موظفو الجماعات الترابية يردون على لفتيت بالاستمرار في الإضرابات
بعد التصريحات الأخيرة التي أدلى بها وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت في البرلمان بشأن احتجاجات موظفي الجماعات الترابية، لازال هؤلاء المضربون مستمرون في خوض إضراباتهم احتجاجا على عدم تفاعل وزارة الداخلية مع مطالب الجلوس على طاولة الحوار.
موعد آخر للإضراب
ويستعد التنسيق النقابي بالجماعات الترابية، الذي يضم أربع هيئات نقابية إلى خوض إضراب وطني يومي 7و 8 من فبراير المقبل، مع تجسيد وقفة احتجاجية مركزية أمام مقر المديرية العامة للجماعات الترابية بالرباط يوم 7 فبراير 2024.
وانتقد التنسيق في بلاغ له الأوضاع “المزرية” التي يعرفها القطاع من انهيار للقدرة الشرائية و”التضييق على الحريات النقابية” وإصرار وزارة الداخلية على “إغلاق باب الحوار القطاعي، والضغط على رؤساء الجماعات الترابية لمباشرة الاقتطاع من رواتب المضربين في خرق سافر لحق الإضراب المكفول دستوريا”.
ووجه التنسيق المذكور، رسالة لوزير الداخلية يدعو فيها إلى ضرورة استئناف الحوار القطاعي، مستنكرا توقفه غير المبرر، “حيث أضحت الجماعات الترابية تشكل استثناء بسبب رفض الوزارة استئناف حوار جدي ومسؤول وبمنهجية جديدة، يرقى بالأوضاع المهنية والمالية والاجتماعية ويفضي إلى تلبية مطالب شغيلة الجماعات وتجاوز الاحتقان والتوتر السائدين بالقطاع.
رفض لتصريحات لفتيت
وفي حديث له مع “صوت المغرب” أكد محمد النحيلي، الكاتب العام الوطني للمنظمة الديمقراطية للجماعات المحلية أن وزارة الداخلية “لم تبد أي استعداد للحوار مع موظفي الجماعات”، نافيا ما جاء على لسان وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت بالبرلمان يوم الثلاثاء المنصرم حينما قال إن الوزارة “مستعدة للحوار”.
وقال محمد النحيلي إننا “لسنا هواة إضرابات” وذلك في رد على كلام الوزير لفتيت الذي قال إنه “لا حوار مع النقابات الممثلة لموظفي الجماعات مع استمرار الإضرابات”، واعتبر النحيلي أن هذه التصريحات “غير معقولة” مؤكدا أن اللجوء إلى هذا الخيار لم يكن ترفا.
وجاء كلام الوزير الذي أثار غضب شغيلة القطاع خلال جلسة الأسئلة الشفهية ليوم الثلاثاء 30 يناير المنصرم، في معرض إجابته عن سؤال بشأن مآل الحوار الاجتماعي الخاص بموظفي الجماعات الترابية.
وأبرز عبد الوافي لفتيت أن لجوء موظفي القطاع إلى الإضرابات “غير معقول” مشيرا إلى أن اللجوء إلى هذا الخيار لا يمكن أن يكون إلا بعد تعثر الحوار أو توصله إلى نتائج غير مرضية لهذه الأطراف، معبرا عن ذلك بقوله إن “آخر الدواء الكي” وليس عكس ذلك مضيفا أن الوزارة “منفتحة على الحوار متى ما شاءت النقابات”.
تفعيل المقتضيات الدستورية
وتابع المسؤول النقابي أن خوض الإضرابات أتى مع استمرار “تجاهل وزارة الداخلية لمطلب الجلوس إلى طاولة الحوار” كما تفعل القطاعات الأخرى، مرجعا في الوقت نفسه أسباب هذا الوضع الذي يعرفه القطاع إلى “الوصاية التي تمارسها الداخلية على قطاع الجماعات الترابية والتي من المفترض أن تتمتع بالاسقلالية” حسب النحيلي.
وأشار المتحدث، في هذا السياق، إلى “عدم تفعيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بالجماعات الترابية”، والتي تنص على أن التنظيم الجهوي والترابي يرتكز على مبادئ التدبير الحر، كما هو منصوص عليه في الفصل 136 من الدستور المغربي.
وحمل المصدر ذاته وزارة الداخلية مسؤولية هذا الوضع مطالبا بما أسماه “تخليص القطاع من قبضة الداخلية”، وأن يحدث بالمقابل مجلس أعلى للجماعات الترابية أو هيئة مستقلة للتدبير “تماشيا مع روح الدستور الذي يعتبر الجماعات الترابية وحدة إدارية مستقلة”.
بدايات التوتر
وتعود بدايات التوتر الذي يعرفه اليوم قطاع الجماعات الترابية إلى تعثر الحوار القطاعي بين موظفي الجماعات وبين وزارة الداخلية وهو التعثر الذي ترجعه النقابات إلى أن الوزارة المعنية اتخذته بشكل “أحادي” وغير “مفهوم”.
وجاء توقيف الحوار على خلفية تعيين خالد سفير مديرا عاما لصندوق الإيداع والتدبير، وهو الذي كان على رأس المديرية العامة للجماعات الترابية ومخاطب الشغيلة الوحيد.
وفي حديث سابق له مع “صوت المغرب” أوضح النحيلي أن هذا الوضع المتسم “بعدم الاستقرار الإداري” زاد من حدة الاحتقان في القطاع، خاصة وأن الحوار القطاعي كان في الأصل متعثرا منذ انطلاقه، ليتحول في النهاية إلى لقاءات “لا أثر حقيقي يرجى منها” .