وجْه روجي ميلا الحزين!
شاهدنا نسخة هزيلة لمنتخب الكاميرون في هذه الكأس الإفريقية، وربما هي أضعف تشكيلة لهذا المنتخب الذي كان مجرد ذكر إسمه يثير رعب الخصم قبل المباراة، ويطرد النوم من جفون لاعبيه، لكنه تحول خلال السنوات الأخيرة إلى منتخب لا يهش ولا ينش، وأصبح يصارع في مبارياته فقط لكي يخرج بأقل الخسائر.
فرغم أنه مر إلى الدور الثاني بأربع نقاط بعد احتلاله للمرتبة الثانية في مجموعته خلف المتصدر السينغال، إلا أن أداءه المتواضع في جميع المباريات كان يؤكد أن منتخب ” الأسود غير المروضة” لم يعد يحمل إلا الإسم، وأن الكاميرون صار منتخبا عاديا جدا يمكن لأي منتخب إفريقي أن يهزمه بسهولة تامة.
تعادل مع غينيا التي لعبت بعشرة لاعبين، وانهزم أمام السينغال التي لم تجد أي صعوبة في “ضربهم” بالثلاثة، وفازوا على غامبيا التي بالأحرى هي التي هزمت نفسها بثلاثة أهداف لإثنين أمام خصم شبه ميت، لتجد الكاميرون نفسها بقدرة قادر في الدور الثاني أمام العنيد نيجيريا صاحب المستوى المتصاعد تدريجيا في هذه الدورة، فالتهمه بهدفين لصفر في مباراة انكمش فيها لاعبو الكاميرون في منطقتهم، ولم يقدروا على تجاوز وسط الميدان طيلة أغلب فترات المباراة، مثلهم مثل أي منتخب يشارك لأول مرة في كأس إفريقيا !
قبل نهاية مباراة الكاميرون ضد نيجيريا، وبينما رفاق أوسيمين “يتبوردون” طولا وعرضا في الملعب منتصرين بهدفين لصفر، في غياب أي محاولة لزملاء إيكامبي الضعفاء المستسلمين، أظهرت كاميرات النقل التلفزي لقطة للأسطورة الكاميرونية والإفريقية روجي ميلا يشاهد بوجه حزين من مدرجات الملعب ما يتعرض له منتخبه من إذلال على يد غريمهم النيجيري، وجه قرأ فيه المشاهدون تاريخ الكاميرون وأمجادها وكؤوس إفريقيا الخمسة، وأول ممثل للقارة السمراء يصل إلى ربع نهاية المونديال في إيطاليا 1990،ورقصة الهداف الشهيرة بعد أن كان يدك شباك أعتى منتخبات العالم.
قبل انطلاق دورة الكوت ديفوار لكأس إفريقيا للأمم، كانت كل المؤشرات داخل المنتخب الكاميروني تشير إلى أنه يسير نحو مشاركة كارثية تفضح ما تبقى من مشاكل يعيشها هذا المنتخب منذ مدة طويلة، فمدربه روكبير سونغ لم تعد له سلطة على لاعبيه، حيث تسربت الكثير من الأخبار عن صدامات بينه وبين عناصر منتخبه الذين لاتقنعهم خططه ولا يستسيغون تعليماته، وأونانا حارس المانشستر يونايتد التحق بالمعسكر الإعدادي “حتى رشقات ليه” بعدما عرف أن الفوضى هي سيدة الموقف.
صامويل إيطو النجم السابق، والرئيس الحالي لجامعة الكرة في الكاميرون، بشعبويته المعروفة، هو الآخر “دار حقو” في هذا العبث الذي أجهز على منتخب بلاده، حيث منذ توليه المنصب وهو يتدخل في عمل ناخبه الوطني روغبير سونغ، بتحديد لائحة الذين يستحقون اللعب في المنتخب، والذين لا يستحقون، بل وصل به الأمر إلى النزول في كثير من المرات إلى مستودع الملابس لتوبيخ اللاعبين وتحديد الخطط التي سيخوضون بها المباريات.
الكاميرون منذ بداية سطوتها الكروية في بداية ثمانينيات القرن الماضي، كانت تعرف فترات أزمة، ونزولا في مستوى منتخبها، لكن سرعان ما كانت تستعيد تألقها وتبصم على مشاركات قارية ومونديالية كبيرة، لكن يبدو أن الأمر مختلف هذه المرة، فمنتخب الأسود غير المروضة طالت انتكاسته وفوضاه الداخلية، حتى لم يعد سوى إسم من الماضي لازال صالحا فقط لإكمال مجموعات كأس إفريقيا للأمم بعد أن كان سيدها رفقة مصر في الأزمنة الخوالي، وقنطرة تعبر بواسطتها القوى الكروية الإفريقية الجديدة نحو الأدوار المتقدمة في المنافسات القارية.