حماة المال العام يطالبون بتجريم الإثراء غير المشروع والقطع مع الفساد
استكمالا للحملة التي أطلقتها الجمعية المغربية لحماية المال العام، التي تروم تجريم الإثراء غير المشروع، احتج حماة المال العام أمام البرلمان اليوم السبت 17 فبراير 2024 مطالبين بإقرار ترسانة قانونية لمحاربة الفساد وملاحقة ناهبي المال العام.
ضرورة تجريم الإثراء غير المشروع
وفي حديث له لصوت المغرب أثناء الوقفة الاحتجاجية التي نظمت تحت شعار “تجريم الإثراء غير المشروع مدخل أساسي لمكافحة الفساد” قال محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال إن المحتجين اليوم أمام البرلمان” يعتبرون مكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام وتخليق الحياة العامة يقتضي إرساء حزمة قوانين تُجرم الإثراء غير المشروع”.
ويرى الغلوسي أن إقرار قانون تجريم الإثراء غير المشروع “سيشكل مدخلا لإرساء منظومة قانونية متكاملة منسجمة مع المواثيق الدولية ذات الصلة بمكافحة الفساد وخاصة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد”.
واعتبر المتحدث ذاته، أن هذا القانون من شأنه أن “يعزز أدوار مؤسسات الحكامة وصلاحياتها”، مبرزا في هذا السياق “أدوار المجلس الأعلى للحسابات ومجلس المنافسة”.
ويرى حماة المال العام، أن “أدوار البرلمان ستتقوى إذا ما تم المضي قدما في إرساء هذه القوانين التي من شأنها أن تشكل مدخلا مهما للقطع مع الفساد ومحاربة ناهبي المال العام”.
ومنذ أن أحالته حكومة عبد الإله ابن كيران على مجلس النواب المغربي بتاريخ 24 يونيو 2016، ظل مشروع القانون الذي يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، خصوصا الفصل المتعلق بالإثراء غير المشروع، مثار جدل ونقاش واسع دون أن يعرف الانفراج.
وفي عهد الحكومة الجديدة، توصل مجلس النواب بتاريخ 28 أكتوبر 2021 برسالة من رئيس الحكومة عزيز أخنوش تطلب سحبه من المجلس، وبررت الحكومة هذه الخطوة “بضرورة مناقشة مشروع القانون في شموليته”، وفق ما قاله الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس.
وكانت الجمعية المغربية لحماية المال العام، قد أعلنت يوم الأربعاء 7 فبراير 2024، عن إطلاق حملة وطنية للمطالبة بتجريم الإثراء غير المشروع، مع إطلاق عريضة إلكترونية موجهة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش في الموضوع.
معضلة الفساد
ويرى حماة المال العام، أن أكبر معضلة يواجهها المغرب اليوم هي “معضلة الفساد” وهو الأمر الذي أكده الغلوسي خلال حديثه ل”صوت المغرب” أثناء الوقفة التي نظمت اليوم بالعاصمة الرباط، إذ قال “إن أكبر معضلة تقف في وجه تنمية البلاد هي الفساد”.
وبرر هذا الكلام بتأكيده أن الفساد يستنزف 5 بالمئة من الناتج الداخلي الخام، ويكلف 50 مليار درهم سنويا في مجال الصفقات العمومية وهي “تكلفة باهظة جدا وتشكل عائقا حقيقيا أمام البرامج التنموية والسياسات العمومية الموجهة للتنمية” وفقا لكلام محمد الغلوسي.
وتبعا لذلك أكد رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن “الدولة مطالبة اليوم بالحزم في مواجهة الفساد والمفسدين وذلك بمحاسبة لصوص المال العام واسترجاع الأموال المنهوبة منهم”.
نريدها حملة دائمة
وتعليقا على حملة الاعتقالات والمتابعات القانونية الأخيرة والتي طالت مسؤولين ووزراء سابقين على خلفية ملفات فساد قال الغلوسي”إنها إيجابية ومهمة إلا أنه ينبغي أن تستمر”.
وتابع قائلا:”نريدها حملة دائمة، لا أن تستمر بمنطق ظرفي وبمنطق الحملة بل ينبغي أن تستمر وفق رؤية تتطلع إلى دولة الحق والقانون والقطع مع الفساد”.
وشدد الغلوسي في حديثه على ضرورة مصادرة أموال المفسدين المتابعين وتوجيهها إلى برامج التنمية والسياسات العمومية الموجهة للتنمية.
تراجع في مؤشر إدراك الرشوة
وكانت جمعية ترانسبرانسي قد أصدرت بلاغا في 30 يناير 2024، أوضحت من خلاله أن “المغرب مستمر في مستنقع الفساد منذ ما يزيد عن عقدين من الزمن”، والذي تؤكده مجموعة من المؤشرات المتعلقة بالشفافية وحسن تدبير الشأن العام.
وأضاف البلاغ أنه “كان هناك مجهود سنة 2018 حيث احتل المغرب الرتبة 73 في مؤشر إدراك الرشوة، ضمن 180 دولة، وحصل على نقطة 43 على مائة ارتباطا بإصدار قانون الحق في الوصول للمعلومة وانخراط المغرب في شراكة الحكومة المفتوحة”.
غير أنه ما لبث أن “رجع لمسار الانحدار، بعدما تراجع ب 5 نقاط حيث حصل المغرب سنة 2023على نقطة 38 واحتل الرتبة 97، أي بتراجع 5 نقط و24 رتبة في ظرف خمس سنوات بمعدل نقطة وخمسة مراتب كل سنة.
وطالبت “ترانسبرانسي” في ذات البلاغ بالتعجيل بتحيين وتفعيل الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، والتعجيل بإصدار المنظومة القانونية ضد الفساد التي تضمنها دستور 2011، خاصة قانون تقنين تضارب المصالح، وقانون تجريم الإثراء غير المشروع، فضلا عن تطوير القوانين ذات الصلة ومن ضمنها قانون الحق في الوصول للمعلومة وقانون التصريح بالممتلكات وقانون حماية المبلغين عن الفساد.