وما خلص إليه الحوار الوطني وما نتج عنه من قوانين ومؤسسات وعلاقة بين السلط… إلى وضع تستجيب فيه الممارسة لديباجة الدستور وروحه ومقتضياته في باب حماية الحقوق والحريات وحماية قرينة البراءة والتوازن بين مهام وصلاحيات النيابة العامة ومهام وصلاحيات الدفاع؟”.
وأضاف روبيح متسائلا: “هل الواقع قادر على إقناعنا بوجود استقلال فعلي، بمفهوم وروح ما ساد منذ تجربة الانصاف والمصالحة إلى اليوم؟”، و”هل ما نحن عليه اليوم يستجيب ومتلائم مع خطب جلالة الملك عند ربطه القضاء بالجدية وبدولة الحق والقانون؟”
الرميد: المجلس الدستوري بالغ في تعليله
وأوضح الرميد في ندوة نظمتها هيئة المحامين في الرباط، ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب، أن المجلس الدستوري، الذي ظل يراقب دستورية القوانين إلى حين تأسيس المحكمة الدستورية، “بالغ” في تعليله لقرار البت في دستورية القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، عندما اعتبر إسناد رئاسة النيابة العامة إلى الوكيل العام للملك بمحكمة النقض، تفعيلا لمقتضى دستوري.
وشدّد الرميد على أن الأمر يتعلّق بمحرد اختيار تشريعي، وأن المجلس الدستوري كان عليه أن يكتفي بالقول إن جعل الوكيل العام للملك بمحكمة النقض رئيسا للنيابة العامة “ليس فيه ما يخالف الدستور”، وألا يصبغ الطابع الدستوري علي هذا الاختيار، لأنه يجعل بقاء وزير العدل رئيسا للنيابة العامة كما لو كان مخالفا للدستور.
“أنا أعتبر أن المشرع كان يمكنه أن يجعل وزير العدل رئيسا للنيابة العامة، وهو أمر مقبول، لأن الدستور لو اقتضى حتما أن يرأس الوكيل العام لمحكمة النقض النيابة العامة، لنص على عضويته في المجلس الأعلى للأمن، وإلا لماذا لم ينص على ذلك؟”. وشدّد الرميد على أن معنى ذلك أن الدستور لا يقصد حصر رئاسة النيابة العامة في الوكيل العام للملك، “وترك ذلك للاختيار التشريعي، لكن المجلس الدستوري ذهب في هذا الاتجاه الذي لا نوافق عليه كتعليل”.
ورغم تأكيده أنه انضبط للقرار النهائي الذي خلص إليه النقاش العام حول استقلال النيابة العامة، وتخليه عن موقفه الشخصي السابق، وإشارته إلى أن القوانين والمؤسسات الحالية “فوق رأسه”، قال الرميد إن الاستقلال التام للنيابة العام غير موجود في أي من بلدان العالم، وليس مطلوبا، “بل المطلوب هو الاستقلال التام للقضاء الجالس، وقد وقفت على ذلك شخصيا من خلال التواصل والاحتكاك مع وزراء ووكلاء عامين في دول متقدمة”.
وأوضح الرميد أن الاختيار الذي انتهى إليه النقاش الوطني حول استقلال النيابة العامة، “لم يكن اختيارا اعتباطيا بل كان مطلبا ملحا من القضاة بكافة مكونات جمعياتهم، كما أنه الموقف المعبر عنه من قبل المحامين، والموقف الذي عبر عنه المجلس الوطني لحقوق الانسان… كان لي رأي آخر لكن اليوم رأيي هو رأي الميثاق وما دوناه في القوانين”.