story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
دولي |

ما يقوله القانون وما تمليه السياسة في نزع المغرب لملكية عقارات جزائرية بالرباط

ص ص

بعد القرار الذي اتخذته السلطات المغربية بمباشرة مسطرة نزع الملكية لعقارات في الرباط تعود ملكيتها للسلطات الجزائرية، بهدف توسيع مقرات وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، طفى إلى السطح نقاش قانوني حول مدى احترام هذا القرار لمقتضيات القانون الدولي والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ومدى توافق ذلك مع واجب حماية الممثليات الديبلوماسية للدول.

مسطرة عادية

وفي هذا الصدد يقول أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط تاج الدين الحسيني إن الأمر يتعلق بمسطرة عادية تدخل ضمن القانون الداخلي، وهي إمكانية نزع ملكية بعض الأراضي من أجل المصلحة العمومية وهذه الصيغة مقبولة أيضا حتى على مستوى القانون الدولي، سواء تعلق الأمر باتفاقية فيينا أو على مستوى العلاقات الديبلوماسية بين الدول”.

وباشرت السلطات المغربية مسطرة نزع الملكية لعقارات تعود ملكيتها للدولة الجزائرية في الرباط، وذلك بهدف توسيع مقرات وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، وذلك حسب مشروع المرسوم الذي تضمنه العدد 5811 من الجريدة الرسمية الصادر في 13 مارس 2024.

ومن جهته قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش عبد الفتاح البلعمشي “إن هذا الأمر مسألة عادية في ما يتعلق بممارسة السلطات العمومية للمصلحة العامة بأن تتخذ القرار الذي تراه مناسبا شريطة العمل بالمساطر الجاري بها العمل في ما يتعلق بالإخبار وبالتعويض وكل الأمور المسطرية والإدارية والضرورية في استيفاء شروط ومعايير نزع الملكية في القانون المغربي”.

لا إشكال قانوني في القرار

ويشار إلى أن المقر الرئيسي للسفارة الجزائرية في الرباط لا يوجد في هذه العقارات موضوع نزع الملكية، التي تعود لمقر سابق للبعثة الديبلوماسية الجزائرية، “بمعنى أنه من الناحية القانونية لا يوجد ما يثير أي إشكال قانوني سواء تعلق الأمر بالقانون الداخلي المرتبط بالتشريع المغربي أو القانون الدولي العام ومنه اتفاقية فيينا لسنة 1961 وما تشير إليه بالنسبة لحماية وحصانة عقارات وممتلكات البعثات الديبلوماسية” يقول الأستاذ البلعمشي.

وفي نفس السياق أكد الأستاذ تاج الدين الحسيني أن السلطات الجزائرية استفادت بكيفية مجانية من قطعة كبرى لها قيمة جد مرتفعة بالشارع الرئيسي لمدينة الرباط وهو شارع محمد السادس وبنت فيها سفارتها، “وبالتالي مسطرة نزع الملكية هي مسطرة قانونية تخضع لعدة مبادئ دستورية وقانونية بحيث تفتح اللائحة لمدة شهرين حتى يحق لكل الأطراف المعنية بنزع الملكية تقديم ملاحظاتها وآنذاك تقرر الدولة إما مباشرة مسطرة نزع الملكية أو عدم مباشرتها”.

وحينما يتم اتخاذ قرار نزع الملكية تمة طعون يمكن تقديمها على المستوى الإداري وإذا تم تجاوزها، قد تقدم كذلك على المستوى القضائي، “والمحاكم الإدارية هي نصبت أصلا لهذه الغاية، وهذه الطعون لا تتم بكيفية عشوائية بل تتم في إطار القانون وفي إطار إجراء الخبرة لتحديد القيمة المستحقة للأرض المنزوعة الملكية في حالة قيام ذلك” يوضح أستاذ القانون الدولي تاج الدين الحسيني.

تسييس الموضوع

من جانبها، هاجمت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية المغرب، بعدما بدأت باشرت السلطات المغربية مسطرة نزع الملكية لعقارات تعود ملكيتها للدولة الجزائرية في الرباط، واصفة الإجراء المغربي بـ “السلوك الاستفزازي والعدائي” ومتوعدة بالرد.

وفي هذا الباب يقول الأستاذ الجامعي عبد الفتاح البلعمشي، “إن الجزائر تحاول من خلال هذه المسطرة المتبعة أن تحول الموضوع إلى مسألة سياسية وتستمر في نفس التوجه الذي اتخذته في السنوات الأخيرة في عدم تفويت أي فرصة مهما كانت من أجل التصعيد ومن أجل إبراز المغرب على أنه يمس في الصميم المصالح الجزائرية “.

وهو نفس الرأي الذي ذهب إليه الأستاذ تاج الدين الحسيني الذي أوضح، “أن السلطات الجزائرية في ردود أفعالها المتشنجة هي تقوم بمواقف ذات طبيعة عدائية حتى قبل أن يتحقق ما كان تتحدث عنه وبالتالي أظن أنه في كل بلدان العالم في إطار العلاقات الديبلوماسية، هذا النوع من القضايا يحسم بكيفية رضائية”، مؤكدا أن السلطات المغربية كانت قد دخلت في حوار مع السلطات الجزائرية بخصوص هذا الموضوع، “إلا أن جواب الجزائر كان سلبيا إلى أبعد الحدود”.

توتر مصطنع

وقالت الخارجية الجزائرية في بلاغ لها أصدرته يوم أمس الأحد 17 مارس 2024، إن “المملكة المغربية شرعت في مرحلة تصعيدية جديدة في سلوكياتها الاستفزازية والعدائية تجاه الجزائر، على شاكلة ما تم تسجيله مؤخرا من مشروع يهدف لمصادرة مقرات تابعة لسفارة الدولة الجزائرية في المغرب”.

وردا على ذلك يقول أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية تاج الدين الحسيني، إن “هذا التوتر المصطنع من طرف النظام الجزائري لم يظهر فقط في هذا الملف بل ظهر في عشرات الملفات وهو يرتبط بنزعة عدوانية قوية يمارسها النظام العسكري الجزائري الذي يعتقد في قرارات نفسه أن مصلحة الجزائر تكمن في إضعاف محيطها وأن في هذا المحيط ليس هناك من طرف ينازع مكانة الجزائر إلا المغرب وبالتالي يتم التوجه ضد المغرب بهذه الطريقة على كل المستويات وذلك منذ فترة جد طويلة في حياة النظام العسكري الجزائري”.

واعتبرت الجزائر أن المشروع المغربي “يمثل انتهاكا صارخا لحرمة وواجب حماية الممثليات الدبلوماسية للدول السيدة، وهي الالتزامات التي يكرسها القانون والعرف الدوليين على حد سواء”.

وفي هذا الصدد، تضيف الخارجية الجزائرية أن المشرع المغربي باتخاذه لهذا القرار “يتعدى بشكل جسيم على الالتزامات المنبثقة على اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية”، مضيفة أن الالتزامات تفرض على المغرب احترام وحماية السفارات المتواجدة على أراضيه في كل الأوقات وتحت جميع الظروف.

وتعليقا على ذلك يخلُص الأستاذ تاج الدين الحسيني إلى أن المغرب عازم في جميع الأحوال على تسوية هذا النوع من القضايا في إطار ديبلوماسية متوازنة وفي إطار المعاملة بالمثل وفي إطار تطبيق القانون كذلك، “سواء تعلق الأمر باتفاقية فيينا الخاصة بالعلاقات الديبلوماسية أو بالقانون الداخلي الذي يحميه الدستور وتحميه القوانين الداخلية التي هي نصوص تشريعية ملزمة”.

مراسلات منذ 2022

ومن جهتها قالت مصادر دبلوماسية مغربية لوكالة الأنباء الإسبانية “EFE” اليوم الإثنين، إنه لم يتم المساس بالسفارة الجزائرية ولا بمقر إقامة السفير الواقع بشارع محمد السادس، “لم يخضعا لأي إجراء” ويتمتعان بحماية السلطات المغربية.

وشددت المصادر المغربية على أن المبنى موضوع شكايات الجزائر هو “مبنى فارغ غير مستعمل” ويقع في مكان آخر محادي لمقر وزارة الخارجية المغربية، مضيفة أن هذا المبنى كان محل نقاش مع السلطات الجزائرية منذ مدة.

وذكر المصدر ذاته أن “المغرب لا يسعى للاستفزاز أو التصعيد مع الجزائر، وحتى العملية المتعلقة بهذا الموقع وصلت إلى طريق مسدود”، موضحة أن الدبلوماسية المغربية أرسلت منذ يناير 2022 سبع رسائل بخصوص هذا الموقع في تبادلاتها مع الجزائر.

وأضافت أن وزارة الخارجية المغربية تعمل على توسيع مقرها من خلال اقتناء مباني ملحقة أو قريبة من مقرها، حيث تم شراء مباني غير مستخدمة في منطقة سفارات أخرى قريبة مثل سفارات النمسا وسويسرا وساحل العاج والولايات المتحدة، فيما لا زالت المفاوضات مستمرة مع الدنمارك لشراء مباني غير مستخدمة بهدف توسيع مقر الوزارة وإنشاء أكاديمية دبلوماسية ومتحف.

ونبهت المصادر ذاتها إلى أن المغرب “عمل دائما على الحفاظ على حسن الجوار بين الدولتين وعلى الأخوة بين الشعبين” الجزائري والمغربي.