story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
اقتصاد |

مجلس المنافسة: سعر الخبز المنخفض يخلق استهلاكا مفرطا وهدرًا غير مسبوق

ص ص

يرى مجلس المنافسة في رأي حديث أصدره أن “الفهم الخاطئ لقيمة الخبز في المغرب، الناتج عن إبقاء الأسعار منخفضة بشكل غير طبيعي بفضل الدعم، يقلل من قيمة هذا المنتج في أعين المستهلكين، الذين يميلون إلى شراء كميات كبيرة دون إدراك قيمته الحقيقية، مما يزيد من الهدر”.

وأكد الرأي الصادر حول السير التنافسي لسوق المطاحن في المغرب، أن “إهدار الخبز والحبوب يمثل تحديًا كبيرًا على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي بسبب الدعم المخصص لهذه المنتجات الأساسية”، موضحا أن “هذا الدعم، رغم هدفه في ضمان توفر الخبز للسكان، يؤدي، بشكل متناقض، إلى الإفراط في الاستهلاك والإهدار”.

وأبرز المجلس أن “الخبز، الذي يعد الغذاء الأساسي في النظام الغذائي المغربي، هو أحد أكثر المنتجات التي يتم إهدارها”، إذ قدرت الجامعة الوطنية للمخابز والحلويات بالمغرب (FNBPM) في سنة 2020، أن 30 مليون وحدة من الخبز تُهدر يوميًا، أي ما يقارب 25% من الإنتاج الإجمالي الذي يتراوح بين 110 و120 مليون وحدة في اليوم.

كما تشير جمعيات حماية المستهلكين إلى أن الهدر السنوي يبلغ 11 مليار وحدة من الخبز، داعية إلى اعتماد قانون لمكافحة الهدر يهدف إلى ترشيد الاستهلاك.

وأضاف مجلس المنافسة أن “هدر الحبوب والخبز لا يقتصر على الاستهلاك المنزلي فقط، بل يمتد ليشمل سلسلة التوريد بأكملها، من الإنتاج إلى التخزين، مرورًا بالتصنيع والتوزيع”، موردا في هذا السياق، أن “مرحلة الإنتاج تسجل أعلى معدلات التلف، بنسبة تصل إلى حوالي 20%، بسبب الظروف المناخية غير الملائمة، والافتقار إلى البنى التحتية الحديثة للتخزين، والأساليب الفلاحية التقليدية”.

كما يشكل التخزين، وفق المصدر، “حلقة حرجة، حيث تُقدر الخسائر بين 5% و7% في مستودعات الجهات المعنية بالتجميع، وحوالي 5% في سلسلة التوزيع”.

ويشير التقرير إلى وجود نوعين من أنماط التخزين في المغرب، لكل منهما تأثيرات متفاوتة على الخسائر في الحبوب، إذ يتمثل النوع الأول في التخزين التقليدي، مثل المطامير والغرف تحت الأرض، الذي يتسبب في خسائر تصل إلى 20% سنويًا، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى الرطوبة المرتفعة وانتشار الكائنات الضارة.

أما النوع الثاني فهو التخزين الحديث، الذي يتم في صوامع التخزين والمستودعات المنظمة، ويقلل من الخسائر إلى حدود تتراوح بين 1% و2%، ورغم أن هذه الوسائل أكثر فعالية، وفق المجلس، إلا أنها لا تزال غير متطورة بشكل كافٍ في المغرب.

ويشير التقرير إلى أن “المطاحن الصناعية تتكبد كذلك خسائر بسبب التقنيات القديمة وعدم فعالية الخدمات اللوجستية”.

وفي مرحلة الاستهلاك، يضيف المصدر، أن “هدر الخبز لا يزال يثير القلق، ففي المطاعم والمنازل، تقدر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة أن 32% إلى 34% من الخبز المشتَرى يتم رميه، ويزداد هذا الهدر بسبب عادات الاستهلاك التي تشمل شراء كميات كبيرة وعدم الوعي بكيفية تدبير الخسائر الغذائية، كما أن العادات الثقافية والاجتماعية، لا سيما خلال الأعياد والمناسبات العائلية، تشجع على الإفراط في الاستهلاك والتخلص من الخبز غير الطازج”.

وفي غضون ذلك، يرى مجلس المنافسة، أن “هدر الطعام يمثل عبئًا اقتصاديًا كبيرًا على الدولة والمجتمع، ليس فقط بسبب الدعم المخصص للقمح المحلي، بل أيضًا لأن جزءًا كبيرًا منه ينتهي إلى الهدر دون تحقيق عائد اقتصادي”.

وأكد أن “هذه الكفاءة المحدودة تنعكس بشكل مباشر على الميزانية العامة، حيث تزيد الأعباء المالية على نظام المقاصة وتقلل من فعالية سياسات دعم المستهلكين، إذ أنه بدلًا من ضمان حصول الأسر الأكثر ضعفًا على الخبز بشكل عادل، تضيع جزء من هذه الموارد العامة على طول سلسلة الإنتاج والاستهلاك”.

أما على الصعيد البيئي، يضيف التقرير، أن “هذا الهدر تترتب عليه آثار كبيرة، لا سيما من حيث الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية”، موضحا أن “زراعة الحبوب تتطلب كميات كبيرة من الماء والطاقة، ويستهلك كل كيلوغرام من القمح عدة مئات اللترات من الماء، التي تُهدر بشكل غير مباشر عند عدم استهلاك الخبز”.

كما يشير إلى أن “تدبير النفايات الغذائية يتسبب في تكاليف لوجستية إضافية مرتبطة بمعالجة الكميات غير المباعة والتخلص منها، ما يؤدي إلى تفاقم الآثار السلبية للقطاع، حيث يزيد من البصمة البيئية لنظام الإنتاج ويرهق الموارد الطبيعية المحدودة، في ظل تزايد الإجهاد على الموارد المائية”.