موجة الإضرابات تسائل تعثر إخراج قانون الإضراب
أعادت الإضرابات المتواصلة التي تخوضها شغيلة قطاعات مختلفة أبرزها رجال ونساء التعليم، طرح السؤال بشأن تعثر خروج القانون المنظم لممارسة الحق في الإضراب إلى الوجود، بعد إحالته على البرلمان منذ سنوات.
يأتي ذلك، بعد مضي سنتين على توقيع الحكومة مع النقابات الأكثر تمثيلية والاتحاد العام لمقاولات المغرب على ميثاق الحوار الاجتماعي الذي كان أحد التزاماته “العمل على إخراج القانون التنظيمي المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب إلى حيز الوجود”.
وقادت الخلافات بين النقابات والحكومة حول مضامين مشروع هذا القانون إلى تعثر صدوره بالرغم من أن”حق الإضراب مضمون، ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته”حسب الدستور المغربي لسنة 2011.
مسار من التعثر
وفي تعليق له على الموضوع خلال حديثه ل”صوت المغرب” أكد أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري في كلية الحقوق بوجدة بنيونس المرزوقي ما وصفه “بالتعثر الواضح في إصدار هذا القانون منذ دستور 1962 إلى الآن”.
وركز المرزوقي على عاملين أساسيين، يقفان وراء تعثر خروج هذه القانون إلى حيز الوجود، أولهما يعود إلى ما قبل دستور 2011 حينما تم ربط إصدار هذا القانون بتحيين وتجديد قانون النقابات وهو الربط الذي بعتبره الأكاديمي “غير مبرر نظرا لأن النصين منفصلين”، فيما ربط العامل الثاني بوجود “سوء فهم كبير” للنص الدستوري حيث يقحم حق الإضراب بحرية العمل وهو الأمر الذي يراه الأكاديمي “مغالطة دستورية”.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، “أن الإضراب حق دستوري بينما حرية العمل هي حرية تشريعية منصوص عليها في قانون الشغل”، وبناء على ذلك فإنه “ينبغي أن يكون حق الإضراب أسمى من الحق في العمل” وفق كلام المتحدث.
نص “متجاوز”
وأشار المتحدث ذاته إلى أن هذا النص ينبغي أن “يقتصر على تحديد شروط وإجراءات القيام بالإضراب لذلك فأي حديث عن أي موضوع خارج هذه المسطرة فهو متجاوز وغير دستوري”.
وذهب المرزوقي أبعد من ذلك، معتبرا أنه “لم تعد هناك حاجة ملحة إلى صدور هذا النص التنظيمي، ما دامت النقابات منسحبة من الشارع، ولم تعد هي من يقود الإضرابات”، مشيرا إلى أن التسيقيات هي التي أصبحت تتحكم في الشارع، “بل وأصبحت الآن تتحدى ليس النقابات فحسب بل الوزارات وحتى الحكومة”.
وطالب بنيونس المرزوقي، بضرورة “أن يتدارس مجلس النواب في هذا القانون العالق لديه، بالسرعة المطلوبة حتى تتم إحالته على مجلس المستشارين”، مبرزا إمكانية التوافق بشأنه بالغرفة الثانية “نظرا لكونها تضم تمثيلية المنظمات النقابية وممثلي المشغلين والغرف المهنية والجماعات الترابية وهو الأمر الذي يجعل التوافق ممكنا بمجلس المستشارين أكثر منه بالنواب”.
ظرف “لا يسمح”
وكان رئيس الحكومة عزيز أخنوش قد قال في معرض رده على تعقيبات البرلمانيين بمجلس المستشارين، يوم الثلاثاء 19 دجنبر المنصرم في عز إضرابات الأساتذة إن “الظرف الحالي ليس ظرفا يسمح بالحديث عن قانون الإضراب”.
مبررا ذلك بأن الحوار مع النقابات خلال هذه الظرفية ينبغي أن ينصب في اتجاه إيجاد حل لأزمة التعليم التي عطلت المدرسة العمومية منذ أكتوبر الماضي بفعل توالي الاضرابات الرافضة للنظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية.
وكان وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري قد وعد بالتسريع في إخراج مضامين هذا القانون إلى حيز الوجود بعد أن قادت وزارته لقاءات تشاورية مع النقابات الأكثر تمثيلية، ما بين يناير وشتنبر من العام الماضي دون أن تفضي إلى شيء.
يأتي ذلك في وقت تحتج فيه بعض النقابات عن إقصائها من الحوار حول القانون المنظم للإضراب، “كونها لا تنتمي للنقابات الأكثر تمثيلية”. وقالت هذه النقابات “إنها وعدت بالمشاركة في حوار حول قانون الإضراب، إلا أنها لم تتوصل بأي دعوة من الحكومة بهذا الخصوص”.