المنتخبات الوطنية والسوق الإسبانية
بموازاة مع التأكيدات التي تشير إلى نجاح جامعة فوزي لقجع في استقطاب إبراهيم دياز إلى المنتخب الوطني في معسكره هذا الشهر، جرت عمليات استقطاب أخرى للاعبين مغاربة من إسبانيا وإلحاقهم بالفئات السنية للمنتخبات الوطنية، أبرزهم عميد فريق بيتيس لأقل من 15 سنة لويس فيليليس مغوزة، وإسماعيل زياني في نفس الفئة، وقبله كانت الجامعة الملكية المغربية قد نجحت في ضم إلياس أخوماش، وسليم الجباري، وعبد الله الريحاني، وآخرون في فئات عمرية أقل.
خلال السنوات الأخيرة أصبح الجميع يسجل البروز المكثف للمواهب ذات الأصل المغربي في إسبانيا، حيث أصبحت جل أكاديميات الأندية الإسبانية الكبيرة تعج بأبناء الجيل الأول للمهاجرين المغاربة الذين بدؤوا يصِلون إلى أخذ مكانتهم في دوري لاليغا بشكل غيّر المُعطى القديم الذي كان يفيد بأن جاليتنا في فرنسا وهولندا وبلجيكا هي أكثر من يزود المنتخبات الوطنية باللاعبين.
هذه الوفرة في الأسماء المغربية داخل النوادي الإسبانية كانت لابد وأن تغري مسؤولي الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ، حيث بدؤوا في تحويل “رادارهم” اتجاه “السوق” الإسبانية، وذلك في إطار السياسة الكسولة التي انطلقت قديما في الاعتماد الكلي على ما تنتجه أوروبا و انتظار قطف ثمار العمل القاعدي الكبير الذي تشتغل عليه الأكاديميات الأوروبية، حيث نشط مندوبو جامعة فوزي لقجع في ملاحقة جل من برز من الأسماء المغربية في الفئات السنية لأندية لاليغا على أمل ضمها للمنتخبات الوطنية.
استقطاب نجوم من أصول مغربية متألقين في أندية عالمية وضمها للمنتخب الأول، يمكن تفهمه من زاوية حقهم في حمل قميص بلاد آبائهم وأجدادهم، وأيضا بالنظر لقيمتهم الكروية العالية التي قد تعطي الإضافة الإيجابية لتشكيلة الفريق الوطني، لكن هذا الجري المستمر وراء الأطفال في بلد آخر وضمهم إلى المنتخبات السنية الصغيرة يعني شيئين لا ثالث لهما، الأول هو أننا لا نتوفر على أية سياسة كروية تبرر كل هذا الحديث الفولكلوري عن “المشروع” المزعوم، والثاني هو أننا “باغيينها باردة” بقطف ثمار عمل الأكاديميات الأوروبية، عوض أن نقوم نحن بذلك داخل بلادنا.
هذه السياسة أثبتت فشلها منذ سنوات طويلة، ولم تأت بأية نتيجة تذكر، وبها خرجنا صفر اليدين في العديد من المناسبات ورغم ذلك لازال “موالين البالون” يمارسونها ويصرون على مرافقتها ب”الغيطة والطبل” في كل مرة نجحوا في انتزاع طفل صغير من فئته بالمنتخب الإسباني، واصفين ذلك ب”العمل الجبار” في التنقيب والقدرة على إقناع أبويه لكي يغير جنسيته الرياضية، عمليات مثل هذه في الحقيقة هي سبة في حق من يتولون شؤون كرة القدم في المغرب بالنظر للعدد الهائل من الأطفال الموهوبين الذين يضيعون في المدن والقرى المغربية بسبب غياب استراتيجية وطنية في تكوين اللاعبين.
أي مشروع كروي إذا لم تتأسس قاعدته على تكوين الأجيال الصغيرة من اللاعبين داخل البلاد وفق هوية كروية موحدة، وضمان تدرجهم مجتمعين بسلاسة إلى الفئات الأعلى حتى يصل سبعون بالمائة منهم على الأقل إلى المنتخب الأول، تصبح مضيعة للوقت والمال والجهد، وتبيع الوهم للجمهور، ولا تأتي سوى بالفشل والإقصاء والهزائم.