تفاصيل زيارة زعيم “البوليساريو” إلى إيرلندا
لم تمر زيارة زعيم جبهة “البوليساريو” الانفصالية، إبراهيم غالي إلى إيرلندا، يوم الخميس 15 فبراير 2024، دون أن تخلف رجة كبيرة في العلاقة بين الرباط ودبلن، خاصة وأنه رافقتها صور استقبال رئيس جمهورية إيرلندا مايكل دي هيجنز له في القصر الرئاسي، وهي الخطوة التي خلقت جدلا كبيرا وسط الأوساط السياسية لكونها تشبه اللقطة التي فجرت العلاقة بين المغرب وتونس، عندما استقبل الرئيس التونسي قيس السعيد غالي استقبال الرؤساء في قصره.
هذه التطورات، دفعت سفارة إيرلندا بالرباط إلى إصدار توضيح حول خلفيات استقبال إبراهيم غالي من طرف الرئيس الإيرلندي، لتبرئ نفسها، من أي موقف سياسي يمكن أن يفهم من الاستقبال وحجمه وصورته.
ماذا يفعل “غالي” في “البحيرة السوداء”؟
لعل أول سؤال يتبادر إلى الأذهان، عند قراءة خبر “غالي في دبلن” هو “ماذا يفعل هناك؟”، رواية البوليساريو لم تبتعد كثيرا عن تصويرها لزيارة زعيم الحركة الانفصالية، بأنها تهدف إلى التطرق للتطورات الحاصلة في ملف الصحراء، ومناقشة مواقف الجبهة تجاه الأحداث التي يشهدها العالم، وفقا ما أفادت به “وكالة الأنباء الصحراوية”.
هذه الرواية، وفي الوقت الذي تناقلتها العديد من وسائل الإعلام الموالية للجبهة، ناشرة بذلك العديد من المقالات تبين أنها زيارة “رسمية” في محاولة لتصويرها على أنها وجه من أوجه اتساع الدعم للجبهة خارجيا، تقابله رواية أخرى، تتمسك بكون الزيارة “خاصة” وبدون أي صفة رسمية.
دبلن ترد على “الورطة”
بعد هذه الزيارة، وجدت دبلن نفسها في موقف يستدعي التوضيح للرباط، وهو ما دفعها إلى إصدار رد رسمي يعفيها من لغو الإعلام، مؤكدة أن زيارة غالي “ليست زيارة رسمية”، مضيفة أن الجمهورية اليرلندية لا تعترف بـ”جبهة البوليساريو” من الأساس.
هذا الرد جاء على حساب سفارة إيرلندا الرسمي في موقع “إكس” (تويتر سابقا)، والذي قال كذلك إن “موقف إيرلندا بخصوص نزاع الصحراء الطويل الأمد يتمثل في أنها تدعم بشكل كامل الجهود التي تديرها الأمم المتحدة وجهود الأمين العام للوصول إلى تسوية سياسية نهائية ومقبولة متبادلة بشأن هذه القضية”، غير أن الرباط لم تخرج بأي رد يفصح عن موقفها تجاه ما حصل.
فلاش باك “زيارة بن بطوش”
زيارة غالي لإيرلندا، تعيد إلى الأذهان زيارته إلى تونس خلال شهر غشت من سنة 2022، والتي حظي خلالها باستقبال رسمي من طرف الرئيس التونسي قيس السعيد، ما فجر العلاقات التونسية المغربية، وسحب كل بلد سفيره من البلد الآخر، ولا زالت العلاقات مجمدة على إثر هذا الاستقبال إلى حدود اليوم.
زعيم البوليساريو الذي شارك بأعمال قمة طوكيو الدولية للتنمية في إفريقيا بنسختها الثامنة “تيكاد 8″، حل بتونس آنذاك، وحظي باستقبال رسمي من رئيسها، على غرار ما حظي به رؤساء وفود الدول الإفريقية، وهو المشهد الذي لم يستسغه المغرب.
الحكومة المغربية اعتبرت الاستقبال “عمل خطير وغير مبرر، ويسيئ إلى مشاعر الشعب المغربي بكل مكوناته”، في مقابل دفاع تونس على الاستقبال، وقالت إنها “احترمت جميع إجراءات احتضان القمة وفقا للمرجعيات القانونية الإفريقية، وأعلنت حرصها على علاقاتها الودية والأخوية والتاريخية العريقة التي تجمعها بالشعب المغربي”.
وأضافت الخارجية التونسية أن البلاد “حافظت على حيادها التام في قضية الصحراء التزاما بالشرعية الدولية، وهو موقف ثابت لن يتغير إلى أن تجد الأطراف المعنية حلا سلميا يرتضيه الجميع”.
دبلن والرباط…
شهدت العلاقات الثنائية بين إيرلندا والمغرب قفزة نوعية، حينما فتحت دبلن يوم 14 يناير 2021، سفارة لها في الرباط، بعدما كان مقررا فتحها سنة قبل ذلك، بسبب الحالة الوبائية التي أخرت تنفيذ هذا القرار.
والجدير بالذكر، أن وزارة الخارجية الإيرلندية جددت في شهر نونبر الماضي دعمها لقرارات مجلس الأمن الدولي وللحل السلمي لقضية الصحراء المغربية، مؤكدة أن “إيرلندا لم تقدم على مدار السنوات الخمس الفارطةـ أي معونة أو تمويل مباشر لمخيمات الصحراويين في تندوف الجزائرية”.
وبلغة الأرقام، سجلت العلاقات الاقتصادية بين دبلن والرباط تحسنا كبيرا، إذ سجلت غرفة التجارة العربية الإيرلندية، في النصف الأول من عام 2023، ما يناهز الـ70 مليون أورو، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 21 بالمائة مقارنة بأرقام الفترة ذاتها من العام الذي قبله.