story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

تقرير: مراكز النداء في المغرب.. صناعة حديثة بملامح استعمارية ومعاداة للنقابة

ص ص

أبرز تقرير حول تاريخ العمل النقابي في مراكز النداء بالمغرب أن هذه الشركات، منذ تأسيسها في أواخر التسعينيات، عملت على فرض مناخ مغلق يقوم على حظر أي وجود نقابي وتأجيل مستمر للانتخابات المهنية المقررة منذ 2004، مع تهديد بالفصل لكل صوت مخالف.

وأصدر التقرير كل من المجلس المدني لمناهضة جميع أشكال التمييز ومعهد بروميثيوس للديمقراطية وحقوق الإنسان، تحت عنوان “مراكز النداء في المغرب: هشاشات نيكولونيالية وأشكال جديدة للدفاع النقابي الذاتي”.

أيوب سعود، أحد الفاعلين النقابيين، أورد ضمن التقرير، أن أرباب العمل أرادوا موظفين “قابلين للاستغلال بلا حدود، جاهزين للعمل دون الاعتراض”، مضيفا “لم يكن الخطأ على الرؤساء، فقد باعوا لهم في البداية أن الموظف المغربي مستسلم، جاهز للعمل دون التساؤل عن ظروفه، وأن مسألة الحقوق ليست من أولوياته”.

وتابع النقابي: “باعوا لهم أن الموظف المغربي لا يسعى إلا لكسب لقمة العيش حتى لو كان في وضع هش، وهو ما دفع المستثمر الفرنسي للقدوم إلى المغرب حيث وعدوه بهذا الموظف القابل للاستغلال”.

ويشير التقرير إلى أن سنة 2008 شكلت “لحظة فاصلة بكسر هيمنة هذه العقلية”، إذ أسست ليلى نسيمي أول فرع نقابي رسمي بمركز اتصال تابع للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وقد انضم أكثر من 60٪ من الموظفين بالموقع إلى النقابة، رافعين شعارات ضد إنكار الحقوق الثقافية ورفض فرض الأسماء الأجنبية وحظر اللغة العربية في العمل.

في هذا السياق، برزت تجارب أخرى مثل احتجاج موظفي ويب هيلب بفاس سنة 2010 تحت لواء الاتحاد الديمقراطي للشغل ثم الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، ورغم تدخل السلطات المحلية للوساطة، لم يتحقق تقدم ملموس لصالح الموظفين، لكن التجربة عززت شعوراً عاماً بضرورة النقابة كوسيلة للضغط.

ومع ذلك، أشار المصدر إلى أن الهياكل النقابية ظلت مقيدة بفعل غياب التفاوض والفصل الانتقائي وتفضيل ممثلين غير منتسبين.

ثم جاءت سنة 2011 لتشكل منعطفاً سياسياً ونقابياً، حيث حملت دينامية حركة 20 فبراير مطالب العدالة الاجتماعية والكرامة إلى داخل مراكز النداء، وذلك بعد أن ظهرت في الدار البيضاء والرباط وفاس ومراكش نوى نقابية نشطة ركزت على تفعيل قانون الشغل وتنظيم الانتخابات المهنية، وأصبحت مسألة التمثيل النقابي شرطاً أساسياً للنضال وتحسين الظروف المادية والرمزية.

وأشار أيوب سعود، أحد الفاعلين النقابيين في هذه المرحلة، إلى أن لحظة 2011 أفرزت خطاباً جديداً حرّر ما كان مكبوتاً، كما سمحت بابتكار أشكال عمل نقابية مرنة، بما في ذلك طرح القضية على المستوى الدولي عبر نقابات فرنسية وأوروبية ودعم إعلامي خارجي.

وقد أدى هذا الأمر إلى بروز شكل من “التهجين النضالي” جمع بين تقاليد النقابة المغربية والممارسات العابرة للحدود، حيث لم تقتصر النضالات فقط على الأجور، بل شملت أيضاً قضايا الصحة النفسية والجسدية، مثل الإرهاق المهني والقلق واضطرابات السمع، واعتُبرت مراكز النداء مختبراً لاستغلال الرأسمالية الرقمية، ما جلب تضامناً عابراً للحدود مع العاملين فيها.

ومن الأمثلة البارزة التي أشار إليها المصدر، تجربة “توتال كول” التي شهدت إضراباً واعتصاماً سنة 2011، حيث ساهمت هذه التجربة في دفع النقابات الكبرى مثل الاتحاد المغربي للشغل إلى الاهتمام بالقطاع ودمج أعضائه ضمن هياكلها، كما حصل العاملون على دعم من المجتمع المدني والمنظمات الدولية، ما عزز موقعهم في مواجهة إدارات الشركات.

وبعد عمل ميداني طويل امتد من 2012 إلى 2015، تمكن الاتحاد المغربي للشغل من دخول القطاع بقوة وانتخب 120 مندوباً، وأكد التقرير أن هذه الشرعية منحت دفعة جديدة للمطالب، خصوصاً المتعلقة بعقد اتفاقية جماعية خاصة بالقطاع، باعتباره يملك خصوصيات لا يغطيها القانون العام، غير أن الإدارات اعتمدت أساليب لإفراغ الاعتراف النقابي من مضمونه والاكتفاء به كواجهة لصورة اجتماعية.

ومع ذلك، أتابع المصدر، أن الانتخابات المهنية اللاحقة، خاصة سنة 2021، أظهرت أن التعبئة النقابية ما زالت مستمرة، إذ ارتفع عدد مندوبي الاتحاد المغربي للشغل إلى أكثر من 200، غير أن تحديات جديدة ظهرت إلى السطج، أبرزها تعيين مديري الموارد البشرية ممثلين قانونيين للشركات، ما يخفي مراكز القرار الحقيقية ويخفف مسؤولية المجموعات الدولية، حيث يرى النقابيون أن هذا الواقع يستدعي تعزيز دور تفتيش الشغل وإصلاحات قانونية لضمان الشفافية وحماية الحقوق النقابية.