انتصار معنوي
انتصار المنتخب الوطني المغربي على تنزانيا أمس الأربعاء، وبحصة عريضة، أزاح عن المغاربة مخاوف صامتة كانت تروادهم منذ بداية هذه الكأس الإفريقية، بعد أن شاهدوا منتخبات متمرسة تسقط تباعا أمام خصومها المغمورة، وبعد أن اشتكى جميع من في الكوت ديفوار من صعوبة الطقس، وارتفاع درجة الحرارة والرطوبة بشكل مفرط.
برنامج دور المجموعات الذي أخّر المباراة الأولى للمنتخب الوطني حتى اليوم الخامس من انطلاق المنافسات، كان عاملا مُهما ساعد وليد الرݣراݣي ولاعبيه على ربح أيام إضافية للتأقلم مع الطقس، ومعاينة ما ستسفر عنه مباريات الكان الأولى من خلاصات، وأخذ العبرة منها، وتفادي الأخطاء التي سقطت فيها المنتخبات المرشحة للقب.
مباراة المغرب ضد تنزانيا، بغض النظر عن الحصة العريضة التي فاز بها رفاق العميد غانم سايس، فقد أظهرت تحضيرا جيدا للمواجهة، ارتكز بالأساس على هدف الظفر بثلاث نقاط بأقل مجهود بدني، وإعطاء التعليمات للاعبين بامتلاك الكرة وخفض الإيقاع، وعدم الإندفاع الكلي للهجوم، والحذر في عدم ترك المساحات بين الدفاع ووسط الميدان، و الإبقاء على الكتلة المتوسطة بهدف الضغط لاسترجاع الكرة عند فقدانها.
على مستوى شاكلة اللعب، استمر وليد الرݣراݣي في الوفاء لطريقته المعهودة التي عُرف بها منذ إشرافه على المنتخب الوطني، أي 4-1-4-1 لكن بأوتوماتيزمات مختلفة قليلا بحكم خصوصيات المواجهات داخل إفريقيا، حيث شاهدنا تعاملا جيدا مع أطوار المباراة، وتدبيرا ذكيا للمخزون البدني للاعبين، واستغلال التغييرات للمحافظة على النتيجة، وأيضا لإدخال أكبر عدد من عناصر كرسي الإحتياط في أجواء المنافسة، وإشراكهم لكسب الإنسجام مع الأساسيين، تحسبا للمباريات والأدوار المقبلة.
على المستوى الفردي، لم يؤثر بشكل كبير غياب يحيى عطية الله ونصير مزراوي عن الجهة اليسرى لدفاع المنتخب الوطني، حيث قام البديل محمد الشيبي بتقديم أداء مقبول دفاعيا، ساعده في ذلك محدودية لاعبي تنزانيا هجوميا، ووجوده بجوار غانم سايس بتجربته الكبيرة، وتوجيهه لخط الدفاع.
أشرف حكيمي ظهر كعادته في دور المدافع الأيمن الذي يصعد للهجوم باستمرار، في ظل وجود تغطية نايف أكرد والمحور سفيان أمرابط، حيث نشطت الجهة اليمنى المغربية بالمثلثات القصيرة المعروفة بين حكيم زياش وعز الدين أوناحي وأشرف حكيمي، الذين صنعوا معظم محاولات التسجيل في الشوط الأول.
عز الدين أوناحي رجل المباراة، كان أداؤه متميزا، وأكد حاجتنا في هذه الكأس إلى لاعب مثله يجيد اللعب في المساحات الضيقة، ويصنع المثلثات بسلاسة في عمق دفاع الخصم، وأكيد سيحتاجه وليد الرݣراݣي كثيرا، خصوصا ضد المنتخبات التي تعتمد على الدفاع الكلي، والتكثل في مربع العمليات.
سليم أملاح لم يبرز بشكل كبير، بسبب طبيعته كلاعب يجيد الإسترجاع والتغطية على الظهيرين، ووجود خصم كان يدافع فقط، ولم يكن يصعد بأكثر من لاعبين إلى خط الهجوم، الشيء الذي جعل أملاح شبه “زائد” في المباراة.
عبد الصمد الزلزولي لعب في الجهة اليسرى لخط الهجوم، وكان مطالبا أن يقوم بدور مخالف لدور حكيم زياش في الجهة اليمنى، أي تسلم الكرة والبحث عن الإختراق إلى داخل منطقة الجزاء بمحاولات فردية، حيث نجح كثيرا في تجاوز المدافع الأيمن التنزاني، لكن الزلزولي لازالت تخونه اللمسة الأخيرة في التمرير أو القذف إلى المرمى في الوقت المناسب.
يوسف النصيري قام بدور رأس الحربة كما يفضل وليد الرݣراݣي، جرى أكثر من رفاقه للضغط على المدافعين عند امتلاكهم للكرة، وتحرك كعادته لطلب الكرات العرضية، ووصلته كرات سانحة للتسجيل سجل منها هدفا وأضاع فرصتين أمام المرمى.
البدائل أيضا قاموا بدورهم في إعطاء نفس جديد للتشكيلة، والحفاظ على سيطرة الفريق الوطني، خصوصا في الربع ساعة الأخيرة من المباراة، حيث بدأ المخزون البدني للأساسيين ينفذ، وكان من الممكن أن يستغل الخصم التنزاني ذلك لامتلاك الكرة، ومحاولة تقليص الفارق.
المهم حققه الفريق الوطني في أولى مبارياته، فاز بثلاث نقاط وبحصة أهداف جيدة، ولعب بهدوء و بدون تسرع، وبثقة عالية في إمكانياته، ودبر أطوار مواجهته بكثير من الذكاء في اقتصاد المجهود البدني، في انتظار لقاء منتخب الكونغو الديموقراطية يوم الأحد المقبل، الذي من المفيد جدا حسم التأهل فيه إلى الدور الثاني، بغرض إراحة اللاعبين الأساسيين في المباراة الثالثة ضد زامبيا، و إعطاء الفرصة للبدائل لكسب مزيد من الإندماج في المجموعة وفي طريقة اللعب.