مجلس المنافسة: دعم المطاحن يحمي الأمن الغذائي لكنه يضعف المنافسة
أكد مجلس المنافسة أن سياسة دعم الدولة في قطاع المطاحن، رغم دوره في حماية الأمن الغذائي وضمان توافر الحبوب، إلا أنه تسبب في “انحرافات” تمس مبدأ الحياد التنافسي وتمنح أفضلية غير مستحقة لعدد من الشركات الكبرى.
وأوضح المجلس، في رأيه الأخير حول السير التنافسي لسوق المطاحن بالمغرب، أن عددا من الشركات “استفادت من حماية تكاليفها بشكل غير مباشر”، ما جعل انخفاض أسعار الدقيق “بفعل الدعم وحده و ليس نتيجة لتحسين الكفاءة أو الإبتكار، و هو ما حد من دوافع الاستثمار في الجودة و تطوير سلاسل الإنتاج”.
وسجّل المجلس أن الدولة تتحمل جزءا كبيرا من التكاليف الناتجة عن الاحتكار وغياب المنافسة، سواء عبر دعم الأسعار أو تغطية كلفة الرسوم والآليات الحمائية، مبرزا أن تعدد الوسطاء وغياب مراقبة فعّالة لمسالك التوزيع يفاقم العبء المالي، حيث ترتفع التكاليف دون أن تصل آثارها الإيجابية إلى المستهلك أو إلى السوق بشكل عام.
وبيّن المجلس أن الشركات الصناعية الكبرى المتكاملة عموديا هي الأكثر استفادة من الدعم، بالنظر لسيطرتها على حلقات التوريد والتخزين والتحويل والتوزيع، وهو ما خلق حسب رأيه، “فجوة كبيرة” مع المطاحن الصغيرة التي تعتمد فقط على طحن القمح، وجعل قدرتها على المنافسة شبه منعدمة.
وأكد المجلس أن “التفاوت في الولوج إلى الدعم” سمح لهذه الشركات بتعزيز مواقعها السوقية، مستفيدة من تكاليف منخفضة لا تعبّر عن أداء اقتصادي فعلي، و إنما عن حماية غير مباشرة توفرها الإعانات والآليات التنظيمية الحالية.
وأشار المجلس إلى أن الدعم العمومي، خصوصا المخصص للقمح اللين والدقيق الوطني المدعم، ساهم في امتصاص صدمات الأسعار العالمية وضمان وفرة المنتجات الأساسية داخل السوق، إلا أن هذا النظام، في المقابل، أعاد تشكيل دينامية الأسعار بطريقة أضعفت آليات المنافسة الطبيعية.
كما لفت المجلس إلى أن الدعم، بصيغته المعمول بها، أحدث “تشويها” في مؤشرات الأسعار، بحيث صار بعض الفاعلين قادرين على اعتماد أسعار منخفضة بشكل غير طبيعي، ما أدى إلى إقصاء المنافسة والحد من دخول فاعلين جدد إلى السوق.
ووفق التقرير، فإن “السوق لا يعكس التكلفة الحقيقية للقمح أو للدقيق”، بفعل تدخل الدولة في الاستيراد والتخزين والتوزيع، مما يخلق صورة غير دقيقة عن الواقع الاقتصادي للقطاع.
وخلص تقرير المجلس إلى أن الدعم، رغم ضرورته في ضمان الأمن الغذائي، تحول إلى عنصر يُضعف المنافسة ويزيد من تبعية الشركات للإعانات العمومية، مؤكدا أن إصلاح هذا النظام أصبح شرطا لضمان عدالة السوق وتحسين جودة الدقيق وتنافسية القطاع.