“بسبب المدونة”.. دعوات حقوقية للتحقيق في تهديد ناشطات حقوقيات
طالبت فدرالية رابطة حقوق النساء، في رسالة مفتوحة إلى رئاسة النيابة العامة بفتح تحقيق ومعاقبة المتورطين في ملف التهديدات التي توصلت بها عدد من الحقوقيات والناشطات في قضايا النساء والحقوق الفردية، لدفاعهن عن مجموعة من الرؤى بشأن التعديلات المرتقبة في مدونة الأسرة
من جانبها، الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب دعت بدورها، مؤخرا، النيابة العامة إلى تحريك مساطر البحث والتحقيق مع من يقفون وراء هذه التهديدات، معتبرة إياها “عملا إرهابيا مجرما ينشر الكراهية والتمييز واللاأمن واللاأمان في الفضاء العام ويدعو للإرهاب ويحرض عليه..الأمر الذي يستدعي تحرك النيابة العامة”.
وفي السياق، جمعية التحدي للمساواة والمواطنة أطلقت هي الأخرى صرخة ضد ما اعتبرته “الحملة المسعورة على منصات التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية، تحت شعار “كفى من الكراهية..مطالبنا إنسانية”، موضحة أن “الحملة جاءت على شكل تهديدات تحمل تحريضا على العنف والكراهية ونشر أيديولوجية التكفير والحقد في الفضاء الخاص والعام”.
واحدة من اللائحة
رسائل التهديد، أثارت جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أن الأمر يتعلق بمجموعة من المناضلات المغربيات اللواتي يعرفن بمطالبهن حول ورش تعديل مدونة الأسرة، إذ تمت هذه الهجومات بأسماء وهمية بداعي أنهن يحرضن على المثلية ويشجعن العامة على الفسق ومحاربة الإسلام.
زينب فاسيكي، واحدة من الناشطات اللواتي ظهر اسمهن في اللائحة التي تضم 22 اسما مهددا بالقتل، خرجت بفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي عبر منصة “واضح” تحكي فيه تفاصيل هذه الرسائل، قائلة إنها تتوصل بتهديدات بالقتل بشكل مستمر، لكنها تفاجأت أن الأمر بات يهم العديد من الناشطات النسويات والمدافعات عن حقوق الإنسان، حتى أن بعضهن توصل برسائل تشير إلى مقر عملهن.
وفي حديثها عن فحوى الرسائل التي توصلت بها، أكدت فاسيكي أنها تلقت “كلمات جد قاسية”، إلا أنها تجاوزت مرحلة الخوف، وهذا ما دفعها إلى تقديم شكاية لدى النيابة العامة، تقدم فيها جميع الروابط الإلكترونية للصفحات الشخصية التي تم إرسال التهديدات منها، للبت بشكل قانوني في هذا الملف.
“تصرفات غير قانونية”
في هذا الصدد، سميرة موحيا، رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء ترى أن “هذه التهديدات تتوصل بها الناشطات النسويات والمدافعات عن الحقوق الفردية، بشكل مستمر منذ سنوات، إلا أن هذه المرة الأمر يتعلق بتصريح مباشر بالقتل والوعد بالثأر منهن، بدافع أنهن يروجن ما يفسد المجتمع” معتبرة أن ذلك “غير صحيح بتاتا”.
وقالت موحيا في حديث لصحيفة “صوت المغرب” إن “البعض لا يقبلون الاختلاف ويقاومونه، خاصة إذا تعلق الأمر بمطالب تحقيق التطور في الحقوق الإنسانية كالإرث والإجهاض والعلاقة بين الرجل والمرأة في شموليتها”.
واستنكرت رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء هذا السلوك، معتبرة أنه “تطاول على حقوق وحريات الأفراد، خاصة إذا تعلق الأمر بإعداد مشروع قانون مصيري في حياة المغاربة، ليس لدى أي شخص الحق في تكفير شخص ما أو اعتباره عدوا للإسلام، فقط لأنه هناك اختلاف في الأفكار”.
من جهتها عبرت المحامية بهيئة الرباط والناشطة الحقوقية، فتيحة اشتاتو، عن امتعاضها من هذه التصرفات غير القانونية، مبرزة أن “المغرب لم يشهد على هذه التصرفات في السنوات القديمة، ويشهد له بحس التعايش وتقبل الاختلاف مع مختلف الديانات، إلا أن الأمر يتعلق الآن بجنود خفاء يحاربون توجه المغرب نحو تطبيق الاتفاقيات الدولية الملزمة له”.
وأوردت اشتاتو في تصريح لـصحيفة “صوت المغرب” أن الإشكال الحقيقي يكمن في أن هذا الصراع يتعلق بمشروع قانون لم يخرج للوجود بعد، فالملك محمد السادس عين لجنة من ذوي الاختصاص للبت في هذه التعديلات، لذا فالأمر بعيد كل البعد عن فرض وصاية على الأشخاص في دينهم، ومن يسوق هذه الأفعال الإجرامية يجب أن يعاقب بالقانون، لأنها مسألة لا يقبل بها الإنسان كيفما كان توجهه أو فكره”.
العنف الرقمي بلغة الأرقام
وأحيل بتاريخ 4 يناير 2024 مقترح قانون لمواجهة العنف الرقمي ضد النساء، على أنظار لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، تقدم به الفريق الحركي، إذ ينص على تعديل الإطار المفاهيمي لجرائم العنف ضد النساء، وذلك بإضافة العنف الرقمي، فضلا عن تجريم عدد من الأفعال في حال ارتكابها ضد النساء في الفضاءات الرقمية المتعددة.
ووفق تقرير للمندوبية السامية لتخطيط أصدرته بمناسبة اليوم العالمي للمرأة “8مارس” خلال العام المنصرم، إن 1.5 مليون مغربية تعرضت ما بين 2020 و2022 للعنف الرقمي عبر الرسائل الإلكترونية أو المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية ، إذ بات يمثل هذا العنف 19 بالمائة من مجموع أشكال العنف ضد النساء بالبلاد.
من جهاتها، ترصد معطيات المديرية العامة للأمن الوطني وجود ارتفاع في عدد الشكايات المتعلقة بالعنف ضد النساء والفتيات المرتكب بواسطة وسائل التكنلوجيا الحديثة، ففي سنة 2019 سجلت 622 شكاية منها 476 تتعلق بضحية راشدة، و147 تتعلق بقاصر، كما أن عدد الشكايات سجلت ارتفاعا في سنة 2020 إلى 761شكاية، منها 659 تهم راشدات، و109 تهم قاصرات.