story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مدن وجهات |

بميزانية تفوق 94 مليون درهم.. صفقة توسعة المستشفى الجامعي بكلميم تثير جدلا واسعا

ص ص

أثار مشروع توسعة المركز الاستشفائي الجامعي بمدينة كلميم، الذي أطلقته وزارة الصحة والحماية الاجتماعية عبر الوكالة الوطنية للتجهيزات العامة – المديرية الجهوية للجنوب بميزانية تفوق 94 مليون درهم، (أثار) جدلا واسعا في الأوساط المحلية والرقمية، بسبب ما اعتبره عدد من المتتبعين “اختلالًا في ترتيب الأولويات” و”مبالغة في الكلفة المالية”.

ويتعلق المشروع، الذي حددت كلفته التقديرية في 94.071.240,00 درهم (مع احتساب الرسوم)، بإنجاز أشغال التلبيس والسقف المستعار والصباغة ضمن أشغال توسعة المركز الاستشفائي الجامعي بكلميم.

ورأى منتقدون أن المدينة ومستشفاها في حاجة ماسة إلى تجهيزات طبية حديثة وأطر صحية كافية، بدل التركيز على “الأشغال التجميلية” التي، حسب قولهم، “لن تسهم في تحسين الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين”.

كما شكك آخرون في حجم الميزانية المخصصة لهذه الأشغال، معتبرين أن “مبلغ 94 مليون درهم يفوق بكثير التكلفة المعقولة لأعمال الصباغة والتسقيف”، داعين إلى “مراجعة المشروع وتوجيه الاعتمادات نحو تحسين البنية التحتية والتجهيزات الأساسية داخل المستشفى”.

“دهان لإخفاء الفشل”

وفي السياق استنكرت المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد ما اعتبرته “استمرارًا في هدر المال العام وتغليب المظاهر الشكلية على الحاجيات الأساسية للمواطنين”، على خلفية الصفقة المعلنة من طرف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية عبر الوكالة الوطنية للتجهيزات العامة – المديرية الجهوية للجنوب.

وأشارت المنظمة في بيان لها، إلى أن هذه الصفقة تأتي في سياق تعرف فيه جهة كلميم- وادنون خصاصًا مهولًا في التجهيزات الطبية والأطر الصحية، معتبرة أن “التركيز على الصباغة والتلميع بدل الاستثمار في الخدمات العلاجية يعكس خللًا في أولويات التدبير العمومي بالقطاع الصحي”.

وأكدت المنظمة أن الغرض من الاستنكار ليس فقط رفض هذه الممارسات، بل فضح الآليات التي تجعل من “الدهان” أداة لإخفاء الفشل البنيوي، وتحويله إلى ما يُسمى بـ”المشروع الحضاري الزائف”، الذي لا يقدم أي قيمة مضافة للمواطنين أو للمنظومة الصحية بالجهة.

وطالب البيان بوقف جميع مشاريع الصباغة غير المبررة، إلى حين إجراء تقييم شامل لحاجيات الجهة، بالتشاور مع الساكنة والمجتمع المدني، من أجل إعادة توجيه الميزانيات نحو القطاعات ذات الأولوية، وعلى رأسها الصحة والتعليم والبنية التحتية.

ودعا النيابة العامة إلى فتح تحقيق عاجل في مدى شرعية هذه الصفقات وتوافقها مع أولويات التنمية الجهوية، وكذا في “شبهات تضارب المصالح والتلاعب في إجراءات طلب العروض”، مؤكدا أن “استخدام المال العام يجب أن يخضع لمبدأي الشفافية والنجاعة”.

وشددت المنظمة على ضرورة المساءلة السياسية والإدارية لكل من ساهم في تمرير مشاريع اعتبرتها “غير مبررة”، ودعت البرلمان ومجلس الجهة ومجلس المدينة إلى تشكيل لجان تقصي حقائق للوقوف على مسؤوليات مختلف الأطراف.

وطالبت كذلك بتحويل المبالغ المخصصة للصباغة إلى تجهيز المستشفى الإقليمي بكلميم، الذي يعاني من عجز هيكلي خطير يتمثل في غياب جهاز سكانير منذ أشهر، ونقص حاد في الأطباء المتخصصين وضعف التجهيزات الأساسية، مما يجبر المرضى على التنقل إلى مدن أخرى في ظروف قاسية.

وأوضحت المنظمة أن “تكرار صفقات الصباغة على مستوى الجهة خلال السنوات الأخيرة من قبيل صفقة العمران للجنوب رقم 43/2025 بملياري سنتيم، وصفقة مجلس الجهة لسنة 2024 بعشرين مليون درهم، وصفقة وزارة الصحة رقم 64/2025 بقيمة 94 مليون درهم، وصفقة سنة 2023 بـعشرة ملايير و200 مليون سنتيم يعكس نمطًا تدبيريًا مقلقًا يفضل الشكل على المضمون ويُهدر موارد الدولة في مشاريع تجميلية لا تمس جوهر التنمية”.

وأشار الحقوقيون إلى غياب الشفافية في تدبير هذه الصفقات، حيث “تُمنح غالبًا لنفس المقاولات دون منافسة حقيقية أو دراسات جدوى معلنة، مما يفتح الباب أمام شبهات المحاباة وتضارب المصالح، في ظل غياب رقابة فعالة من مؤسسات الحكامة والمحاسبة كالمجلس الأعلى للحسابات والهيئة الوطنية للنزاهة”.

ودعت المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد، في ختام بيانها، إلى تبني مبدأ الميزانية التشاركية، بحيث تشارك الساكنة في تحديد أولوياتها عبر جلسات ومنتديات محلية، بدل فرض قرارات من فوق لا تعكس الواقع المعيشي للمواطنين، مؤكدة أن “المال العام ملك للشعب ويجب أن يُصرف لخدمته، لا لتزيين معاناته”.

تفاصيل المشروع

وكانت الوكالة الوطنية للتجهيزات العامة – المديرية الجهوية للجنوب قد أعلنت عن تنظيم طلب عروض مفتوح دولي بعروض أثمان، يهم إنجاز أشغال توسعة المركز الاستشفائي الجامعي كلميم، في الشق المتعلق بأعمال التلبيس والسقف المستعار والصباغة.

وسيتم فتح الأظرفة يوم الثلاثاء 4 نونبر 2025، بمكتب المدير الجهوي للوكالة الكائن بورش بناء المركز الاستشفائي الجامعي لأكادير، حيث تبلغ الكلفة التقديرية للأشغال حوالي 94.071.240,00 درهم (مع احتساب الرسوم)، فيما تم تحديد مبلغ الضمان المؤقت في 1.400.000,00 درهم.

وأكد إعلان الوكالة على ضرورة أن يكون إعداد وتقديم وإيداع ملفات المتنافسين مطابقًا لمقتضيات القوانين المنظمة للصفقات العمومية، مشيرًا إلى أن إيداع الملفات يتم إلكترونيًا عبر بوابة الصفقات العمومية الرسمية، وذلك تنفيذًا لقرار الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية بخصوص رقمنة مساطر الصفقات العمومية.

كما يمكن للمتنافسين إيداع الوثائق التقنية المطلوبة مقابل وصل بمصلحة الصفقات التابعة للمديرية الجهوية للوكالة، وذلك قبل يوم الإثنين 3 نونبر 2025 على الساعة الرابعة والنصف مساءً، أو تسليمها مباشرة لرئيس لجنة طلب العروض في اليوم والساعة المخصصة للجلسة العمومية.