story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
أمن وعدالة |

محاكمة رمزية بمكناس تُدين الاحتلال الإسرائيلي وتؤكد مشروعية المقاومة الفلسطينية

ص ص

قضت محاكمة رمزية، عقدتها جمعية هيآت المحامين بمدينة مكناس، يوم الجمعة 12 دجنبر 2025، بإدانة الاحتلال الإسرائيلي بسبب جرائمه المتواصلة بالأراضي الفلسطينية منذ عقود، والتي ارتفعت حدتها في السنيتين الأخيرتين جراء حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين بقطاع غزة المدمر منذ أحداث السابع من أكتوبر 2023.

وفي مقابل ذلك، شددت المحاكمة الرمزية على أن المقاومة الفلسطينية، قبل وبعد عملية “طوفان الأقصى”، كانت ولازالت وستبقى كفاحا مشروعا وعادلا”، تحظى بدعم الشعب الفلسطيني و”كل حرائر وأحرار العالم من محبي الحرية والكرامة”، معتبرة إياها “مصدر إلهام للشعوب المقاومة للاستعمار والتمييز العنصري والاستبداد، ومادة خصبة للدارسين والباحثين”.

كما أدانت المحاكمة بشدة ما وصفتها بـ “مواقف الذل والتطبيع مع الكيان الصهيوني”، مستنكرة سلوك من “أشادوا بجرائمه وأصروا أن يكونوا متصهينين وراء جبة نتنياهو وغطاء أركان الموساد”.

وقالت ذات المحاكمة، التي عرفت حضور شهود من دولة فلسطين والنقيب الفلسطيني، إن الشعب المغربي جسد “سدا ضد تقتيل الشعب الفلسطيني وندد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي، وبالاختراق الصهيوني في المنطقة”.

واعتبرت في هذا الصدد، أن المسيرات الشعبية في المدن المغربية عنوان للقيم الحقوقية والإنسانية والأخلاقية التي لا يمكن المساومة عليها، “ودليل على مشروعية رفضه لأي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني”.

إلى جانب ذلك، أصدرت المحاكمة الرمزية، التي ترأسها النقيب عبد الرحيم الجامعي حكما يقضي بولاية عامة للبت في متابعة الجرائم المنسوبة للكيان الصهيوني ولقادته العسكريين والسياسيين وكل الممارسات المرتبطة بها، وذلك إعمالا للقانون الدولي.

وفي هذا الإطار، صرحت المحكمة بأنه “عندما تغيب عدالة الدول وحينما تعجز عن الوفاء بها، تصبح العدالة من مسؤولية الشعوب”، مؤكدة أن العدالة “مطلب إنساني وليست مطلبا للدول والحكومات فقط”.

كما أعلنت المحكمة بشكل حاسم أن “غزة للفلسطينيين وللغزاويين”، وحكمت بعدم مشروعية أية وصاية على أراضيها أو سكانها أو على الشعب الفلسطيني، مناشدة جميع مكونات الشعب الفلسطيني إلى “رص الصف من أجل بناء دولة فلسطين عاصمتها القدس”.

وفي غضون ذلك، دعت المحكمة إلى تشكيل جبهة عالمية ضد الصهيونية، بهدف “اقتلاع جذور أيديولوجيتها الفكرية والسياسية والعسكرية” باستخدام جميع الوسائل الفكرية والثقافية والتكنولوجية للتخلص من مخاطرها.

شاهد من محافظة جنين

وفي شهادته أمام هذه المحكمة الرمزية، سلط المواطن الفلسطيني علاء الصمدي، المقيم في محافظة جنين بالضفة الغربية، الضوء على الظروف القاسية التي يعيشها الفلسطينيون في كل من غزة والضفة.

وأفاد الصمدي بأن قطاع غزة محاصر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 2006، وليس فقط منذ عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023.

وأشار إلى أن هذا الحصار الطويل أدى إلى جرائم تجويع ممتدة، حيث يمنع دخول الغذاء والدواء إلى القطاع المحاصر، ولا يُسمح بالدخول أو الخروج بشكل طبيعي، مؤكداً أن العالم شاهد على هذه الجرائم عبر شاشات التلفزيون.

ووصف المتحدث الوضع الإنساني في قطاع غزة المدمر بالجحيم، لافتا إلى حالات القتل والتجويع والقصف والقنابل التي تُلقى على الأطفال والنساء والشيوخ، الذين يعيشون في ظروف بالغة الصعوبة خاصة خلال فصل الشتاء.

وتطرق الصمدي أيضا إلى وضع مخيم جنين، الذي يمتد على مساحة كيلومتر مربع واحد ويحتضن ما يقارب 20 ألف مواطن، مشيرا إلى أنهم أخرجوا قسرا من منازلهم تحت تهديد السلاح، ولم يتمكنوا من العودة إليها حتى اليوم.

ومن جانب آخر، أشار إلى استهداف واغتيال الصحافيين الذين يمارسون عملهم بضمير وينقلون ممارسات الاحتلال، مؤكدا أن قتلهم هو جزء من محاولة طمس الحقيقة.

كما تحدث المصدر ذاته، عن معاناة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وحرمانهم من أبسط حقوقهم من قبيل الزيارات العائلية، والمحاكمة العادلة، بالإضافة سوء المعاملة والتنكيل بهم.

واختتم شهادته بالإشارة إلى منع حرية العبادة، من طرف الاحتلال الذي منعه هو وغيره من الفلسطينيين في الضفة الغربية من أداء الصلاة في القدس منذ التسعينات من القرن الماضي، مؤكدا أن المسيحيين كذلك لا يستطيعون أداء طقوسهم في كنيسة القدس.

مطالبة بمحاكمة إسرائيل

في جلسة المحاكمة الرمزية، قدم ممثل الحق العام، المحامي حاتم بكار، التماسا شديد اللهجة للمحكمة، مطالبا بملاحقة ومتابعة إسرائيل على خلفية ارتكابها جملة من “الجرائم ضد الإنسانية”.

وشدد الوكيل العام على ضرورة متابعة إسرائيل بتهم تشمل، الجرائم ضد الإنسانية، إلى جانب جرائم التعذيب والاعتقال التعسفي، والتهجير القسري، يضاف إلى ذلك جرائم العنف الجنسي والاتجار بالبشر.

وفي نقطة بالغة الحساسية، وجه ممثل الحق العام اتهاما مباشرا بممارسة الاتجار بأعضاء الفلسطينيين عبر جثامينهم، قائلا: “الجثث تعتقل وتجزأ وتباع”

وتبعا لذلك، دعا المحامي بكار المحكمة إلى تحميل المسؤولية الجنائية الكاملة لكافة المتورطين، بمن فيهم، القادة العسكريون الإسرائيليون السابقون والحاليون، ناهيك عن منفذي أوامرهم على الأرض، والمليشيات الممولة من طرف إسرائيل، “وكل من خطط وسهل ونفذ ومنع وامتنع عن توقيف الجرم وله القدرة على توقيفه أو وفر غطاء سياسياً، إعلامياً، لوجستياً، أو حتى من دافع عنها ولو بمساعدة قضائية”.

وبدوره، أوضح محامي الدفاع عن المتهم (إسرائيل)، مصطفى يخلف عضو هيئة المحامين بأكادير، أنه مضطر للدفاع في إطار المحاكمة العادلة، واصفا مهمته بأنها تشبه “انتحار مهني يليق بالألم”.

وعبّر المحامي يخلف عن تأثره العميق وهو يسرد جرائم إسرائيل وكان ذلك باديا على نبرة صوته الحزينة، مؤكدا أنه لم يتخيل يوما أن يقف كمحامٍ مغربي “ابن سوس” ليدافع عن مجرم حرب.

وقال مصطفى يخلف، “فضلت الانتحار المهني على أن أدافع عن إسرائيل ولهذا خلعت بدلتي أمام رئاسة المحكمة”.

واختتم دفاعه بوصف موقفه بأنه “سهم الانتحار المهني ليحرق به وهم الطغيان والنسيان ويكسر به جبروت الصمت والنسيان وهما ألوان الخذلان”.