“كاش بلوس” في بورصة البيضاء.. توقعات بإقبال كبير وانتعاش متواصل للسوق المالية
تخطو شركة “كاش بلوس”، أحد أبرز الفاعلين في خدمات تحويل الأموال والدفع في المغرب، خطوة استراتيجية جديدة بدخولها بورصة الدار البيضاء، بهدف جمع 750 مليون درهم لتعزيز توسّعها وترسيخ مكانتها في قطاع يعرف تحولات رقمية متسارعة.
ويعتبر الرئيس التنفيذي للشركة، نبيل عمار، هذه الخطوة “لحظة تاريخية لكاش بلوس، وللمؤسس الذي بدأ قبل عشرين عاماً بشبكة صغيرة من الوكالات المخصصة لتحويل الأموال بين المواطنين داخل المغرب وخارجه”.
من جانبه، أوضح المدير التنفيذي لشركة CFG Finance، لطفي لزرق، خلال الندوة الصحافية التي أعلنت عن الطرح العام الأولي، أن العملية ستتم جزئياً من خلال زيادة في رأس المال بقيمة 400 مليون درهم، على أن يتم الجزء المتبقي عبر سحب نقدي (Cash-out) من خلال بيع أسهم بقيمة 350 مليون درهم، بسعر اكتتاب محدد في 200 درهم للسهم الواحد.
وبذلك، يبلغ مجموع العملية 750 مليون درهم، أي ما يعادل تقريباً 7,5 مليارات سنتيم مغربي.
يقوم بنك CFG، من خلال فروعه CFG Finance وCFG Marchés، بمواكبة شركة CASH PLUS بصفته المستشار المالي والمنسق العام وقائد نقابة التوظيف (أو رئيس اتحاد الاكتتاب).
تفاصيل الطرح
ستحتفظ عائلتا التازي وعمار بنسبة 35٪ من رأس المال، بحسب الرئيس التنفيذي للشركة، نبيل عمار، في حين سيظل الصندوق الاستثماري MCP حاضراً بنسبة 15.5٪، لتبلغ نسبة التداول الحر (Flottant) حوالي 14٪. ومن المرتقب أن يتم الإدراج الفعلي في منتصف شهر دجنبر 2025.
ميديترانيا كابيتال بارتنرز (MCP) شركة استثمار رأسمال خاص متخصصة في الاستثمارات التنموية في إفريقيا، وتركّز على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات متوسطة الحجم ذات الإمكانات العالية
وقد تم تحديد فترة الاكتتاب بين 19 و25 نونبر 2025، على أن تتم عملية تخصيص الأسهم في 28 نونبر الحالي، ويُنتظر أن يكون أول يوم تداول في 8 دجنبر المقبل.
وتُعتبر هذه الترتيبات ضرورية لاستقرار هيكلة الملكية وحوكمة الشركة، “وهي رسالة طمأنة للسوق تؤكد رغبة العائلتين في الالتزام طويل الأمد لتنفيذ خطة العمل”، بحسب تصريحات مسؤولي الشركة، الذين شددوا على أن “أي تعديل محتمل على هذا الالتزام لا يمكن أن يتم إلا بموافقة مسبقة من بنك المغرب”.
الأهداف
تسعى “كاش بلوس” من خلال دخولها البورصة إلى تحقيق جملة من الأهداف المترابطة، إذ تهدف – بحسب الرئيس التنفيذي نبيل عمار – إلى “الاقتراب أكثر من المغاربة أينما كانوا”، عبر تعزيز الانتشار الجغرافي، و”تغطية أفضل للمناطق غير المخدومة، وافتتاح متاجر رئيسية، وإبرام شراكات مع شبكات توزيع أخرى”.
كما تطمح الشركة إلى مواصلة التحول الرقمي. ويقول عمار في هذا الصدد: “نسعى إلى تطوير أنشطتنا الرقمية والذهاب أبعد في مجال الرقمنة. نريد إنشاء تطبيق شامل يجمع بين الخدمات المالية وخدمات الحياة اليومية”.
إلى جانب ذلك، تسعى الشركة إلى رصد فرص السوق ومتابعة فرص النمو الخارجي أو الاستثمارات التي “تمكّن من تعزيز موقعها في القطاعات الحالية”، بما قد يشمل “تطوير أنشطة مكملة جديدة”.
ولتحقيق هذه الأهداف، تعتمد الشركة على خطة عمل بنمو مستدام، كما يوضح سفيان الأشوري، المدير العام المساعد للمجموعة، مشيراً إلى أن التوقعات تشير إلى ارتفاع صافي الناتج البنكي بين عامي 2025 و2030 “من 879 مليون درهم إلى 1,457 مليار درهم، مع اتجاه تصاعدي مستمر”.
ويضيف الأشوري أن التوقعات بخصوص الربح التشغيلي تشير إلى إمكانية بلوغ 696 مليون درهم بحلول 2030، مع معدل نمو سنوي يفوق 10٪، بينما سيتبع صافي الربح المخصص للمجموعة نفس المنحى، “منتقلاً من 237 مليون درهم إلى 397 مليون درهم خلال الفترة نفسها”.
ويشمل انتشار الشركة حالياً 650 وكالة تابعة مباشرة لها يعمل بها أكثر من 1,200 موظف، بالإضافة إلى 1,100 وكالة في المناطق القروية، إلى جانب شبكة تكاملية تضم 2,100 شريك تحت علامة “خدمات”، يستفيدون من تكنولوجيا “كاش بلوس” في تقديم خدمات مثل دفع الفواتير وتحويل الأموال.
كما تعتمد الشركة على الرقمنة من خلال تطبيق “Cash Plus Mobile”، الذي يتيح فتح حساب عن بُعد أو داخل الوكالة، والحصول على بطاقة دفع فوري أو افتراضية دولية للمدفوعات الإلكترونية.
وتؤكد الشركة اليوم امتلاكها أكثر من 5,000 نقطة بيع موزعة على 178 مدينة وقرية، منها 20٪ في المناطق القروية، تُدار من طرف 4,000 رائد أعمال ويعمل بها 1,500 موظف.
رهانات
دخول “كاش بلوس” في بورصة الدار البيضاء لا تقتصر على بعدها المالي أو الهيكلي، بل يحمل أيضاً رهانات استراتيجية متعددة، سواء بالنسبة للشركة نفسها أو لسوق الرساميل المغربي ككل.
“إدراج ‘كاش بلوس’ يأتي في سياق انتعاش غير مسبوق لبورصة الدار البيضاء، وتزايد اهتمام المقاولات الوطنية بالتمويل عبر السوق المالي”، بحسب الخبير الاقتصادي محمد جدري.
ويرى جدري، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن الإقبال سيكون كبيراً جداً، مشيراً إلى أنه قد يتجاوز عشرة مليارات درهم من حيث الطلب، “لأن شهية المستثمرين، خصوصاً الأفراد الصغار، مفتوحة اليوم أكثر من أي وقت مضى”، في ظل الأرباح الكبيرة التي تم تحقيقها من طروحات سابقة مثل CMGP، Vicenne، TGCC، وAkdital.
كما أن سعر السهم في طرح كاش بلوس (200 درهم فقط) يعتبر في المتناول، “ما سيجعل الطلب مرتفعاً جداً على هذا السهم”. وبالتالي، يضيف المتحدث فكل الأطراف رابحة، “إذ ستواصل البورصة انتعاشها وتأكيد ديناميتها، بينما ستحصل كاش بلوس على تمويل سهل وبدون فائدة لتوسيع نشاطها”، فضلاً عن كون المستثمرين الصغار “سيستفيدون من فرصة استثمارية مربحة على المدى القصير والمتوسط وحتى الطويل”.
ويبدو بالنسبة إلى جدري أن الهدف الاستراتيجي لبورصة الدار البيضاء، قريب المنال بفضل هذه الدينامية المتزايدة، ويتمثل هذا الهدف في ضم أكثر من 900 شركة في السنوات المقبلة، بمعدل إدراج شركة جديدة كل شهر تقريباً. “وذلك رغم أن الوتيرة لا تزال تتراوح بين شركتين إلى ثلاث شركات سنوياً”، بحسب المتحدث.
ويشدد الخبير الاقتصادي على أن بورصة الدار البيضاء تعيش اليوم واحدة من أزهى فتراتها، إذ أنه خلال السنوات الثلاث الماضية، “شهدت مجموعة من المؤشرات الإيجابية جداً”، ذكر من بينها “تجاوز مؤشر ‘مازي’ لأول مرة حاجز 19.000 نقطة”، وهو مستوى غير مسبوق.
كما أنه خلال السنة الماضية والحالية، حقق المؤشر نسبة نمو تفوق 30%، وهو ما يعكس ثقة متزايدة في السوق، هذا بالإضافة إلى تجاوز القيمة السوقية الإجمالية لبورصة الدار البيضاء ألف مليار درهم لأول مرة، في إنجاز “يعكس نضج السوق واتساع قاعدته الاستثمارية”.
ويلفت محمد جدري إلى أن هذه الدينامية جعلت العديد من المقاولات المغربية تلتفت إلى البورصة كمصدر تمويل فعّال للاقتصاد الوطني، كما جذبت اهتمام فئة واسعة من صغار المستثمرين.
ويشير إلى أن هناك “ثقة متجددة في السوق المالية المغربية”، بفضل دينامية تعكس “دوراً متنامياً لبورصة الدار البيضاء في تمويل الاقتصاد الوطني”، مع انفتاح واضح لصغار المستثمرين “الذين أصبحوا يشكلون فاعلاً أساسياً في المشهد المالي الجديد”.