بعد فيضانات آسفي .. متى يُفعّل صندوق التضامن ضد الكوارث؟
في ظل ما خلّفته الفيضانات المميتة التي شهدتها مدينة آسفي من وفيات وأضرار جسيمة، مساكن مدمّرة، ومحلات تجارية خُرّبت، وبنيات تحتية تضررت بشكل بالغ، إلى جانب طرق مقطوعة ومؤسسات تعليمية أُغلقت كإجراء احترازي، ما وضع المدينة في حالة شلل شبه تام، تتجدد المطالب بتفعيل الآليات القانونية لتعويض الضحايا وجبر الأضرار الناجمة عن هذه الكارثة.
وفي هذا السياق، ينصّ المشرّع المغربي على نظام خاص لتغطية تبعات الأحداث الكارثية، من خلال القانون رقم 110.14 المتعلق بإحداث نظام لتغطية عواقب الوقائع الكارثية، الذي صدر سنة 2016 ودخل حيّز التنفيذ سنة 2020، ويدعمه برنامج خاص بشراكة مع البنك الدولي، إلى جانب بوليصة تأمين دولية تُمكّن المغرب من الاستفادة من تعويضات مالية بعد وقوع الكوارث، فضلاً عن اعتمادات مالية سنوية تُخصّص له بموجب قانون المالية.
ويشمل القانون المتعلق بالتغطية ضد عواقب الوقائع الكارثية، نظام تأمين خاص بالضحايا الذين يتوفرون على عقود تأمين، وآخر عبارة عن إعانات لفائدة الأشخاص الذين لا يتوفرون على أية تغطية.
ووفق القانون رقم 110.14 المتعلق بإحداث نظام لتغطية عواقب الكوارث والمراسيم المتعلقة به، لا يمكن تصنيف أية واقعة كـ”كارثة تستوجب التعويض أو الإعانة دون صدور قرار عن رئيس الحكومة بهذا الشأن”.
كما ينص القانون، على أنه يتعين بهدف اعتبار واقعة ما كارثية وترتيب التعويضات الملائمة، أن تكون هذه الواقعة موضوع قرار صادر عن رئيس الحكومة خلال فترة لا تتعدى ثلاثة أشهر من تاريخ وقوع الحادثة، بحيث يتوجب أن يكيف القرار الواقعة على أنها كارثة، مع تحديد مناطق الكارثة وتاريخ الواقعة ومدتها.
وتُعرف الكارثة بكونها حادثة نجمت عنها أضرار مباشرة، جراء واقعة ناجمة عن عامل طبيعي ذات حدة غير طبيعية، يتوفر فيها عنصر الفجائية أو عدم إمكانية التوقع، كما يفترض في هذه الواقعة أن تشكل آثارها المدمرة خطورة شديدة على العموم.
وإضافة إلى ذلك، يدخل ضمن الوقائع الكارثية، كذلك، كل حادث ترتبت عنه أضرار مباشرة، جراء عمل عنيف للإنسان، يكون نتيجة فعل إرهابي أو نتيجة مباشرة لوقوع فتن أو أعمال شغب أو اضطرابات شعبية، عندما تشكل آثارها خطورة شديدة بالنسبة للعموم.
وحدد القانون أنواع الوقائع التي يمكن تصنيفها ضمن الكوارث التي تستوجب التعويض، في الفيضانات، بما في ذلك السيلان السطحي وفيضان المجاري المائية وارتفاع مستوى المياه الجوفية وانهيار السدود بسبب ظاهرة طبيعية والتدفقات الطينية، وتشمل كذلك، الزلازل، وارتفاع المد البحري، والأفعال الإرهابية والاضطرابات الشعبية، عندما تشكل آثارها خطورة شديدة بالنسبة للعموم.
وبعد صدور قرار اعتبار واقعة ما كارثة في الجريدة الرسمية وتحديد المناطق المنكوبة، تنطلق بعدها عملية تقييد الضحايا في سجل “تعداد ضحايا الوقائع الكارثية”، ليتم بعدها تفعيل الضمان بالنسبة للأشخاص المؤمنين، كما تُفعّل عملية منح التعويضات من طرف صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية للأشخاص غير المؤمنين.
ويموّل هذا الصندوق الخاص بتعويض ضحايا الكوارث الطبيعية غير المرتبطين بأي عقد تأمين، باعتمادات مالية سنوية تحوّل عليه وفقا لقانون المالية، إلى جانب مداخيل رسم إضافي بقيمة 1 في المائة بات إجباريا في جميع عقود التأمين باستثناء تأمينات الأشخاص كالتأمين على الحياة والقروض.
لكن القانون وضع سقفا لنفقات هذا الصندوق حتى يحافظ على توازنه المالي، ذلك أن مجموع التعويضات التي يمكن صرفها للضحايا عن كل كارثة طبيعية لا يمكن أن يتجاوز ثلاثة ملايير درهم. فيما لا يمكن لمجموع التعويضات التي يمكن للصندوق صرفها خلال سنة واحدة عن جميع الكوارث، لا يمكن أن يتجاوز تسعة ملايير درهم.
ويستفيد من تعويضات صندوق التضامن، وفق القانون، الأشخاص الذين لا يتوفرون على تغطية أخرى ضد عواقب الواقعة الكارثية، وهم الذين أصيبوا بضرر بدني ناجم مباشرة عن الواقعة الكارثية، بمن فيهم أولئك الذين يساهمون في عملية الإنقاذ والإغاثة واستتباب الأمن، مرتبطة بهذه الواقعة، أو ذوي حقوقهم في حالة وفاة هؤلاء الأشخاص.
وتوجه التعويضات، كذلك، لأعضاء العائلة الذين تسببت هذه الواقعة، بشكل مباشر، في جعل مسكنهم الرئيسي غير صالح للسكن، ويمكن كذلك للأشخاص غير الأعضاء في هذه العائلة الاستفادة من التعويضات التي يمنحها الصندوق عندما يكون أزواجهم أو أطفالهم الذين هم تحت كفالتهم أو هم معا أعضاء في العائلة المذكورة.