story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
الصوت الواضح |

هل يكرهوننا؟

ص ص

حملنا انشغالنا المهني بتغطية وتوضيح وتحليل ما يهم المغاربة من أحداث وتطورات هذا الأسبوع، إلى محاورة سفير دولة جنوب افريقيا في المغرب، في محاولة منا لتسليط الضوء من زوايا مختلفة على الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت مؤخرا بين بلادنا هذا البلد الأفريقي. ولأننا في بيئة محافظة ومنغلقة سياسيا وإعلاميا، تعالوا نتوقف عند هذا الحوار المنشور، نصا وصوتا وصورة في منصاتنا، مع دبلوماسي محنك منحدر من شبه جزيرة “كيب تاون”، من الزوايا المحددة التي تحقق لنا بعض الفائدة وتمنحنا القليل من العبر:
الحق في المعلومة:
كصحافيين مغاربة يحاولون القيام بمهنتهم بالشكل الذي يحقق وظائفها الأساسية في الإخبار والتنوير والمساءلة، نسجل بكل حسرة هذه المقارنة التي نضطر إليها كلما تواصلنا مع هيئات ومؤسسات دولية أو أجنبية، بين ثقافة التواصل والتفاعل واحترام حق الجمهور في الاطلاع، وبين هاجس السرية الذي يسيطر على مسؤولينا ومؤسساتنا. تواصلنا الأسبوع الماضي عقب اندلاع الأزمة في نيويورك، مع سفارة جنوب افريقيا في الرباط، وبعد خطوات تواصلية للاستفسار حول الغرض من المقابلة التي طلبنا، كانت الاستجابة فورية وغير مشروطة. ودعونا نقارن هذا المشهد مع حالة صحافي، مغربي أو أجنبي، في بلد لنا معه نزاع دبلوماسي، يطرق باب السفارة المغربية ويطلب أجوبة دقيقة باعتبار السفارة هي الجهة الأكثر اطلاعا ومعرفة بتفاصيل العلاقة مع تلك الدولة. أترككم تتخيلون بقية المشهد، علما أن هناك سفراء مغاربة لا يقلون عن السفير إبراهيم ادريس كفاءة وثقافة، لكنهم يتحولون إلى كائنات بكماء لا تنطق إلا في المجالس المغلقة، لننشغل في النهاية ببكائياتنا حول نشاط الخصوم وحضورهم القوي في الأوساط الإعلامية والثقافية لدول اشتغالهم. علينا أن نحرر سفراءنا كي يساهموا في تحريرنا.
ورطة التطبيع:
نحن هنا بصدد محاولة القيام بعمل صحافي، ينطلق من مركزية القارئ والمتلقي في تفكيرنا، ولسنا موظفين عموميين ولا دبلوماسيين، لهذا دعونا نتحدث بتلقائية ودون مراوغة: علاقتنا مع إسرائيل ورطة حقيقية ومصدر حرج لنا وعقبة أصبحت تحول دون انخراطنا العفوي في النقاشات. ولنعترف لكم أننا أصبحنا نشعر بالحرج في لقاءاتنا وتواصلنا مع العالم الخارجي، وهو الحرج الذي لا يمكننا إنكار حضوره ونحن نحضّر لهذه المقابلة مع سفير الدولة التي تقاطع وتحاكم إسرائيل، بينما نحن مصرون على عناقنا الفاحش معها. لم يقترب السفير الجنوب إفريقي من هذا الموضوع ولا حتى حاول التلويح به، لكن لنتخيل لو أننا حاولنا أن نكون أكثر شراسة واستفزازا، بالطرق المهنية، كيف كان بإمكان السفير أن يرد علينا؟ لقد حرصنا، ونعترف للجميع، على تجنب تعرضنا سواء كمنبر إعلامي أو كمغرب، لأي تصريح جارح أو مهين، لكن من واجبنا أن نقولها وبالصوت العالي لمن يدبرون قرارنا: إنكم تضعفوننا وتسحبون منا تلك القوة المعنوية والأخلاقية بسبب “عار” الانغماس في علاقات هي أكثر من تطبيع، بل انغماس وتحالف غير مفهوم مع دولة مجرمة تقتّل الأطفال والأبرياء.
الصحراء للمغاربة:
هناك أداء دبلوماسي مغربي إيجابي وفعال في جوانب وجبهات كثيرة، ولا أحد ينكر هذا. لكن في المقابل هناك هذا الاستفراد بالقضية الوطنية واستبعاد المغاربة من فهم ومناقشة قضيتهم كما لو كانوا دخلاء أو غير معنيين، فلا يقدم لهم في مثل الأمة التي تمر بها علاقتنا مع جنوب افريقيا حاليا، سوى خطابات “زطوطوط” والدعوة للانخراط في حفلات لعن الآخر دون تفسير ولا تبرير. لا يمكن الاستمرار في منطق “الغنان” الذي يجعل فهم وتحليل سياستنا الخارجية ينحصر في ثنائية الأصدقاء والأعداء. هذا تأطير عاطفي وغير عقلاني يضر بالمغرب والمغاربة ولا يفيدهم. أزمتنا الحالية مع جنوب إفريقيا مثال واضح على حاجتنا إلى فتح النقاش وطرح الأسئلة الحقيقية التي لا تؤدي فقط إلى الجواب عن سؤال “لماذا يكرهوننا؟”، بل السؤال الأهم هو “هل يكرهوننا؟” و”أين أخطأنا؟” ولماذا فشلنا في افتكاك بريتوريا من معسكر الخصوم أو تحييدها على الأقل؟ لقد راكمنا في ملف الصحراء منذ الستينيات الكثير من الأخطاء التي نجرّ تبعاتها، واليوم لا شيء في مدخلات التحليل يؤدي إلى حتمية الصراع مع جنوب افريقيا. وحتى لا يكون حديثي هنا جو-جو، فإن أكبر خطأ هو هذا الاستفراد بالملف وكبح انخراط القوى السياسية المغربية واستثمار علاقاتها دبلوماسيا لصالح القضية الوطنية… دعكم من هذا المقال، وعودوا إلى تقرير للمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، وتأكدوا هل يخبرنا أن جل القوى السياسية والإعلامية هناك ليست معادية للمغرب كما يوهمنا البعض، أم هناك آفة اسمها: “الغياب”.