بعد البر والبحر.. إسبانيا تطلب تعاون المغرب لمحاصرة محاولات الهجرة جوا
بدأت إسبانيا في تحركات عاجلة، من أجل فتح باب تنسيق أمني مع المغرب في محاربة الهجرة غير النظامية، يتجاوز هذه المرة البر والبحر ليبلغ الرحلات الجوية، حيث دعت المغرب للتعاون لتشديد المراقبة على محاولات هجرة مواطنيه لإسبانيا، بطرق “احتيالية” عن طريق رحلات الخطوط الملكية المغربية نحو دول أمريكا اللاتينية، والتي تمر عبر مطار “باراخاس” بمدريد.
وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة “إلموندو” الإسبانية اليوم الثلاثاء 30 يناير 2024، أن مسؤولا أمنيا إسبانيا التقى بالمسؤولين المغاربة في سفارة الرباط بمدريد، ناقلا إليهم طلبا من الحكومة، لتشديد المراقبة على متن طائرات الخطوط الملكية المغربية لكونها أصبحت “كقارب”، وأن رحلاتها اليومية لمطار “باراخاس” أصبحت “طريقا ساخنا” للهجرة.
خط جديد للهجرة
في ظل تشديد الخناق على محاولات الهجرة من السواحل الشمالية نحو أوروبا، وصعوبة خط الهجرة من الجنوب نحو جزر الكناري، كشفت الصحف الإسبانية، عن توجه عدد من الشباب المغاربة نحو الهجرة من المغرب نحو إسبانيا، عبر رحلات جوية تصفها بـ”المفخخة”، وهو ما تفاعلت معه إسبانيا بالتلويح بفرض تأشيرات عبور على المغاربة الراغبين في استعمال مطاراتها نحو وجهات غير أوروبية.
وفي السياق ذاته، تدرس وزارة الداخلية الإسبانية تطبيق تأشيرات العبور في المطارات لمنع الأجانب من ركوب الرحلات القادمة من المغرب والمتجهة إلى دول أمريكا اللاتينية التي لا تتطلب تأشيرة دخول إليها، مقابل استفادتهم من فترة التوقف في إسبانيا.
وتحدث وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا على الموضوع، بعد لقائه بالرباط مع نظيره المغربي عبد الوافي الفتيت خلال الأسبوع الماضي، وسؤاله عن الوضع في مطار مدريد باراخاس، حيث تم منذ أسابيع تكديس أكثر من 300 مهاجر منهم مغاربة في غرف تفتقر للظروف الصحية المناسبة، بعدما توقفوا في إسبانيا وتقدموا بطلبات لجوء.
وقال مارلاسكا: “إذا كان لا بد من تقديم تأشيرات عبور المطار، فسيتم تقديمها بالطريقة المناسبة لتجنب هذه الاستخدامات الاحتيالية”، وأوضح أن هذا الإجراء لن يتعارض مع نظام اللجوء الإسباني، مؤكدا على أنه يتم العمل مع المغرب لمنع ما وصفه بـ”الاحتيال في الرحلات الجوية إلى دول أمريكا اللاتينية”.
تفاصيل رحلات “مفخخة”
وكانت نقابة الشرطة الإسبانية سباقة على مدى الأيام الماضية، لإثارة قضية طالبي اللجوء من المغاربة الذين يتوقفوا في رحلات عبور بمطار باراخاس ويطلبون اللجوء.
وأوضحت الشرطة الإسبانية، أن الشباب المغاربة الراغبين في الهجرة، يحجزون مقاعد على متن رحلات جوية من المغرب نحو دول أمريكا اللاتينية لا تشترط التأشيرة على المواطنين المغاربة، وبتوقف مؤقت في مديد، ويطلبون اللجوء مباشرة بعد وصولهم لصالحة الانتظار في المطار الإسباني.
وتصف الشرطة الإسبانية هذه الرحلات بـ”المفخخة”، وتقول إنها غالبا ما تكون قادمة من دول المغرب والسنغال، متوقعة استقبال ما يقارب العشر رحلات منها خلال هذا الأسبوع.
وبدأ الحديث في إسبانيا حول هذا الخط الجديد للرحلات الذي تقول الشرطة إنه أصبح أكثر نشاطا مؤخرا، وذلك بعدما تم تسجيل فرار ما يصل إلى 17 مهاجر مغربي من غرفة اللجوء في مطار باراخاس في مدريد بتكسيرهم لزجاج إحدى نوافذ غرف الاحتجاز، وهي قاعة احتجاز كانوا ينتظرون فيها قرارا بشأن طلب لجوء تقدموا به إلى السلطات الإسبانية، كما اختارت مجموعة أخرى من المهاجرين للفرار عن طريق تسكير سقف قاعة الاحتجاز.
أوضاع إنسانية صعبة
وأثارت نقابة الشرطة في إسبانيا قضية المهاجرين المغاربة المحتجزين في مطار باراخاس بمدريد، منبهة إلى سوء أوضاع احتجازهم.
وقالت النقابة إن قاعة الاحتجاز المخصصة لطالبي اللجوء باتت غير قادرة على استيعاب أعدادهم، وتجاوزت طاقتها الاستيعابية، منبهة إلى انتشار بق الفراش في غرف الاحتجاز، وقلة الأكل، وتكدس أزيد من مائة شخص في غرف لا تسع إلا نصف عددهم.
وباتت نقابة الشرطة الإسبانية تمارس ضغطا على المسؤولين في البلاد لإيجاد حل لهذه الأزمة، بسبب نقص الموارد البشرية المكلفة بطالبي اللجوء في مطار باراخاس بمدريد، ما تقول إنه يصعب مهمة توفير الرعاية للمحتجزين، ويصعب مراقبتهم، مفسرة بذلك توالي عمليات فرار المحتجزين من المطار.
معارك تستدعي قوات مكافحة الشغب
الاكتظاظ داخل المطار الإسباني، بات يستدعي تدخلا لقوات مكافحة الشغب، حيث نشبت خلافات بين المحتجزين المغاربة والسنغاليين، ما استدعى التدخل الأمني لفكها.
وتقول الصحف الإسبانية إن منطقة العبور بالمطار حيث استقر ما يقرب من 200 مهاجر تحولت إلى ساحة معركة، ما استدعى تدخل عدد كبير من عناصر من الشرطة الوطنية والحرس المدني وحتى أفراد أمن المحطة، ولم يتمكنوا من السيطرة على الوضع إلا بوجود شرطة مكافحة الشغب.
وتشير الصحيفة إلى أن الخلافات بين مجموعتي السنغاليين والمغاربة حولت المحطة إلى محور للمواجهة، بسبب عدم وجود مساحة في المناطق المشتركة.