story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
اقتصاد |

خبير: تجربة أبي رقراق تؤكد جدوى الربط بين الأحواض والحاجة لمشاريع مماثلة

ص ص

بعد التساقطات المطرية الأخيرة، سجّلت الموارد المائية بعدد من السدود بالمغرب ارتفاعًا ملحوظًا، ساهمت في تعزيز الاحتياطات المائية وتحسين وضعية الموارد بعدة سدود عبر مختلف أقاليم المملكة.

وحسب المعطيات المنشورة على موقع “الما ديالنا”، وهي منصة معلوماتية تديرها وزارة التجهيز والماء، فإن الموارد المائية المتوفرة، ارتفعت إلى 6377 مليون متر مكعب، لتصل بذلك النسبة الإجمالية لملء السدود بالمغرب إلى 38% إلى غاية يوم الإثنين 29 دجنبر 2025.

ورغم أهمية هذه الأرقام وإيجابيتها، إلا أن خريطة الأحواض المائية تكشف عن ازدواجية واضحة بين أحواض تسجل نسب ملء مريحة، خاصة في الشمال والغرب، وأخرى تعيش أوضاعًا حرجة في الجنوب والشرق.

ففي حوض أبي رقراق، على سبيل المثال، تتجاوز نسبة الملء 80%، خاصة بفضل سد سيدي محمد بن عبد الله، الذي يضمن تزويد جزء كبير من جهة الرباط بالماء.

كما يُظهر حوض اللوكوس مؤشرات قوية، مع اقتراب عدة منشآت من الامتلاء، مثل سد وادي المخازن، الذي يُعدّ أساسيًا للأمنين الفلاحي والمائي بمنطقة الغرب.

وفي حوض سبو، يواصل سد الوحدة لعب دور استراتيجي، بفضل سعته المفيدة التي تظل من بين الأكبر وطنيًا.

لكن الصورة تختلف جذريًا كلما اتجهنا جنوبًا وشرقًا، ففي سوس-ماسة، أحد الرئات الفلاحية والتصديرية للمغرب، يدور معدل الملء حول  23%، وتبقى سدود بنيوية مثل عبد المومن أو يوسف بن تاشفين عند مستويات مقلقة.

وفي حوض ملوية، يصل المعدل 30%، مؤكّدًا هشاشة مزمنة إزاء موجات الجفاف المتكررة، وحتى في أحواض تبدو أوفر حظًا، مثل حوض تانسيفت، تبقى التفاوتات الداخلية كبيرة، إذ تظل بعض المنشآت دون السعات المثلى بكثير، ما يحدّ من هوامش المناورة الخاصة بالري والتزويد بالماء الصالح للشرب.

وفي تفسيره لهذا التباين، أوضح جواد الخراز، مدير شبكة خبراء المياه والطاقة والمناخ، أن حوض أم الربيع يوجد في وضعية حرجة رغم كونه يمثل حوالي 30 في المائة من السعة الوطنية للسدود، ما يجعله أكبر حوض مائي من حيث القدرة التخزينية.

وأشار الخراز في حديثه لصحيفة “صوت المغرب”، إلى أن هذا الحوض يعاني من جفاف حاد ومستمر منذ ست سنوات متتالية، وهو ما انعكس بشكل مباشر على مستوى ملء سدوده، وعلى رأسها سد المسيرة، الذي يُعد الرافد الرئيسي لتزويد مدينة الدار البيضاء بالماء.

وفي تفسيره لأسباب هذا التراجع، أكد الخراز أن قلة التساقطات المطرية خلال السنوات الأخيرة شكّلت عاملاً أساسياً في ضعف تغذية السدود بحوض أم الربيع، إضافة إلى الضغط المتزايد المرتبط بالاستهلاك الفلاحي ومياه الشرب.

كما أوضح أن غياب مصادر دعم مائي إضافية، من قبيل مشاريع الربط بين الأحواض، فاقم من هشاشة الوضع داخل هذا الحوض، على عكس ما هو معمول به في أحواض أخرى استفادت من حلول مماثلة.

وفي المقابل، أكد الخراز أن الارتفاع اللافت في نسبة ملء حوض أبي رقراق يرتبط بشكل مباشر بمشروع الربط المائي مع حوض سبو، الذي دخل حيز التنفيذ في غشت 2023.

وحسب المعطيات التي قدّمها الخبير، فقد مكن هذا المشروع من تحويل حوالي 350 مليون متر مكعب من المياه إلى غاية يوليوز 2024، بمعدل تحويل شهري يناهز 39 مليون متر مكعب، وبصبيب يصل إلى 15 مترًا مكعبًا في الثانية.

وأشار إلى أن حوض أبي رقراق، وقبل إنجاز هذا المشروع، كان بدوره يعاني من جفاف حاد على امتداد ست سنوات، غير أن استغلال فائض مياه سبو، الذي كان يضيع في المحيط الأطلسي، غيّر وضعية الحوض بشكل جذري.

وأضاف أن النتيجة المباشرة لهذا الربط تمثلت في الرفع السريع لنسبة الملء إلى 84.56 في المائة، ما مكّن من تأمين التزود بالماء الصالح للشرب لفائدة نحو 12 مليون نسمة بمحور الرباط–الدار البيضاء.

وفي ما يتعلق بسد المسيرة، أوضح الخراز أن السد، رغم سعته العادية التي تبلغ 4,954.91 مليون متر مكعب، لا يخزّن حاليًا سوى 606.32 مليون متر مكعب، ما يعني تسجيل عجز يفوق 4,348 مليون متر مكعب.

واعتبر أن هذا الوضع يعود أيضًا إلى عوامل جيولوجية وهيدرولوجية مرتبطة بطبيعة الحوض واتساع مساحته، ما يجعل عملية تجميع المياه أكثر تعقيدًا، خاصة في سياق مناخي يتسم بتراجع التساقطات.

وبخصوص عدم استفادة حوض أم الربيع من الربط المائي، أوضح الخراز أن المشروع الحالي يهم فقط محور سبو–أبي رقراق، في حين يتطلب دعم هذا الحوض مشروعًا منفصلًا أكثر تعقيدًا من الناحية التقنية وأكثر كلفة

وفي غضون ذلك، خلص الخراز إلى أن “المقارنة بين الحوضين تؤكد نجاعة الربط المائي كحل بنيوي، إذ ضمن الأمن المائي لأبي رقراق إلى غاية 2026، في مقابل بقاء حوض أم الربيع في وضعية غير مؤمّنة”، ما يبرز، بحسبه، “الحاجة إلى حلول مماثلة قائمة على التضامن المائي بين الجهات”.