أبو العزيز يبرز أدوار مجلس المنافسة والممارسات التي تستدعي تدخله
تطرق محمد أبو العزيز الأمين العام لمجلس المنافسة إلى أدوار المجلس في ضبط المنافسة وطبيعة الممارسات التي يشتغل عليها، مبرزا الآليات التي يتبعها لفتح الملفات والتحقيق فيها.
وأوضح المتحدث خلال مداخلته بندوة مشتركة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ومجلس المنافسة اليوم 15 ماي 2024 بالمعرض الدولي للنشر والكتاب، أن أول الممارسات التي يمكن لمجلس المنافسة التدخل لضبطها تتعلق بالاتفاقات اللاتنافسية الصريحة والضمنية، والتي يقصد بها جميع التقاربات التي تكون بين الشركات في سوق معينة بهدف التنسيق بينها بدل المنافسة.
وتابع أبو العزيز أن هذه الاتفاقات قد تكون على شكل تبادل “معلومات حساسة” تتعلق بالأثمنة أو التوزيع الجغرافي للسوق أو اقتسام للصفقات العمومية، وكل ذلك بهدف خلق “احتكار مفتعل”، مضيفا أن استراتيجية أي شركة داخل السوق يجب أن تتسم بالسرية وأن أي علم بها من قبل المنافسين يدخل في إطار الاتفاقات اللاتنافسية.
الممارسة الثانية التي يتدخل المجلس لضبطها، يضيف المتحدث، تتعلق بما يسمى “الاستغلال التعسفي للوضع المهيمن” ويقصد بها الحالة التي تنتج عندما يكون لفاعل اقتصادي قوة داخل السوق سواء من حيث حصته في هذه السوق أو موارده المالية.. أو لأسباب أخرى تجعله في وضعية متميزة عن منافسيه مما قد يدفعه لاستغلاله هذه الوضعية “بطريقة تعسفية”
نوع آخر يندرج في إطار هذه الممارسة الثانية يتعلق ب”الاستغلال التعسفي للتبعية الاقتصادية” وهي حالة يكون فيها فاعل اقتصادي في تبعية اقتصادية لفاعل آخر في وضعية أضعف مما قد يؤدي إلى استغلال السيء الفاعل الأول لهذه الوضعية، وقد يتعلق الأمر مثلا بفاعلين في مراحل مختلفة من نفس سلسلة الإنتاج.
أما الممارسة الثالثة التي تستدعي تدخل مجلس المنافسة، يوضح الأمين العام لمجلس المنافسة، تتعلق بالبيع بثمن أقل من تكلفة الإنتاج، وهو إجراء قد تلجأ إليه بعض الشركات التي لديها قدرة تحمل داخل السوق تجعلها تتحمل طرح منتوجها بالخسارة بهدف افتعال الاحتكار والقضاء على منافسيها، على أن تقوم بعد ذلك برفع الثمن والاستفادة من وضعية الاحتكار لمضاعفة أرباحها.
ذات المتحدث أبرز أيضا أن المجلس يشتغل على مجال آخر يتعلق بالتركيزات الاقتصادية أو الاندماج بين الشركات في حال تجاوز نسبة معينة من رقم المعاملات، فرغم أن القانون يحمي هذه العملية لكونها تندرج في حرية المبادرة والمقاولة، إلا أن بعض الشركات قد تستغل الشرعية القانونية لهذه العملية لاستعمالها من أجل التنسيق فيما بينها وخلق نوع من الاحتكار في السوق.
ولمواجهة كل هذه الحالات، يوضح أبو العزيز أن المجلس يقوم بفتح ملف من خلال آليتين سواء من خلال توصله بإحالة من جهة خارجية للتحقيق في الأمر أو من خلال إحالة ذاتية من طرف المجلس ذاته، حيث يقوم بتوجيه هذه الإحالة إلى مصالح التحقيق التي تقوم بتجميع المعطيات من الجهات المعنية والاستماع إلى جميع الأطراف.
وبناء على كل هاته المعطيات، يقوم المجلس بإنجاز تقرير أولي (مؤخذات) والتي تكون بمثابة “توجيه تهم”، ليتم بعد ذلك إحالتها على الطرف المعني بهاته التصرفات مع تحديد أجل شهرين للإجابة على “المؤخذات” الموجهة إليه.
وأبرز المتحدث أن هذه الفاعل يبقى له الحق في سلك “مسطرة تصالحية” وفقا للمادة 37 من قانون المنافسة، حيث يمكن للشركة المعنية أن تطلب من المجلس سلك هذا المسار بهدف التوصل إلى غرامة تصالحية والتي تقيد أيضا الطرف المعني بعدد من الالتزامات.
في المقابل وفي حال طعن الفاعل المعني بالتقرير الأولي للمجلس، يقوم هذا الأخير بتضمين جواب الفاعل في تقرير نهائي يرسل مرة أخرى إليه مع تحديد أجل شهرين للإجابة عليه، ليتم في الأخير عقد جلسة تضم جميع الأطراف المعنية بالموضوع للاستماع إليها من طرف هيئة المجلس.
واستعرض أبو العزيز المثال المتعلق بحالة هيئة الخبراء المحاسبين في سوق التدقيق المحاسبي والمالي القانوني والتعاقدي، حيث كانت هذه الهيئة قد قامت بتحديد 500 درهم لساعة كحد أدنى مقابل الخبرة المحاسباتية رغم كونه ثمنا حرا لا يمكن تحديده، وأوضح المتحدث أن هذه الهيئة كانت قد لجأت إلى هذا القرار لمحاربة بعض المحاسبين الذين يقومون “بخدمات لا ترقى للمستوى” بأثمنة زهيدة تؤثر على السوق.
وتابع أن المجلس اعتبر هذا التحديد لسعر اتفاقا لاتنافسي يخرق قانون المنافسة، وهو ما نتج عنه قرار للمجلس يقضي بتغريم هذه الهيئة مبلغ 3 ملايين درهم، لتقوم بعد ذلك هذه الأخير بالطعن في قرار المجلس قبل أن يصدر قرار المحكمة الذي جاء تزكية لما جاء به مجلس المنافسة وتم دفع المبلغ للخزينة العامة للمملكة