ما هو ملتمس الرقابة الذي سعى حزب الاتحاد الاشتراكي إلى إعماله؟
طفا النقاش مؤخرا حول ملتمس الرقابة على الحكومة، والذي كان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قد اتخذ مبادرة تقديمه، غير أن عدم تحمس مكونات من المعارضة للانضمام لمبادرته، جعل المعارضة تطوي صفحة تقديم الملتمس.
وهذه ليست المرة الأولى التي يثار فيها النقاش حول ملتمس الرقابة في المغرب، وسبق تقديمه فعليا مرتين في تاريخ المغرب، دون أن يؤدي في أي منها، إلى منع الحكومة من مواصلة تحملها للمسؤولية.
ما هو ملتمس الرقابة
يعتبر ملتمس الرقابة من أخطر الآليات البرلمانية لمراقبة عمل الحكومة ومسؤوليتها السياسية، جرت العادة أن تقدمه المعارضة على الرغم من أنه من حق كل المكونات البرلمانية تقديمه، ونجاحه يعني سحب الثقة من الحكومة وإسقاطها.
ويمنح الفصل 105 من الدستور الحق لمجلس النواب في أن يعارض مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، بالتصويت على ملتمس للرقابة؛ ولا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس.
ويشير الدستور إلى أنه لا تصح الموافقة على ملتمس الرقابة من قبل مجلس النواب، إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم.
لا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس؛ وتؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية.
إذا وقعت موافقة مجلس النواب على ملتمس الرقابة، فلا يقبل بعد ذلك تقديم أي ملتمس رقابة أمامه، طيلة سنة.
شروط تفعيل هذا الملتمس المتمثلة في ضرورة توقيعه من قبل خمس أعضاء مجلس النواب أي 79 عضوا، وتصويت المجلس بأغلبية مطلقة أي 198 عضوا، تجعل من إمكانية نجاح هذا السيناريو أمرا مستبعدا.
تجارب سابقة في المغرب
وقد عرفت التجربة البرلمانية في المغرب تقديم ملتمسين للرقابة، الأول عام 1964 والثاني عام 1990، ولم يؤد أي منهما إلى إسقاط الحكومة، نظرا إلى القيود الدستورية.
أول تجربة لتقديم ملتمس الرقابة سنة 1964 مع أول تجربة برلمانية في المغرب، حيث تقدمت المعارضة آنذاك بملتمس رقابة لإسقاط الحكومة، وفشل لعدم تمكنه من ضمان الأصوات المطلوبة لتوقيعه، وفق ما كان ينص عليه آنذاك دستور سنة 1962 الذي حكم المرحلة.
أما الملتمس الثاني، فقدمته كذلك المعارضة ضد حكومة عزالدين العراقي، وقدمه حزبا الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، وفشل لعدم توفر النصاب القانوني الذي نص عليه دستور 1972 .
وتميزت هاتان الفترتان بسياق وطني ودولي، ظهرت أبرز تجلياته في الظروف الاقتصادية الصعبة التي كانت تعيشها المملكة، نتيجة تحولات إقليمية ودولية، وكذا الصراع القوي بين القصر وأحزاب الحركة الوطنية.
هذا السياق الصعب مهد الطريق ووفر الأسباب الموضوعية في المناسبتين معا للتقدم بملتمس الرقابة الذي كانت له تداعياته على المديين القريب والبعيد، لكن غياب هذا السياق ورهاناته في الظرفية الحالية، يجعل مبادرة الاتحاديين مجرد صيحة في واد ونفخة في رماد للتغطية على “مرحلة التيه” التي دخلها الحزب حينما وجد نفسه خارج مربع الأغلبية الحكومية بعد الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021.