محكمة تمارة تدين 20 متّهما في أحداث “جيل Z” والدفاع: أحكام قاسية!
بعد مرافعات ماراثونية، قضت المحكمة الابتدائية بمدينة تمارة، يوم الأربعاء 19 نونبر 2025، بإدانة 20 شابة وشابًا على خلفية أحداث العنف التي وقعت على هامش احتجاجات حركة “جيل Z”، والتي عرفتها المدينة بتاريخ 30 شتنبر الماضي.
وشمل الحكم 6 متهمين في حالة اعتقال و14 في حالة سراح.
وواجه الشبان المتابعين في حالة اعتقال عددا من التهم، من بينها التحريض على ارتكاب جرائم، والعصيان، وإهانة رجال القوة العمومية والعنف في حقهم، وتخريب شيء مخصص لمنفعة عمومية، في حين توبع باقي المتابعين في حالة سراح بتهم المشاركة في تجمهر “غير مرخص “، وعدم الانسحاب منه رغم توجيه الإنذارات القانونية.
وقضت المحكمة في حق الشباب الستة المعتقلين بعقوبات بلغ مجموعها 4 سنوات و7 أشهر حبسًا نافذًا، موزعة على الشكل الآتي:
• سنة ونصف في حق المتهم ح.م،
• سنة واحدة لكل من إ.ه وأ.ز،
• ثمانية أشهر لكل من م.ت وب.م،
• خمسة أشهر للمتهم أ.ر،
إضافة إلى غرامة نافذة قدرها 500 درهم لكل واحد منهم.
كما قررت المحكمة إدانة الـ14 شابًا وشابة المتابعين في حالة سراح، وقضت في حق كل واحد منهم بأربعة أشهر حبسًا موقوف التنفيذ وغرامة قدرها 500 درهم، ليبلغ مجموع العقوبات الصادرة في حقهم 56 شهرًا موقوفة التنفيذ.
وفي تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، اعتبر المحامي بهيئة الرباط هشام الزياري، أن هذه الأحكام “قاسية جدًّا بالنظر إلى ظروف وملابسات الملف، فضلا عما قدّمته هيئة الدفاع من دفوعات شكلية وطلبات أولية”.
وأوضح الزياري أن الدفاع أثار جملة من “الخروقات” التي شابت محاضر الضابطة القضائية، بينها “عدم إشعار المتهمين بالمنسوب إليهم فورًا كما تقتضيه المادة 67 من قانون المسطرة الجنائية، إضافة إلى خروقات متعلقة بالحراسة النظرية وفق المادة 66، وخرق مقتضيات المادة 56 المتعلقة بحالة التلبس”، معتبرًا أن المسطرة المُنجزة تحت وصف التلبس “مسطرة باطلة”.
وأوضح المتحدث أن الدفاع ناقش بالتفصيل الأركان القانونية والمادية والمعنوية للجنح المتابع بها المتهمون، ليتبيّن في النهاية، على حد قوله، “غياب أدلة على ارتكاب تلك الأفعال، وأن ما وقفت عليه هيئة الدفاع هو انعدام وسائل الإثبات، غير أن المحكمة كانت لها قناعة أخرى وقضت بالإدانة”.
وأبرز الزياري أن المرافعات كشفت، في الشق المتعلق بالموضوع، ما وصفه بـ “مكامن الخلل” خصوصًا في ما يتعلق بغياب العناصر التكوينية للجرائم المتابع بها المتهمون، وهو ما استند إليه الدفاع في التماس البراءة غير أن المحكمة، وبعد إقفال باب المرافعة وتحديد جلسة 19 نونبر 2025 للنطق بالحكم، قررت إدانة جميع المتهمين.
وأضاف المصدر ذاته أن “هيئة الدفاع ناقشت أمام المحكمة جميع تفاصيل التهم الموجهة إلى الشباب المتابعين، سواء تعلّق الأمر بتهم المشاركة في التجمهر أو التحريض عليه، أو بتحديد ما إذا كان التجمهر يحتاج إلى ترخيص وتصريح أم لا”.
كما أشار المتحدث إلى أن الدفاع تقدّم بطلبين أساسيين، أهمهما عرض شريط فيديو داخل الجلسة يوثّق لحظة توقيف مجموعة من المتابعين، مؤكّدًا أنه “كان سيُحدث تغيّرًا جوهريًا في مسار القضية”، وربما كان سيُشكّل دليل براءتهم، إلا أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب.
وشدّد الزياري على أن “التمسك بعرض الشريط جاء حرصًا على ضمانات المحاكمة العادلة، باعتباره وسيلة كانت ستتيح للمحكمة التأكد من هوية الأشخاص الظاهرين فيه، ومدى مطابقتها للمتابعين المعروضين أمامها”.
وأكد المحامي أنه سيتم الطعن في الحكم استئنافًا، اليوم الخميس 20 نونبر 2025، مع إعادة طرح جميع الدفوعات التي تمسّك بها خلال المرحلة الابتدائية، على اعتبار أن الاستئناف يعيد نشر القضية من جديد .
وفي غضون ذلك، عبر هشام الزياري عن أمله في “أن يُعيد القضاء الأمور إلى نصابها، مراعاةً للسياق الذي جاءت فيه هذه الاحتجاجات، واستحضارًا لانعدام وسائل الإثبات، فضلا عن الخروقات التي طالت المسطرة المنجزة من طرف الضابطة القضائية برمتها”.
من جانبه، أكد المحامي عمر بلمعطية، أحد أعضاء هيئة الدفاع في حديثه هو الآخر، لصحيفة “صوت المغرب” أن هذا الحكم “لا يستجيب لتطلعات وقناعات هيئة الدفاع، التي تؤكد براءة هؤلاء الشباب”، مشيرًا إلى أن السبب يكمن في عدم اكتمال البنيان القانوني للجرائم المتابعين بها، إضافة إلى رفض المحكمة للطلبات الأولية ورد الدفوعات الشكلية التي تم تقديمها جميعها.
وفي السياق، كانت الجلسة الأخيرة للمرافعات بتاريخ 12 نونبر 2025 قد كشفت معطيات اعتبرتها هيئة الدفاع “جوهرية” لفهم مسار القضية، بحيث أوضح المحامي بهيئة الرباط إسماعيل أيت حسين، خلال مرافعته عن الشاب “إ.ه” حينها، أن موكله “ظل يزاول عمله في ورش إعادة بناء مستشفى ابن سينا إلى حدود الثامنة مساءً، وفق الشهادات المهنية وجداول التنقيط، قبل أن يتم توقيفه حوالي التاسعة ليلاً فور عودته إلى محل سكناه بتمارة، دون أن تكون له أية علاقة بالاحتجاجات”، حسب الدفاع، الذي اعتبر أن الوضع ذاته ينطبق على باقي المعتقلين الذين جرى توقيفهم “بشكل عشوائي”، على حد تعبيره.
كما أشار الدفاع خلال المرافعات إلى وجود “تناقض واضح في التوقيت الوارد في محاضر الضابطة القضائية”، مؤكداً أنها تتحدث عن توقيف مع السادسة مساءً، بينما لم تبدأ أعمال العنف إلا بعد التاسعة وأربع عشرة دقيقة.
وأشار في هذا الصدد، إلى أن عدداً من الموقوفين “وقّعوا المحاضر تحت الضغط ودون الاطلاع على مضمونها”، وهو ما دفعه للتأكيد على “غياب العناصر التكوينية للأفعال المتابعين بها”.
*كنزة احسيني الخضير