عام الأولمبياد !
2024 هي سنة الألعاب الأولمبية المقرر تنظيمها في باريس خلال الصيف المقبل، والأولمبياد كما يعلم الجميع هي أعرق تظاهرة رياضية عرفتها البشرية، وكانت جميع الأمم ولازالت توليها أهمية خاصة منذ انطلاقتها مع الحضارة اليونانية القديمة إلى يوم الناس هذا .
و بغض النظر عن القيم الإنسانية و رسائلها الحضارية التي تبثها من خلال التنافس الرياضي ، و عملها على جمع كلمة الشعوب تحت مبادئ السلام و التعايش بين الأجناس و الألوان ، فالألعاب الأولمبية هي أسمى مناسبة لكثير من الدول و الحكومات لكي تقيس بها مدى نجاعة سياستها الرياضية، و إلى أي حد وصلت إليه في قطف ثمار مخططاتها الإحترافية في كل الرياضات .
لذلك نجد جل البلدان التي تولي للرياضة أهمية قصوى، تبدأ في الإستعداد للأولمبياد قبل مدة طويلة، و تضع الأهداف من المشاركة في كل الرياضات بدقة عالية و تبرمج المعسكرات للرياضيين و تمكن جامعاتهم من كل الدعم المالي و اللوجيستيكي و توفر الأطر التقنية و الطبية و الإدارية ، أملا في احتلال موقع متقدم في سبورة الميداليات .
تبعا لكل ما سبق ، من الضروري جدا أن نطرح الأسئلة العريضة التالية : ماذا عنا نحن في المغرب؟
ماذا أعدت اللجنة الأولمبية الوطنية و الجامعات الرياضية لأولمبياد باريس 2024 ؟
هل لدى جامعاتنا أهداف محددة من المشاركة في الألعاب الأولمبية المقبلة أم سيذهبون للمشاركة و “صافي” ؟
هل تتوفر على ميزانية لإعداد الرياضيين بشكل احترافي و علمي لهذا الحدث الضخم؟
هل سننتظر شيئا من جامعات رياضية اختطفها رؤساؤها منذ سنوات طويلة و حولوها إلى ملكية شخصية لهم؟
هل سنكتفي مرة أخرى بالفلتات من المواهب العصامية لكي ندفعها إلى الواجهة و نخفي بإنجازاتها الشخصية واقعا رياضيا فاسدا، لنقول في النهاية “العام زين” و كل شيء على أحسن ما يرام ؟
هذه الأسئلة و غيرها تدفعنا بالضرورة أيضا أن نلقي إطلالة على المسارات و المسالك التي تصنع الرياضيين و توصلهم إلى المشاركة في الألعاب الأولمبية و إحراز الميداليات و رفع راية البلاد و سمعة العباد . لنتساءل مرة أخرى بشكل أعمق ..
هل نتوفر أصلا على سياسة رياضية في المغرب ؟
ما هي مساحة الرياضة في التصريح الحكومي ؟
هل تضع حكومة المملكة المغربية برامج و آليات لضمان الحق الدستوري للمواطن العادي في ممارسة الرياضة ؟
هل نغطي جميع المناطق و التجمعات السكنية بالمنشآت في كل الأنواع الرياضية ؟
لماذا تراجع دور الرياضة المدرسية و هي التي كانت خزانا هائلا للمواهب في كل الأنواع الرياضية ؟
لماذا كل هذا البذخ في دعم كرة القدم وحدها و ترك بقية الرياضات الشعبية عرضة للفقر و الحاجة و ” الصينية ” ؟
الحقيقة أننا بلد معطاء للمواهب في مختلف الأنواع الرياضية ، و كان من المفروض أن يكون ترتيبنا بين البلدان في المتوجين خلال الألمبياد أفضل بكثير مما نحتله في كل دورة ، لو كانت هناك إرادة سياسية حقيقية في التخطيط للرياضة الوطنية بمختلف أنواعها عوض تزويق الواجهة بكرة القدم و ترك الباقي “لهلا يقلب”.
أولمبياد باريس لم يعد يفصلنا عنها سوى سبعة أشهر، و البلدان التي تحترم رياضتها و مواطنيها كانت قد بدأت في التخطيط لها منذ نهاية دورة طوكيو قبل ثلاث سنوات، و ستذهب لحصاد عدد كبير من الميداليات الفردية و الجماعية ، أما نحن فيبدو أننا سنستمر في المراهنة على البطل العصامي سفيان البقالي وحده لكي يفوز بالميدالية الذهبية لنستقبله بعد نهاية الألعاب بالورود و المجموعات الفولكلورية ، و كأن رياضتنا “ما خاصها حتى خير”.