هبة أمريكية تُفجر جدلا داخل جماعة الدارالبيضاء وسط اتهامات بالمحاباة وغياب الشفافية
فجرت هبة مالية أمريكية، تقدر بـ 150 مليون سنتيم، جدلا واسعا داخل أروقة مجلس جماعة الدار البيضاء، بعدما عبرت أحزاب المعارضة عن مخاوفها من مغبة “الانتقائية والمحاباة” بتوجيه الدعم لفائدة جمعيات بعينها، لاسيما تلك الموالية لحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي تنتمي إليه رئيسة مجلس الجماعة، نبيلة الرميلي.
ومن المقرر أن تعرض نقطة هذه الهبة، المقدمة من طرف منظمة أمريكية لفائدة الجمعيات الشبابية التي تعنى بالتغيرات المناخية، على أنظار المجلس الجماعي خلال الدورة الاستثنائية المنتظرة بداية الشهر المقبل، لدراستها والمصادقة عليها؛ غير أن المعارضة تحذر من توقيت وظروف إقرار هذا الدعم.
وفي هذا السياق، نبهت المستشارة عن فريق العدالة والتنمية، سميرة ترزاني، عمدة الدار البيضاء من الوقوع في “فخ محاباة جمعيات على حساب أخرى”، خاصة وأن هذه السنة، بحسبها، هي سنة انتخابات.
وأشارت ترزاني ضمن تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، إلى أن توقيت توزيع هذه الهبة جاء متأخرا، “إذ كان من المفروض أن يتم في سنة 2023″، لافتة في نفس الوقت إلى أن صرفه في هذا التوقيت يثير الكثير من التساؤلات حول الخلفيات والأهداف.
ومما يزيد من حدة الريبة، “هو غياب المقاربة التشاركية في التفاوض على هذه المنحة”، تقول ترزاني، التي كشفت في هذا الإطار أن “المجلس بكل مكوناته تم إقصاؤه من المشاركة في المفاوضات مع المنظمة المانحة”.
بل وأوضحت أن “عضوا واحدا فقط، ينتمي إلى حزب الرئيسة وبتوجيه منها، هو من شارك في هذه المفاوضات، الأمر الذي يثير شبهة التفرد في اتخاذ القرار وتوجيهه”.
من جانبه، اشتكى المستشار عبد الله أباعقيل، عن الحزب الاشتراكي الموحد، من “غياب المقاربة التشاركية”، المتمثلة في عدم إشراك ممثلين عن جميع الأحزاب في المفاوضات المتعلقة بالدعم.
ولمعالجة هذا الوضع وتجنب شبهة “الانتقائية والمحاباة” للجمعيات الموالية لأحزاب معينة، اقترح المستشار أباعقيل ضمن تصريحه لصحيفة “صوت المغرب”، تشكيل “لجينة” تتضمن ممثلا عن جميع الفرق الحزبية.
وتهدف هذه اللجينة، وفقا للمستشار الجماعي إلى دراسة ملفات الجمعيات التي ترغب في الاستفادة من هذا الدعم، مؤكدا في الوقت ذاته أن هذه العملية ستقطع الطريق عن الجمعيات التي تستغل القرب أو الولاء لحزب سياسي معين، من أجل الاستفادة من هذه المنح.
ورغم الخلاف حول طريقة التوزيع، يتفق المستشاران، سميرة ترزاني وعبد الله أباعقيل، على أن هذا النوع من الدعم المادي يبقى ضروريا لاستمرار جمعيات المجتمع المدني، في القيام بأدوارها.
إلى ذلك أشار أباعقيل إلى نقطة مهمة، تتعلق بضرورة المحاسبة بعد الدعم؛ معتبرا أنه “من غير المعقول أن تستفيد بعض الجمعيات من الدعم ثم لا تقدم في النهاية تقارير تظهر أين صرف هذا الدعم”، ودعا في هذا الصدد، إلى ربط الدعم بمسؤولية تقديم التقارير المالية والأنشطة.
في مقابل ذلك، حاولت صحيفة “صوت المغرب” التواصل مع رئيسة جماعة الدار البيضاء، نبيلة الرميلي، من أجل التعليق على هذه الانتقادات وأخذ رايها حول الموضوع، غير أن هاتفها ظل يرن دون أن يرد.
ويُذكر أن رئيسة مجلس جماعة الدار البيضاء، كانت قد أعلنت قبل أيام عن انطلاق “برنامج المنح الصغيرة للأنشطة ذات الطابع المناخي” للمدينة، بالتعاون مع صندوق بلومبورغ للأعمال الخيرية للشباب والعمل المناخي.
وقد دعت الرميلي، عبر منشور، الجمعيات البيئية بالدار البيضاء التي تعمل لفائدة الشباب، إلى تقديم مشاريعها حول “تحديات المتغيرات المناخية” خلال الفترة الممتدة من 15 نونبر 2025 إلى غاية 25 نونبر 2025، بشرط أن يكون فريق العمل المنفذ لهذه المشاريع من الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم 24 سنة، وهي المبادرة التي شكلت الإطار الرسمي للهبة التي أثارت هذا الجدل السياسي في أروقة مجلس الجماعة.