تنافس بريطاني إسباني على سوق الاستثمارات المغربية استعدادا لمونديال 2030
في ظل استعداد المغرب لاحتضان كأس العالم 2030 بشركة مع إسبانيا والبرتغال، ووضعه لخطة استثمارات لتهيئة بنيته التحتية بما يتلاءم مع استضافة الحدث الكروي الدولي، بدأ سباق محموم بين عدد من الدول الكبرى، لضمان حصة من سوق الاستثمارات في المغرب في السنوات المقبلة.
وفي السياق ذاته، تحدث رئيس الحكومة الإسبانية ،بيدرو سانشيز في إطار زيارته أول أمس إلى المغرب، عن سعي بلاده للحصول على حصة من استثمارات المغرب في السنوات العشر المقبلة التي ستخصص لتطوير البنية التحتية للبلاد استعدادا لاحتضان مونديال 2030.
45 مليار دولار
مصادر حكومية إسبانية قالت لصحيفة الباييس الإسبانية “إن المغرب يتيح إمكانيات هائلة للاستثمار ولا يمكن لإسبانيا أن تضيعها”، موضحة أن الهدف هو التنافس على جزء من ال45 مليار دولار والتي يخطط المغرب لاستثمارها في مجال البنيات التحتية.
هذا السعي نحو ضمان حصة من استثمارات المغرب في السنوات المقبلة، دفع رئيس الحكومة الإسباني بيدرو سانشيز في زيارته الأخيرة إلى الرباط لطرح فكرة استضافة الاجتماع الرفيع المستوى الإسباني المغربي المقبل المقرر عقده في إسبانيا، لمنتدى للشركات من كلا البلدين لبحث فرص الاستثمار في البنية التحتية التي يريد المغرب تشييدها لهذا الحدث.
في الوقت الذي باتت إسبانيا تسخر كل جهودها للحصول على الحصة الأكبر من كعكة الاستثمارات المغربية مستفيدة من انتعاش علاقات البلدين في الفترة الأخيرة، أصبحت بريطانيا هي الأخرى تبدي اهتمامها المتزايد بالمشاريع التي يستعد المغرب لإطلاقها استعداد لتنظيم كأس العالم 2030 مع كل إسبانيا والبرتغال.
سعي بريطاني
في هذا الصدد كان برنامج بوابة النمو (Growth Gateway) الذي أطلقته بريطانيا لمساعدة المستثمرين الأفارقة والدوليين والبريطانيين على الدخول في شراكات استثمارية، قد أبدى اهتمامه البالغ بالمشاريع التي أطلقها المغرب، متحدثا في تقرير له بشراكة مع وزارة الأعمال والتجارة البريطانية عن إمكانية لعب الشركات البريطانية دورا رئيسيا في مشاريع المغرب المتعلقة في أربع مجالات مهمة بالنقل السككي والصحة والماء بالإضافة إلى مجال الطاقات النظيفة.
في هذا السياق، تقوم “هيئة البنية التحتية والمشاريع” التابعة للحكومة البريطانية، خلال هذا الأسبوع بعقد اجتماعات متواصلة مع وزراء ومسؤولين بهدف استكشاف الفرص المتاحة لدعم تنفيذ المشاريع الكبرى وبرامج البنية التحتية، المندرجة في إطار استعداد المغرب لتنظيم كأس العالم 2030.
وحسب تدوينة لسفارة البريطانية بالمغرب على موقع إكس (تويتر سابقا)، فقد التقى مبعوثو الهيئة مع نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية، بهدف تسليط الضوء على “التزام المملكة المتحدة بزيادة التجارة والاستثمار مع المغرب واستعدادها لدعم استثمارات المغرب الكبيرة في البنية التحتية”.
وكانت الهيئة قد أجرت اجتماعات أخرى مطلع هذا الأسبوع مع كل من وزير المنتدب المكلفة بالميزانية فوزي لقجع ووزير التجهيز والماء نزار بركة، بالإضافة إلى مسؤوليين من مديرية المنشآت العامة و الخوصصة.
3 مجالات للمنافسة
وتسعى الدولتان إلى تركيز جهودهما على 3 مجالات أساسية، حيث أشار تقرير لجريدة “إل باييس”، إلى أن القطاعات ذات الأولوية بالنسبة للشركات الإسبانية، تتعلق بقطاع الماء، والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى قطاع النقل السكك الحديدية، وأضافت الصحيفة نقلا عن مصادر حكومية بعد الاجتماع الإسباني المغربي الرفيع المستوى، أن “هناك فرص هائلة متاحة لا يمكن لإسبانيا أن تفوتها”.
نفس القطاعات ركز عليها تقرير برنامج بوابة النمو (Growth Gateway) داعيا الشركات البريطانية إلى محاولة ااستفادة منها.
ويبدو أن قطاع النقل يعد أقرب هذه القطاعات لخلق منافسة بين البلدين في الوقت الحاضر، حيث تسعى الشركات الإسبانية، التي لم تظفر بحصة لها من مشروع الخط فائق السرعة بين الدار البيضاء وطنجة إلى الحصول على صفقة إنجاز قطارات فائقة السرعة في إطار إستراتيجية المغرب لتوسيع شبكته قبل مونديال 2030.
بريطانيا هي الأخرى، تسعى لبحث سبل الاستثمار في قطاع النقل، حيث كانت هيئة البنية التحتية والمشاريع قد التقت محمد ربيع الخليع، رئيس المكتب الوطني للسكك الحديدية.
في ذات السياق وزير النقل واللوجستيك، عبد الجليل، كان قد أكد في تصريح للصحافة عقب مباحثات مع وزير الدولة البريطاني المكلف بالتجارة والأعمال، أنه تم التطرق بهذه المناسبة إلى مجموعة من المواضيع، منها الرغبة البريطانية في مواكبة المشاريع المتعلقة بالسكك الحديدية والطيران المدني
تقارب اقتصادي
وباتت المشاريع التي يخطط المغرب لتنفيذها في السنوات الستة المقبلة، موزعة بين الدول التي تتميز بتقارب سياسي اقتصادي مع المغرب، مثل بريطانيا والإمارات وإسبانيا، حيث كشفت آخر إحصائيات وزارة التجارة والأعمال البريطانية أن حجم التبادلات التجارية بين المغرب وبريطانيا بلغ ما يناهز 4.3 مليار درهم (3.4 مليار جنيه استرليني)، وذلك خلال الفترة الممتدة بين منتصف سنة 2022 ومنتصف سنة 2023، بزيادة قدرها 24 بالمائة.
أما بخصوص إسبانيا فقد عرفت الفترة الممتدة بين سنتي 2019 و2022 زيادة في حجم التبادلات التجارية بين البلدين بلغت 22 بالمائة، حيث تعد إسبانيا الشريك التجاري الأول للمملكة بعد سحب البساط من فرنسا.
كما يعتبر المغرب الوجهة الأولى للاستثمارات الإسبانية في إفريقيا، برصيد استثمارات يقارب 8 مليار درهم (2 مليار يورو)، وهو ما يوفر 19 ألف و915 منصب شغل.