دراسة: 2024 بالمغرب سنة الأعطاب الكبرى ومأزق النموذج
وصفت دراسة حديثة، سنة 2024 بالمغرب بـ “سنة للأعطاب الكبرى ومأزق النموذج”، مشيرة إلى أنها سنة كشفت عن “حدود السياسة الاجتماعية المعلنة، وعرّت مكامن هشاشة الدولة والمجتمع معاً”.
وذكرت الدراسة المنشورة ضمن تقرير للمركز المغربي للأبحاث وتحليل السياسات بعنوان “المغرب في سنة 2024″، أن “هناك ستة تحديات فرضت حضورها في النقاش العمومي خلال هذه السنة، وكشفت رهانات سياسية واجتماعية وهيكلية”.
بخصوص التحدي الأول، الذي يخص السياسة الاجتماعية، أبرزت الدراسة التي أنجزها الباحثون عبد المولى عمراني، أحمد أسرار، فردوس انفيفخ، هدى لانزاري، زهير بنطالبة، وعبد الرحيم الشنية، (أبرزت) أن “سنة 2024 طرحت بحدة سؤال التفاوت بين الخطاب والممارسة، ومدى قدرة البرنامج الحكومي 2021-2026 على مجابهة الأزمات المستفحلة”.
أما ثاني هذه المحاور التي توقفت عندها الدراسة، فهي الاحتجاجات الاجتماعية، التي كانت “تعبيراً عن أزمات متراكمة وتحولات جارية”، موردة أن “سنة 2024 عرفت تصاعداً ملحوظاً في وتيرة الاحتجاجات، سواء من طرف الشغيلة في قطاعات حيوية كالصحة والتعليم، أو من خلال تعبيرات احتجاجية مناطقية ومجالية”.
واعتبر المصدر أن فهم هذه الاحتجاجات ضروري لفهم حدود الوساطة السياسية، وأزمة الثقة في المؤسسات، والتحولات التي مست الثقافة السياسية للمواطنين.
من جانب آخر، تطرقت الوثيقة إلى كارثة زلزال الحوز، التي تحولت إلى “امتحان اجتماعي وسياسي عسير”، موضحاً أن “الزلزال عرّى هشاشة البنيات الاجتماعية والبنيات التحتية في المناطق المنكوبة، إلى جانب قصور السياسات الترابية والتنموية، ليتحول بذلك هذا الحدث إلى اختبار حقيقي لمدى نجاعة الدولة في تدبير الأزمات واستحضار العدالة المجالية”.
وسلّط الباحثون ضمن الدراسة نفسها الضوء على استمرار موجة غلاء الأسعار، التي طبعت سنة 2024، “مما أثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية لشرائح واسعة من المواطنين، وهو ما شكّل مدخلاً لتحليل البنية الاقتصادية والاجتماعية القائمة، وعلاقة الدولة بالسوق، والإشكالات المرتبطة بالسيادة الغذائية والتوازنات الماكرو-اقتصادية”.
وإلى جانب ذلك، تطرق التقرير إلى أحد أهم مؤشرات الأزمة الاجتماعية التي طبعت سنة 2024، وهي الهجرة، سواء الداخلية أو الخارجية، حيث سُجّل تزايد هجرة الأطر والكفاءات في ظل محدودية الأفق الوطني، ما يطرح، بحسبه، “النموذج التنموي موضع مساءلة، كما يطرح ازدواجية خطاب الدولة بين تشجيع العودة واستمرار أسباب النزوح”.
واختتم المصدر بالإشارة إلى تعديل مدونة الأسرة، باعتباره أحد أبرز التعديلات التي ميزت السنة الفارطة، وفتح النقاش حوله الباب أمام صراع مرجعي وثقافي حول قضايا الأسرة والمرأة والسلطة الأبوية، مسجلاً أن هذا النقاش يعكس “عمق التحولات الاجتماعية في المغرب، وتوتر العلاقة بين الدين والدولة، والحداثة والتقليد”.
وفي ظل هذه التحديات، خلص الباحثون إلى أن الوضع الاجتماعي خلال سنة 2024 “لم يكن وليد لحظات ظرفية، بل نتيجة لتراكمات ممتدة، اختلط فيها قصور السياسات العمومية بطبيعة التحولات المجتمعية والاقتصادية العميقة”.
وشددوا في هذا السياق على أن “ما بعد 2024 يجب ألا يكون مجرد استمرار في تدبير الأزمة، بل لحظة تأسيس لإرادة سياسية جديدة تقطع مع منطق التسكين والتسويف، وتعيد الاعتبار للعدالة الاجتماعية باعتبارها جوهر الاستقرار السياسي والكرامة الإنسانية”.