حقوقية تبرز حجم العنف والتضييق اللذان تتعرض لهما المدافعات عن حقوق الإنسان
يعترض عمل المدافعين عن حقوق الإنسان عبر العالم، عدد من التحديات والاكراهات التي تصل حد التهديد والترهيب وتلفيق بعض التهم، في محاولة للتضييق على عملهم وثنيهم عن الخوض في بعض الملفات.
وينسحب نفس الأمر على عدد من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في المغرب، خاصة النساء منهم، “اللائي يتعرضن لاضطهاد ممنهج”، الأمر الذي يعيقهن في ممارسة حقوقهن كمواطنات في الاحتجاج والتعبير عن آرائهن، خاصة فيما يرتبط بالتعليق على السياسات العمومية المتبعة في تسيير شؤون المغاربة.
وفي هذا الصدد أفادت الناشطة الحقوقية سارة سوجار لصحيفة “صوت المغرب” أن المدافعين عن حقوق الإنسان بالمغرب “يتعرضون لعنف واضطهاد ممنهج وخاصة منهم النساء المدافعات عن حقوق الانسان”، مستحضرة في ذلك، اقتراب ذكرى 20 فبراير، لتسليط الضوء عن أنواع العنف الذي تتعرض له المدافعات عن حقوق الإنسان بالمغرب.
وقالت الناشطة الحقوقية، “إن مسألة اضطهاد المدافعات على حقوق الإنسان في المغرب أضحت في الواجهة، وأن كل من تعبر عن نفسها وعن رأيها حول طرق الحكم والسياسات العمومية المتبعة في المغرب تتعرض للإساءة ومختلف أنواع العنف”.
الإعتقال أخف قساوة من التشهير
تقدر سارة سوجار أن “التشهير أعلى درجة من الاعتقال، بالنظر لانعكاساته النفسية التي تخلف أثارا وخيمة أقوى من تلك التي يخلفها سلب الحرية في بعض الحالات، مشيرة إلى أن التشهير مستديم ويعيش في الذات النفسية للإنسان لوقت طويل، خالقا بذلك أزمات لا تشفى بسهولة”.
واعتبرت الناشطة الحقوقية أن “التشهير هو أول أساليب العنف الذي تعاني منه المدافعات عن حقوق الإنسان”، ويتم حسب المتحدثة بطرق خفية غير مباشرة، وتطال كل امرأة تدافع عن قضية من قضايا حقوق الإنسان كيفما كان موقعها الاجتماعي “سواء أكانت صحافية أو ناشطة أو مدونة”.
وتعتمد المدافعات عن حقوق الإنسان بالمغرب، في ممارسة أنشطتهن النضالية، عن مراجع ومواثيق دولية، وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتوصية الأممية الخاصة بالنساء المدافعات على حقوق الإنسان التي تعتبر حسب المتحدثة، “أن هنالك بالفعل انتهاكات تمس المدافعات عن حقوق الإنسان بشكل خاص”.
وأوضحت سوجار ل”صوت المغرب” أن هناك حملات تشهير تكون منظمة وممنهجة تستهدف بدرجة أولى الحياة الشخصية والخاصة للمدافعات، “اللائي أضحين عرضة لمنظومة تشهيرية تمس عرضهن وشرفهن باعتباره الحلقة الأسهل التي من خلالها يمكن المساس بمصداقية المدافعة عن حقوق الإنسان”.
والسبب في ذلك حسب المتحدثة هو أن “المنظومة الفكرية في المغرب إذا ما أرادت الإساءة للنساء تقوم بذلك عن طريق حياتهن الخاصة باعتبار المرأة هي الشرف والعرض وبالتالي المساس في العلاقات الخاصة للمرأة ونمط حياتها وطرق العيش الخاصة بها وبعض السلوكيات المرتبطة بها خاصة في اللباس والحديث يعد اضطهادا وانتهاكا لخصوصيتها”.
وأشارت الناشطة الحقوقية إلى أن الهدف من التشهير هو عزل المدافعين عن حقوق الإنسان من خلال إسقاط مصداقية خطاباتهم، مبرزة أن “المصداقية هي رأسمال الإنسان الحقوقي”.
وطالبت سوجار الدولة بتحمل مسؤوليتها في حملات التشهير باعتبارها جرائم يعاقب عليها القانون ونوع من أنواع العنف والاضطهاد التي تطال المدافعات عن حقوق الإنسان وعائلات المعتقلين وزوجاتهم وأمهاتهم.
اعتقال المدافعات المغربيات
وثاني نوع من الانتهاكات التي تمس المدافعات عن حقوق الإنسان، أوردت الناشطة الحقوقية سوجار، هو الاعتقالات والمتابعات القانونية للمدافعات عن حقوق الإنسان، مستنكرة إفادات المسؤولين في الوزارة الوصية، التي تفيد بأن “المغرب يقول على أنه لا يعتقل ولا يتابع النساء، غير أنه في السنوات الأخيرة، شهدنا حالات متكررة من الاعتقالات في صفوف النساء”
وكشفت سوجار حالات من الإعتقال التي بالنسبة إليها “تظل منافية لحقوق الإنسان، كحالة اعتقال سعيدة العلمي، وحالات متابعات في حالة سراح، وحالات حكم موقوف التنفيذ كحالة الصحافية حنان باكور”. مشيرة إلى “أن حنان وسعيدة نموذجان ظاهران بالملموس على أنه هناك انتهاك لحرية الرأي والتعبير في المغرب”.
وأبانت المتحدثة ل”صوت المغرب” على أن المدافعات عن حقوق الإنسان يستندن على مرجعية تقوم على السلمية وعدم التحريض على العنف قائلة “نعتمد السلمية كوسيلة للتعبير وبما أنها لا تحرض على العنف ضد أي مؤسسة أو شخص إذن فهي حرية تعبير مشروعة يتقاسمها الجميع مع اختلاف طرق وأساليب التعبير والاحتجاج بين النساء”.
وطالبت الناشطة الحقوقية “بإسقاط المتابعات القضائية على كل المدافعات على حقوق الإنسان، وإطلاق سراح معتقلي الرأي والتعبير بمن فيهم الصحفيين ومعتقلين الحركات على رأسهم حراك الريف وإسقاط المتابعات في حق كل النساء المدافعات عن حقوق الإنسان في المغرب”.
التخويف لإسكات صوت الحق
وصنفت سارة سوجار الترهيب كثالث وسيلة تعنف بها المدافعة عن حقوق الإنسان، وهي محاولة لإخراس صوت الحق الإنساني، هذا النوع من العنف لا تتعرض له المدافعات عن الملفات الحساسة فحسب بل أيضا من ينخرطن حتى في حراك محلي”.
وأفادت سوجار أن العديد من المدافعات النشيطات في المجال ينسحبن من الساحة الحقوقية ويختفين عن الأنظار بسبب حملات التخويف والترهيب التي يتعرضن لها، ويتم ذلك بطرق غير مباشرة وغير مرئية على عكس العنف الذي يطال الرجال الذين يتم اعتقالهم أو ضربهم”.
فالنساء حسب سوجار يتم ترهيبهم من خلال المساس بالمدافعة أو بعض أفراد عائلاتها، ومن بين هذه الوسائل قطع سبل رزقها أو تهديدها في مسارها الدراسي أو في عائلتها.