إبراهيم دياز والآخرون
عاد الحديث عن إبراهيم دياز مرة أخرى بعد تألقه في المباريات الأخيرة التي أجراها رفقة نادي ريال مدريد، واقتراب شهر مارس حيث التوقف الدولي الذي ستلعب فيه المنتخبات مبارياتها، والحديث عن سفر الناخب الوطني وليد الرݣراݣي إلى إسبانيا من جديد للإجتماع بدياز ومحاولة إقناعه بحمل قميص المنتخب الوطني المغربي.
من جانبها الصحافة الرياضية الإسبانية هي الأخرى “دايرة يد الله” في الموضوع بنشر أخبار مفادها أن مدرب المنتخب الإسباني لويس دي لافوينتي قد وضع إبراهيم دياز في اللائحة الأولية للاعبين الذين سيدخلون معسكر شهر مارس، وأيضا بمحاولة استخراج تأكيدٍ من اللاعب في التصريحات عقب المباريات التي يخوضها مع ريال مدريد، أنه سيلعب لمنتخب “لاروخا”، وهي طريقة ضغط معهودة في صحافة إسبانيا كلما تعلق الأمر بلاعبي “لاليغا” المزدوجي الجنسية، وسبق أن استعملتها في حالات منير الحدادي، وعبد الصمد الزلزولي، ولامين يمال.
طبعا إبراهيم دياز موهبة فذة، ولاعب عالمي بمميزات مبهرة، وأي ناد أو منتخب يتمنى أن يكون في صفوفه نجم مثل إبن مدينة مالقا، ومن الحمق أن يقول مغربي أننا نتوفر على لاعب أفضل من دياز في خط هجوم المنتخب الوطني، لكن هناك أشياء لابد وأن تُغَلف بكثير من الصراحة والوضوح لقولها في موضوع هذا الولد المغربي-الإسباني الذي يخطف الأضواء في الأيام الأخيرة.
أولها أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، والمدرب وليد الرݣراݣي قاموا بواجبهم تجاه إبراهيم دياز، حيث اتصلوا به وجمعتهم لقاءات كثيرة في إسبانيا واستضافوه وعائلته في المغرب، وشرحوا له كافة التفاصيل المتعلقة بمشروع الجامعة المتعلق بالمنتخبات الوطنية، وزار مركز محمد السادس بالمعمورة .. ثم تركوا له بعد ذلك حرية اتخاذ قرار مستقبله الدولي، هل مع بلاد أمه إسبانيا أم بلاد أبيه المغرب.
إلى هنا يكفي، ولا داعي من الآن فصاعدا مواصلة الجري وراءه ب”التزاويݣ” لكي يحمل قميص المنتخب الوطني المغربي، ولا السفر إلى إسبانيا من أجل الإجتماع به وتذليله أو محاولة إغرائه، فدعوة اللعب بإسم الوطن يجب أن تحتفظ برمزيتها وقيمتها الكبيرة عند أي لاعب مهما علا شأنه، لأن اللاعب يتشرف بحمل قميص بلاده وليس العكس، ومن المفروض أن إبراهيم دياز هو من عليه أن يبدي الآن رغبته في اللعب للمغرب، وهي نفس الجملة التي قالها الناخب الوطني الإسباني لويس دي لافوينتي بطريقة أخرى في ندوة صحفية عندما سألوه عن عدم دعوته لدياز عندما كان يلعب في ميلان الإيطالي، قال: “لن أستدعي لاعبا لا يهمه حمل قميص إسبانيا”.
ثم هناك شيء آخر لابد من قوله بوضوح وسط هذه التمنيات التي يبديها المغاربة في انضمام إبراهيم دياز للمنتخب الوطني، وهو أننا أصبحنا نتحدث عن قدومه كأنه هو الحل لعقدة الفشل الإفريقي الذي أصابتنا، في حين وبحكم تجربة الكثير من اللاعبين المغاربة “الأوروبيين” المتألقين في أندية عريقة، كان الجمهور ينتظر المناداة عليهم، وجرينا وراءهم مدة طويلة بالمفاوضات واللجوء إلى أسرهم بهدف إقناعهم باللعب بإسم المغرب، وفي الأخير لما انضموا للفريق الوطني لم يقدموا أية إضافة نوعية وأثرت طرق اللعب في إفريقيا وأجواؤها على مستواهم وظهر في الأخير أنهم لا يصلحون.
نعم قد يأتي إبراهيم دياز للفريق الوطني، وقد يتألق معه مثلما يتألق اليوم مع ريال مدريد، وهذا ما نتمناه طبعا، لكن هذه السياسة التي تنتظر ظهور الفلتات الكروية من بين مغاربة العالم، وهذا التوجه المستمر نحو قطف ثمار عمل الأكاديميات الأوروبية، هي واحدة من أسباب فشل الكرة المغربية على المستوى القاري، ولن نحقق بها أي شيء في إفريقيا حتى لو جاء إبراهيم وغير ابراهيم، ببساطة لأن الوصول إلى الألقاب والإستمرار مع مربع الأقوياء يشترط وجود منتخب صنعته بيدك وداخل بلدك، ولم يسقط عليك هدية من بلدان الناس.