اليازغي: تعديل موعد كأس إفريقيا يفتح أفقًا جديدًا لتطوير الكرة الإفريقية
يرى محللون أن القرار الأخير الذي أعلنته الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم بتغيير نظام تنظيم كأس إفريقيا للأمم، من تنظيمها كل عامين إلى تنظيمها كل أربع سنوات ابتداءً من 2028، يعد خطوة هامة نحو تطوير كرة القدم الإفريقية وجعلها أكثر قدرة على المنافسة على المستوى العالمي.
في هذا السياق، قال الباحث والمتخصص في السياسات الرياضية، منصف اليازغي، إن “هذا القرار مبني على اعتبارات أساسية تفرضها الواقعية”، مؤكدًا أن “هذه الخطوة ستوقف المشاكل المتكررة بين الأندية الأوروبية والاتحادات الوطنية الإفريقية بخصوص تسريح اللاعبين”.
وأشار إلى أن هذا التحول إلى نظام الأربع سنوات سيضمن جوا من التلاؤم والانسجام، وسيزيل العبء الكبير الذي كان يهدد مستقبل المحترفين الأفارقة في الأندية الأوروبية.
رفع المنافسة وتسويق أفضل
أما بالنسبة لدوري أمم إفريقيا الذي سيُطلق مع هذا التغيير، فقد أبرز اليازغي أن أهميته الكبرى تكمن في قدرته على رفع مستوى المنافسة وتسويق المنتج الكروي بشكل أفضل.
وأوضح أن “المعلنين والقنوات التلفزيونية يبحثون بالدرجة الأولى عن منافسات قوية تجمع كبار القارة، وهو ما سيوفره هذا الدوري الذي سيضم نخبة المنتخبات، مما سيشكل مدخولاً كبيراً للكاف يمكنه من مضاعفة الدعم المالي المقدم للاتحادات الوطنية، الذي يبلغ حاليًا مليون دولار”.
وأضاف المتحدث ذاته أن “الدوري الجديد سيضمن مواجهات من الطراز الكبير بين المنتخبات القوية، بعيدًا عن تفاوت المستويات الذي تشهده كأس إفريقيا الحالية بمشاركة 24 منتخبًا، إذ أبرز أن “النظام الجديد سيفرز مباريات قمة تجمع منتخبات مثل المغرب، نيجيريا، جنوب إفريقيا، ومصر، وهو ما سيخلق فرجة كروية عالية الجودة تجذب الأنظار العالمية”.
نقاش جديد قديم
وعاد اليازغي ليوضح أن النقاش حول تحويل دورية الكأس من سنتين إلى أربع سنوات هو نقاش “جديد قديم”، بدأ منذ نهاية الثمانينيات مع ارتفاع عدد المحترفين الأفارقة في أوروبا، وتطور الأمر من مجرد رفض بعض الفرق التحاق لاعبيها بمنتخباتهم، إلى أن أصبح إلزاميًا بقوة القوانين.
ولفت اليازغي إلى أن هذا الأمر ظل يشكل مصدر إزعاج للأندية التي تدفع أجورًا عالية وتنافس على ألقاب محلية وقارية، لتجد نفسها محرومة من نجومها في أوقات حساسة من الموسم.
كما أشار إلى أن توقيت البطولة لم يعد منضبطًا كما كان في السابق، حيث كانت تنظم في فترات توقف الدوريات الأوروبية، ما دفع بعض الأندية الأوروبية إلى وضع شرط عدم اللعب للمنتخب كمعيار للتعاقد مع اللاعبين الأفارقة، أو تفضيل لاعبين لا يشاركون دوليًا، تفاديًا للضرر الذي يلحق بصفوف الفريق أثناء إقامة البطولة القارية.
وفي هذا السياق، استحضر اليازغي موقف الرئيس السابق للاتحاد الإفريقي، الراحل عيسى حياتو، الذي كان يتصدى بقوة لفكرة تنظيم البطولة كل أربع سنوات، وكان مبرره في ذلك أن التنظيم الدوري كل عامين يساهم في تطوير البنية التحتية في الدول المستضيفة، ويضمن استمرار المداخيل، ويحرك عجلة التنمية الكروية في القارة.
لكن في ظل التغييرات الجديدة، يبين الخبير أن النقاش قد وصل إلى منتهاه، وذلك بسبب تكدس الرزنامة الدولية بشكل غير مسبوق، وإضافة كأس العرب كبطولة تابعة للفيفا، وزيادة مباريات التصفيات العالمية، وتوسع المسابقات القارية للأندية، بحيث لم يعد هناك متسع زمني لتنظيم كأس إفريقيا كل عامين.
كما أشار إلى أن رغبة الكاف في الانتظام إلى جانب باقي الاتحادات الدولية، وخصوصًا الأوروبية، كانت حافزًا رئيسيًا لهذا القرار.
وأضاف المتحدث أن النظام الجديد سيساهم في تنفيس برنامج مباريات المنتخبات الإفريقية، وسيجعل التصفيات تجري بشكل أكثر تنظيمًا، بما يخفف الضغط على اللاعبين، كما أنه سيسمح للفترات التي لا تقام فيها كأس إفريقيا بتوفير فرصة لتنظيم أحداث أخرى مدرة للدخل.
وخلص اليازغي إلى أن الحفاظ على نفس النمط كان صالحًا في فترة معينة، لكن مع التطورات الكبيرة التي شهدتها كرة القدم الإفريقية والعالمية، كان من الضروري تغيير هذا النمط، بحثا عن نتائج أفضل وانسجاما مع التطورات التي تلحق الممارسة الكروية.