story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رأي |

أسعد رئيس حكومة في العالم

ص ص

أسعد رئيس حكومة في العالم هو عزيز أخنوش.

الوحيد من نظرائه الذي يمكن أن “يُفوِّت” بصفته رئيس حكومة مشروعاً استراتيجيا لإحدى شركاته الكثيرة ولا شيء يحدث في ملك الله.

وحتى عندما يمرّ في حوار تلفزي، معدّ ومرتّب بعناية، يحاوره فيه صحافيون لطفاء يرمون في فمه الجواب حتى قبل أن يسألوه، يفشلُ في الإقناع.

أخنوش رئيس الحكومة الوحيد في العالم الذي تزداد ثروته ولا تنقص. إن تفشّت جائحة يربح. إن ضربنا جفاف يربح. بتنظيم المونديال يربح، وبدون مونديال يربح… وحتى إذا سقط صاروخٌ في أقصى الأرض يربح.

أخنوش رئيس الحكومة الوحيد الذي يبيع المحروقات للشعب الذي يرأسُ حكومته بالثمن الذي يريد. ويبيع الأوكسجين. وقريباً سيبيع الماء.

يبني المولات كأنما يسْتنبِتُ الفِطر ليبيع للشعب ما يلبس وما يأكل وما يشرب. سكان الدار البيضاء المليونية مثلا، الذين لا يجدون مناطق خضراء ومتنفّسات، وساحات عامة، يهربون إلى مجمّعاته التجارية ليشتروا منه، ويُروّحوا على أنفسهم من “نكد الزمان”.

محظوظٌ هذا الرجل: يملك الحكومة، وجزءاً كبيرا من المعارضة.

لا شيء يُصدّع رأسه. لا المعارضة التي يُفترض أن تعارِضه كالمُعارضات، ولا حكومته كالحكومات.

يملكُ صحافيين يجيبون بدلا عنه إذا تلعثم، و”مؤثرين” في السوشل ميديا “يُسبّحون بحمد إنجازاته”، وفنّانين اكتشفوا السياسة بفضله.. وكثيراً من الدقايقية والنكّافات الذين لا تبحٌّ أصواتهم من كثرة التطبيل.

يُقيل المسؤولين الذين يُغضبونه، ويؤدّب المزعجين الذين يُكذّبون أرقامه، و”يستوردُ” من شركاته وزراءَه.

يسرق “جود” من “جود”. يخوض “حملة انتخابية” مفتوحة، ويوزّع المعونات، ولا تراه عين السلطة التي ترفض من غيره “الجود المُدِرَّ للعائد الانتخابي”.

لهذا، يستحق أخنوش لقب “أسعد رجل” في هذه البلاد التي لم تعد سعيدة مع حكومة رجال الأعمال المَسْقية بما تبقى من ماء السياسة في حزب الاستقلال.

طبيعيٌ أن يرى “عزيز المغرب” الشعب فرحاااان. وشخصياً، أتفهّم وضعية السيد رئيس الحكومة، فالنفسُ البشرية شديدة المكر، ويمكن أن يُسقط المرءُ أحواله على كل ما تقع عليه عينه.

نحتاج فقط أن نرى الأوضاع من منظور رجل الأعمال الناجح الذي يشتري الانتخابات ليملك البرلمان، ليُشرّع لنفسه، ويُخفّض الضرائب على شركاته وشركات أصحابه، ويعدّل القوانين ليمهّد الطريق لاستثماراته. نحتاج أن نرى المغرب بنظّارات عزيز و”ها العام زين”.

منكوبو زلزال الحوز، من داخل خيامهم الممزقة، كأنهم في غزة، تراهم عين أخنوش فرحانين. الرجل يزورهم ويطمئن عليهم باستمرار!!، مثلما قال. وإذا لم يُنجز الإعمار هذا العام، فليتأمّلوا خيرا العام المقبل أو الذي يليه. لا زربة علا صلاح.

لفرطِ سعادة رئيس حكومتنا، يسْحبُ منه رئيس الدولة الإشراف السياسي على الانتخابات ولا يحزن. ويسْحبُ من الوزير الذي “فوّت” له وزارة الفلاحة دعمَ قطاع المواشي وإعادة تكوين القطيع الوطني بتكليف وزارة الداخلية ولا يشعرُ أن في الأمر ما يُسيء.

يُلغى عيد الأضحى بسبب (الجفاف) وسياسته في قطاع الفلاحة لأكثر من 17 عاما ولا ينتبه إلى أنه ربما مسؤول.

فائضُ السعادة الذي يتمتّع به رئيس حكومتنا المحظوظ يحميه من أن يكْتئِب كأي سياسي يطوِّقه الفشل حيث دار. نجاحات استثماراته وتصاعد الأرقام في حساباته البنكية تُعميه عن أن يرى أي مشكل في البلد.

لربما يعتقد أن الشعب يُراكم الثروة كما يفعل، وأن عموم المواطنين يرفلُون في الصفقات، وأنهم مشغولون كما “انشغالاته”: برئاسة الحكومة، وبرئاسة جماعة أكادير، وبرئاسة الحزب، وقبل ذلك وبعده، وتحته وفوقه، مشغول بتنمية ثروته. لا يعرف رئيس الحكومة الأسعد في العالم أنّ معدل البطالة في بلده، بحسب الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024، بلغ نسبة 21.3%.

لم تخبر المندوبية السامية للتخطيط “السيد الرئيس فرحان” أن عدد العاطلين ارتفع بـ58 ألف شخص ما بين سنتي 2023 و2024.

لا يرى الناس تحتجّ في أكادير التي يدير جماعتها. ولم تصله تقارير عن مستشفياتها التي تشبه المسالخ. ولم يسمع بدواوير يقطع سكّانها الكليومترات للاحتجاج، على الأساسيات لا الكماليات. يطلبون الماء والكهرباء والمستشفى والطريق.

لم تصله أصوات الاحتجاج من تاونات وأزيلال وبني ملال ومكناس والصويرة.

وإن كان من فضلٍ للسيد فرحان، فقد صرنا نعرف (بعد جهلٍ) مناطق أيت بوكماز وأيت عياش وبوعروس وأيت محمد وتيلكيت وتاكلفت وأيت عباس وأيت برتو وأيت أوسكين وماترت وتمدروست وأفلايان، وتيسيان، وغيرهم الكثير.

بفضل رئيس حكومتنا، أمدّ الله في أعمارنا حتى رأينا رجال الأمن يُطاردون المحتجين في الخلاوات فيما الغبار يتطاير. وبفضل “سياساته الاجتماعية” و”مؤشراته” المعطوبة “حرّك” سكان الجبال والمداشر والدواوير، بعدما كادت الدولة تنساهم.

قصارى القول

في المغرب، لا نعرف على وجه اليقين لأيّ سبب نؤدّي الضرائب إذا كنّا لا نُعلّم أبناءنا في مدارس الدولة التي لا تزال تُجَرِّب منذ الاستقلال، ولا نُعالج في مستشفياتها الموبوءة.

ندفع ليتعلّم أبناؤنا، وندفع للعلاج. ونحن نقبل بهذا الجنون و”الرُّخص”، لا تحمينا الدولة من “وحوش الجشع” ممن أُرغمنا على حشْرِ أبنائنا في مدارسهم، ومن نمنحهم أجسادنا ليفعلوا بها ما شاءوا وبالتسعيرة التي يريدون. تشعر أن الدولة شريكةٌ في “إبادة” قدرتنا على العيش.

ومع ذلك، وإن كان أخنوش أسوأ نسخة لرئيس حكومة متغوّلة وشرهة وترى الحُكمَ همزة، فهو جزءٌ من بنية. النظام السياسي الذي يعاني “فقرَ دم” بخصوص الديمقراطية والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة هو البيئة المثالية للفساد. أخنوش تمظهرٌ للعطب.

حين تستقيل الدولة عن واجباتها، وتختار أن تُجرِّب حدود قدرة الشعب على التحمّل، يأتي “المستثمرون” في أعطاب الديمقراطية ليراكموا الثروة.

حين تركبُ الثروة ظهرَ السلطة، انتظر العجائب.

السيد فرحان، في بيئة سليمة وديمقراطية، وفي نظام سياسي حيوي يتمتع بالمنّاعة من الفساد وتضارب المصالح والمناصب، أقصى ما كان يصله هو منصب رئيس جماعة. أن تشتري الانتخابات لا يعني أن تنجح في تدبير شؤون بلد، وأن تفرّق المعونات لا يعني أنك تصنع تنمية. صراخُ المواطنين من مداشرهم وقُراهم يُنبئُ بأن شيئاً ما غير صحيح. قبل المونديال، انظروا هل الشعب بخير.