هيئات مهنية تدعو إلى إعادة التنظيم الذاتي للصحافة إلى “المنهجية الديمقراطية”
أجمع المتدخلون في جلسة نقاش حول موضوع “ديناميكيات التنظيم الذاتي: التحديات الحالية ورؤى المستقبل “، على ضرورة إخراج مهنة الصحافة من الوضعية القانونية الاستثنائية التي تعيشها حاليا، في ظل تولي لجنة مؤقتة معينة مهام المجلس الوطني للصحافة.
ورغم اختلاف المنطلقات ومقاربات تحليل الوضع الراهن، اتفق المشاركون في الجلسة الأولى من اليوم الدراسي الذي نظم صباح السبت 27 يناير 2024 حول موضوع “تجربة التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة بالمغرب… الواقع والآفاق”، بشراكة بين كل من منظمة “آنترنيوز المغرب”، و”المنتدى المغربي للصحافيين الشباب”، والمعهد المغربي لتحليل السياسات”، على أهمية فتح نقاش “بناء” بين جميع الأطراف المعنية لإعادة مهة الصحافة إلى سكة التنظيم الذاتي التي نص عليها الدستور.
وقال محتات الرقاص، رئيس الفدرالية المغربية لناشري الصحف، إن الصحافة المغربية تعيش حاليا فترة “انتكاسة”، مفسرا ذلك بكون التنظيم الذاتي جاء بناء على مقتضى دستوري نص على تشجيعه وأقامته باستقلالية وبطريقة ديمقراطية، “ونحن اليوم أمام لجنة معينة وبالتالي نجن أمام قضاء الوزراء”.
وتساءل الرقاص هل كان ضروريا وقف تجربة المجلس الوطني للصحافة وتعويضه باللجنة المؤقتة، و”هل فعلا لم يكن هناك حل؟”، قبل آن يجيب بالنفي معتبرا أنه “حتى إن لم يتم التنصيص صراحة من الذي يدعو الى الانتخابات، كان يمكن تنظيم انتخابات”، مشددا على أن الحكومة كانت تستطيع عند الضرورة تقديم مشروع قانون من مادة واحدة يسمح بتنظيم الانتخابات. “نحن إذن في ظل خطوة إلى الوراء، وفي نفق مسدود، وعلى الجهة التي أدخلتنا الي هذا المنطق أن تسارع الى اخراجنا من هذا الوضع”.
من جانبه رعزيز جهبلي، عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، ذكّر في مداخلته بالتطور التاريخي لفكرة التنظيم الذاتي عند النقابة الوطنية للصحافة المغربية، وتوقف بشكل خاص عند تجدبة الهيئة المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، والتي لم يكتب لها الاستمرار.
وشدّد جهبلي على أن ما تعيشه الصحافة المغربية من “صعوبات” يرتبط بما أسماه “أزمة قوانين”، موضحا أن النقابة كانت قد آبدت ملاحظات مبكرة على القوانين الثلاثة لمدونة الصحافة والنشر التي صدرت سنة 2016، معتبرا أن القانون المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة كان يفرمل أداء المجلس ولم يسعفه في أداء مهامه. وخلص جهبلي إلى أن الأمر يتعلق بأزمة قوانين “وليس بشيئ آخر”، لأن القانون، برأيه، “لم يتسع لأداء جيد يستجيب لطموحات المهنيين وغير المهنيين”، وذهب إلى آن هذا القانون بدا كما لو صدر ليغطي ولاية واحدة فقط، “والدليل على ذلك أن أي طرف لم يستطع الدفع نحو الانتخابات”.
رأي لم يتفق معه توفيق ناديري، الناطق الرسمي باسم الجامعة الوطنية للصحافة والاعلام والاتصال المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، والذي اعتبر أن الوضع الحالي هو نتيجة حتمية لما أسماه اصطفاف السلطات التنفيذية مع طرح معين في تدبير القطاع، “وأضم صوتي إلى صوت السيد الرقاص وأقول لا يمكن أن نعود الى منطق التعيينات ونقدم الإعلام على طبق من ذهب للسلطات التنفيذية”.
وعلى غرار رئيس الفدرالية المغربية لناشري الصحف، قال ناديري أن “الجامعة” بدورها قامت بمراسلة مصالح وزارة الاتصال قبل نهاية ولاية المجلس، داعية إياها لتنظيم انتخابات تجديد المجلس “فلم تنصت لصوتنا في المرة الأولى ثم قمنا بمراسلتها مجددا لدعوتها الى احترام الديمقراطية فارتأت أن تبادر الى تقديم مقترح أدى ٌلى هذه اللجنة المؤقتة التي نتعبر أنها تتجاوز المبدأ الأساسي للتنظيم الذاتي من خلال التعيينات”. واستغرب ناديري من كون الجهات التي تطالب حاليا بتغيير القوانين، هي التي كانت شريكة في إنتاجها، في إشارة منه إلى النقابة الوطنية للصحافة المغربية، داعيا بالمقابل إلى “العودة الى المنهجية الديمقراطية والى الانتخابات”.
من جانبه رشيد لمسلم، عضو المكتب التنفيذي للفيدرالية المغربية للإعلام، قال إن أزمة الأعلام في المغرب “وبدون جلد للذات، أزمة شاملة ،تهم الاعلام العمومي والخاص، المرئي والمسموع والمكتوب”. وتساءل لمسلم كيف نجح المغرب في تنظيم الانتخابات التشريعية والجماعية في عز جائحة كورونا، بينما عجز عن تنظيم انتخابات تجديد المجلس الوطني للصحافة، معتبرا ما وقع من تعيين للجنة مؤقتة بدل انتخاب مجلس جديد، “وصمة عار وتحكم في آلية التنظيم الذاتي لمهنجة الصحافة”.