الصعود الثاني لـ”البيجيدي”.. الاحتمال الممكن
هل يمكن تصور عودة ثانية لحزب العدالة والتنمية؟ ما هي العوامل التي قد تدفع نحو تحقق هذا الاحتمال؟ وما هي العوائق التي يمكن أن تمنعه؟ وهل الحزب الذي تدحرج من رأس الهرم الحزبي إلى أسفله في انتخابات 2021 تعافى تنظيميا وسياسيا وبات مستعدا لهذه العودة أم لا يزال فاقدا لتوازنه السياسي؟ وما المؤشرات الدالة على كل ذلك؟
من المؤكد أن الأحداث الأخيرة في المحيط الإقليمي للمغرب، خصوصا العدوان الإسرائيلي على غزة، وراء طرح التساؤل حول احتمال تبلور موجة صعود ثانية للأحزاب الإسلامية، بعدما جرى تحييدها بالقوة أو غيرها من المشهد السياسي في عدة دول عربية. في هذا الإطار مثلا تساءلت “الإيكونوميست” البريطانية، في نونبر الماضي، عما إذا كان حدث 7 أكتوبر والعدوان الإسرائيلي على غزة، قد يؤدي إلى “تأجيج جذوة الإسلام السياسي”، وأن تؤدي “الحماسة المناهضة لإسرائيل والغرب إلى إثارة جماهيره من جديد”.
وفي السياق الوطني، تدفع عوامل عديدة نحو التساؤل حول إمكانية أن يستعيد حزب العدالة والتنمية عافيته وموقعه في الخريطة السياسية، منها عوامل ذاتية تتعلق بالتعافي التنظيمي واستعادة الحزب بعض فعاليته في إثارة النقاش العمومي وتمثيل وجهة النظر المحافظة في المجتمع إزاء قضايا مختلفة مثل مدونة الأسرة والقانون الجنائي، ومنها عوامل موضوعية تتعلق بمحدودية الأداء السياسي لحكومة عزيز أخنوش، وسقوطها في مطبات التدبير التقني التي أفضت إلى أزمات متتالية مثل أزمة مباراة المحامين ثم أزمة النظام الأساسي لرجال ونساء التعليم، علاوة على تلطيخ صوة بعض أحزاب الأغلبية الحكومية على خلفية ملف الاتجار الدولي في المخدرات، والذي يحاكم بشأنه قادة سياسيون من حزب الأصالة والمعاصرة وغيره.
في هذه الورقة من ملف العدد الجديد من مجلة “لسان المغرب”، سنحاول فحص العوامل الموضوعية التي قد تساعد وتدفع نحو عودة حزب العدالة والتنمية إلى مركز المشهد السياسي، أخذا بعين الاعتبار العوائق التي قد تحول دون ذلك أيضا. كما تبحث، من جهة أخرى، في مدى استعداد الحزب، تنظيميا وسياسيا، لهذه العودة الثانية، وكذا الأوراق السياسية التي قد يلعب بها من أجل تحسين موقعه السياسي والتفاوضي مرة أخرى.