النويضي: العدل الدولية قد تدين إسرائيل بتهمة ارتكاب “جرائم إبادة”
بدأت محكمة العدل الدولية اليوم الخميس 11 يناير 2024 أولى جلسات النظر في الدعوى المقدمة من دولة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، والتي تتهمها فيها بارتكاب جريمة إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة المحاصر، وذلك في ظل فشل المحاولات الدبلوماسية الدولية لوقف نزيف دم الفلسطينيين منذ أزيد من ثلاثة أشهر، والذي أسفر حتى الآن عن استشهاد أكثر من 22 ألف فلسطيني.
وفي تحليل خلفيات هذه المحاكمة التاريخية ومآلاتها، قال المحامي وأستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري عبد العزيز النويضي لصحيفة “صوت المغرب” إن هذه المحاكمة ستمهد لتطورات أخرى لدى محكمة الجنايات الدولية إذا تحقق الاقتناع لدى هيئة الحكم بأن ما يقع في فلسطين “إبادة جماعية”، مشيرا إلى أن المساعي الإسرائيلية لحشد الدعم الدولي من أجل تجنب قرار مؤقت من المحكمة بوقف القتال فورا في المنطقة مآلها الفشل، وستسبب إحراجا كبيرا للولايات المتحدة.
ويرجح النويضي أن الحكم الذي سيصدر عن المحكمة الدولية، غالبا ما سيعتبر الجرائم التي ارتكبت، هي “جرائم إبادة”، ما قد يمكن الحد من تمادي الدول الغربية في تأييدها للعدوان الإسرائيلي والسياسات الإسرائيلية، خاصة في قطاع غزة والضفة الغربية.
ما الدافع الذي حرك “جنوب أفريقيا” لترفع هذه الدعوى؟
يعزى رفع دولة جنوب أفريقيا هذه الدعوى ضد إسرائيل، إلى تاريخهما المشترك مع الأبارتايد، دولة جنوب أفريقيا عانت جدا من هذا النظام السياسي..(نظام سياسي في جنوب أفريقيا فرض التفرقة العرقية والهيمنة والقمع بوضوح من جانب فئة عرقية على فئة أخرى).
هذا التاريخ كون لدى جنوب إفريقيا تعاطفا كبيرا وفي محله مع فلسطين، ولا يخفي تاريخ رؤساء جنوب أفريقيا اصطفاف رئيسها الأسبق نيلسون مانديلا إلى جانب مناصري القضية الفلسطينية.
تعرض على محكمة العدل الدولية، بناءً على طلب أي من الأطراف المتنازعة، النزاعات التي تنشأ بين الأطراف المتعاقدة بشأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ هذه الاتفاقية، بما في ذلك النزاعات المتصلة بمسؤولية دولة ما عن إبادة جماعية أو عن أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة.
المادة التاسعة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها
من جانب آخر، يأتي رفع هذه الدعوى بناء على ما تنص عليه بنود اتفاقية منع الإبادة الجماعية، التي أحدثت سنة 1948، ووقعت عليها عدد من الدول بما فيها المغرب، حيث تلتزم أطرافها على الوقاية من هذه الجريمة، وأشير هنا إلى أن دعوى جنوب أفريقيا مرفوقة بطلب يتعلق بتدابير تحفظية من محكمة العدل الدولية، الملزمة لإسرائيل بوقف عدوانها على القطاع المحاصر.
التدابير التحفظية هي إجراءات يتخذها القضاء لحماية أموال أو لصون حقوق، وذلك خشية أن يؤدي الزمن الطويل الذي يستغرقه حسم النزاع أمام القضاء بحكم مبرم، إلى تعرض الحقوق التي سيحكم بها للضياع أو الانتقاص.
ما هي فرص نجاح هذه الدعوى؟
دعوات تحريك القانون الدولي لنصرة القضية الفلسطينية على حساب إسرائيل، ليست جديدة بتاتا، حيث كانت محكمة العدل الدولية قد أصدرت قرارا يتعلق برأي استشاري يرجع إلى سنة 2004، حول الجدار الذي بنته إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بناء على طلب من الجمعية العامة، هذا القرار أبان على حقوق الفلسطينيين والتزامات المجتمع الدولي أمام قرارات القانون الدولي.
ومع تزايد الضغط الدولي على إسرائيل لوقف العدوان على قطاع غزة المحاصر، أرى أن إسرائيل ملزمة بقبول الامتثال لمحكمة العدل الدولية، لكونها طرفا في الاتفاقية.
إن الحكم الذي سيصدر، غالبا ما سيعتبر الجرائم التي ارتكبت، هي جرائم إبادة تتم وتمت في السابق، ما يمكن أن يحد من تمادي الدول الغربية في تأييدها للعدوان الإسرائيلي والسياسات الإسرائيلية، خاصة في قطاع غزة والضفة الغربية.
“إذا ما وجدت محكمة العدل الدولية مبررا يعتبر أن ما يقع في فلسطين “إبادة جماعية” سيمهد هذا لتطورات أخرى لدى محكمة الجنايات الدولية”.
عبد العزيز النويضي
هل من الممكن أن يتطور ملف “محاكمة إسرائيل” أمام محكمة الجنايات الدولية؟
إن هذا المستوى من القانون الدولي، يحاكم الأفراد ولا الدول، وقام الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن إلى جانب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بعدة زيارات لمجلس وزراء الحرب الإسرائيلي، ما يظهر مشاركة صريحة في الإبادة الجماعية، وكان هم بايدن الوحيد هو استرجاع الأسرى الإسرائيليين.
وأشير هنا، إلى أن محكمة العدل الدولية وضعت يدها على الملف منذ سنة 2015، حيث قامت الدولة الفلسطينية، بتصريح قبلت بموجبه اختصاص المحكمة على أراضيها.
أما المساعي الإسرائيلية لحشد ضغط دولي ضد الدعوة القضائية التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، فأرى أن مآلها الفشل، وستسبب إحراجا كبيرا للولايات المتحدة.