2024.. آفاق واعدة وتحديات كبرى
ستكون السنة الجديدة سنة كل التحديات، ولكن الأمل يبقى في أن نتغلب على كل الصعاب والمشاكل في المغرب وخارج المغرب.
على المستوى الدولي، أتوقع أن يتوقف العدوان على غزة في بداية السنة وأتمنى أن نمر إلى حل سياسي قائم على حقوق الفلسطينيين في وطن آمن ودولة لها كل مقومات الدولة. أتوقع أن تتحرك الآليات الدولية لمحاسبة ومعاقبة ضد كل من ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة في فلسطين.
سوف لن يكون الأمر سهلا، لأن إسرائيل والولايات المتحدة لم توقعا على الاتفافية الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية. كما سيشهد العالم تحولا نوعيا في النقاش حول القانون الدولي وقوانين الحرب وحقوق الشعوب ومن المنتظر اتخاذ مبادرات في هذا الإطار قد تستفيد من التعبئة الشاملة التي تقع الآن في مختلف أنحاء المعمور ضد مسلسل الإبادة في غزة وضد التطهير العرقي والاستيطان في الضفة الغربية والقدس.
على المستوى الوطني، هناك تحديات تتعلق بالماء وغلاء الأسعار والإصلاحات المتعلقة بالحقوق المدنية بما فيها مدونة الأسرة.
مع توالي سنوات الجفاف وتدني حقينة السدود إلى مستويات خطيرة وغير مشهودة سيتم الاستمرار في دق ناقوس الخطر ومن المحتمل أن تمر الحكومة إلى ترشيد استعمال الماء في السقي وكذا في الاستعمالات المنزلية خصوصا في المناطق الداخلية والجافة والتخوم الصحراوية.
الربط بين سبو وأبي رقراق حل مشكل التزود بالماء بالنسبة للرباط والدار البيضاء ومن المحتمل أن تساعد محطات التحلية في الجديدة وآسفي والتي شيدهما المكتب الشريف للفوسفاط في حل مشاكل التزود بالماء الشروب في مناطق دكالة وعبدة والشياظمة والرحمانة وحمر والسراغنة، لكن المناطق الداخلية الواقعة غرب وشرق جبال الأطلس الكبير والمتوسط جنوب الأطلس الصغير، والجهة الشرقية وتافيلالت ووادي نون وغيرها ستعرف نقصا حادا في الماء الشروب وكذا في مياه السقي.
محطات التحلية المبرمجة سوف لن تكون جاهزة قبل ثلاث سنوات من الآن. لهذا فالمغرب سيعرف سنة صعبة (إذا لم تهطل الأمطار لا قدر الله) سيتم من خلالها ترشيد استعمال الماء بشكل صارم وقاس في بعض الأحيان.
ندرة المياه ستؤثر بشكل كبير على الإنتاج الفلاحي، وهذا يعني أن الأسعار ستبقى مرتفعة: تدهور العرض وسيادة نظام الوساطة في تقسيط الخضر واللحوم سيحعل الأسعار تلتهب من جديد. إن جادت علينا السماء بالأمطار (إن شاء الله) سيكون الأمر مختلفا. لكن سيناريو التهاب الأسعار يبقى واردا. قد تتدخل الحكومة لإصلاح نظام الوساطة وأسواق الجملة وتدعم النقل وتضخ مياها أكثر عبر محطة التحلية في سوس وتقوم بترشيد عملية تصدير الخضر، وتستمر في استيراد اللحوم من الخارج بثمن أقل ولكن هذا سيقلل من التهاب الأسعار ولكنه لا يساهم في إرجاعها إلى مستوى 2019.
من المنتظر أن تلتهب أسعار اللحوم على المستوى الدولي وستبقى أسعار البترول في مستويات لا تقل عن تسعين دولارا (خصوصا مع استمرار الحرب في أوكرانيا وتداعيات الهجوم على غزة) وهو ما يعني أن التضخم سيبقى في حدود 5 % رغم التوقعات بانخفاضه على مستوى قانون المالية.
على مستوى الإصلاحات الحقوقية، سيحتدم النقاش حول مدونة المرأة وقضايا الإرث والعلاقات الرضائية… لكن من المنتظر أن تتوصل الطبقة السياسية إلى حلول وسطى تأخذ العصا من الوسط لا فيما يخض الوصية أو التعصيب بالنسبة للإرث، أو ما يتعلق بمقتضيات القانون الجنائي المتعلقة بالعلاقات خارج مؤسسة الزواج أو قضايا «الفساد” أو غيرها. سوف لن نصل إلى إصلاحات جذرية كما تريدها الحركات النسائية ولكن القوانين المؤطرة لن تبقى محافظة بالشكل الذي يريده الكثير ممن لا يروقهم ورش الإصلاح هذا.
أخيرا، ستكون سنة 2024 حاسمة في مدى قدرة المغرب على الوصول إلى الإرهاصات الأول لتعليم عمومي جيد وذلك عبر تحقيق نتائج أحسن على مستوى كفايات القراءة والفهم والرياضيات والعلوم. سنرى هل بدأنا نخرج من النفق أم لا زلنا. وهذا يعتمد على مدى تدبير فترة ما بعد الزوبعة التي أحدثها النظام الأساسي والإضرابات المتعلقة به.
من جانب آخر، سنرى هل سيكون بالفعل الولوج إلى المرافق الصحية بالجودة والتنظيم التي حدّدهما إصلاح التغطية الصحية أم لا. السنة الجديدة ستكون حاسمة في اختبار مدى تقدم المغرب في الوصول إلى منظومة صحية ذات جودة عالية وتضمن ولوجا أحسن لمرافق مجهزة ومنظمة وتشتغل بشكل يضمن كرامة المرضى والأطقم الطبية على حد سواء.