المجلس الاقتصادي: الفقر وضعف المعاشات يعمقان هشاشة المسنين بالمغرب

اعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن الفقر وضعف المعاشات يمثلان أحد أبرز العوائق أمام الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للأشخاص المسنين في المغرب، مبرزاً أن هذه الفئة تعاني من هشاشة معيشية تطال مختلف جوانب حياتها اليومية من صحة وتغذية وسكن وتنقل.
وجاء ذلك في تقريره السنوي لسنة 2024، الذي قُدم يوم الأربعاء 1 أكتوبر تحت عنوان: “الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للأشخاص المسنين بالمغرب”.
وكشف التقرير أن 52.4 في المائة من الأشخاص المسنين لا يتوفرون على دخل قار يضمن لهم شروط العيش الكريم، في حين يعتمد 49.2 في المائة منهم على معاشات التقاعد، و37.3 في المائة يواصلون العمل رغم تقدمهم في السن، و25.6 في المائة يعيشون بفضل مساعدات أبنائهم، بينما يعتمد آخرون على ممتلكاتهم (11.8 في المائة) أو مساعدات من أقاربهم (4.6 في المائة).
ورغم ذلك، أكد المجلس أن المتقاعدين أنفسهم يواجهون ضعف معاشاتهم وعدم استفادتها من أي زيادات، خاصة في ظل موجة التضخم الأخيرة.
وأشار التقرير إلى أن 74.3 في المائة من الأشخاص المسنين الذين يشتغلون لتغطية احتياجاتهم يعتبرون أنفسهم غير قادرين على الاستمرار في العمل، من بينهم 63 في المائة تتراوح أعمارهم بين 60 و69 سنة.
كما توقف التقرير عند الإشكالات البنيوية المرتبطة بالمسنين في المغرب، حيث لا تزال الأمية منتشرة بشكل واسع، إذ تصل إلى 71.6 في المائة بين من هم فوق 60 سنة، وترتفع إلى 88.3 في المائة في الوسط القروي.
وإلى جانب الأمية، يعاني كثير من المسنين من العزلة النفسية، سواء داخل الأسر أو بعد الإحالة على التقاعد دون إعداد مسبق، مما يفقدهم المكانة الاجتماعية والأدوار التي كانوا يضطلعون بها حسب المجلس.
ولم يغفل التقرير ظاهرة العنف، إذ أكد أن 11 في المائة من المسنين تعرضوا لشكل من أشكال العنف، 43.9 في المائة منهم داخل الأسرة و40.5 في المائة في المجتمع.
وعلى مستوى البنيات التحتية والخدمات، أشار المجلس إلى وجود خصاص حاد في المرافق الملائمة مثل المراحيض العمومية ووسائل النقل والحدائق، إضافة إلى محدودية الولوج إلى الأنشطة الرياضية والترفيهية، حيث يقتصر نشاط المسنين غالباً على التسوق (43.1 في المائة) أو ممارسة الشعائر الدينية (34.4 في المائة)، أما ممارسة الرياضة فلا تتجاوز 3.3 في المائة من هذه الفئة.
وبالنسبة لمؤسسات الرعاية الاجتماعية، وصف المجلس نموذجها التدبيري بغير الملائم، مسجلاً تغطية مجالية محدودة بـ72 مؤسسة فقط على المستوى الوطني، وطاقة استيعابية ضعيفة لا تواكب الطلب المتزايد.
وكشف ان هذه المؤسسات تعتمد على التبرعات مع تأخر الدعم العمومي، وتعاني من خصاص حاد في الموارد البشرية المؤهلة، فضلاً عن تدخلات عشوائية تؤدي إلى إيواء فئات غير معنية، مثل المشردين أو الأطفال المتخلى عنهم أو المرضى العقليين، ما يسبب مشاكل إضافية للنزلاء.
ولفت التقرير إلى أن الأشخاص المسنين في المغرب يعيشون عند تقاطع الفقر والهشاشة والأمية والعزلة والعنف وضعف الخدمات العمومية، داعياً إلى مراجعة عميقة لسياسات الرعاية والاندماج الاجتماعي لهذه الفئة بما يضمن كرامتهم وحقهم في العيش الكريم.